26 نوفمبر، 2024 3:22 م
Search
Close this search box.

من ساسون سوميخ، عن أكرم الوتري

من ساسون سوميخ، عن أكرم الوتري

أخي حسين
شكراً لك على مقالك حول وفاة صديق الشباب أكرم الوتري، رحمه الله.
الخبر وقع عليّ وقع الصاعقة، رغم علمي أننا كلنا نسلك نفس الطريق، آجلاً أم عاجلاً.
ولشد ما إنفعلت لمرأى صورة غلاف “الوتر الجاحد” التي أرفقتها. ولهذا الغلاف ذكريات. كنت طالب ثانوية، وأذكر أني ذهبت مع المرحوم أكرم إلى باب المعظم حيث كانت مطبعة الرابطة، لصاحبها عبد الفتاح إبراهيم لمراجعة أصول الطباعة، وأعجبني تصميم الغلاف بخط الخطاط المعروف هاشم، وكان له دكان في شارع الرشيد على ما أذكر.
أشكرك أيها الصديق العزيز على الكلمة الحارة التي ذكرتني بها في المقال.
بالنسبة إلى شعر أكرم الوتري، أوافقك الرأي من أنه كان أشعر شعراء جيله، لكن مشكلته أنه كان ملتزماً بالشكل العمودي للقصيدة، ولم يخض محاولات شكلية كالسياب، لذلك لم يجد شعره- رغم جماله الفائق- إهتماماً كافياً من القراء، مما دفع به لأن يهجر الشعر بعد ديوانه الأول.
ساسون
23/11/2013
تعليق:
واضح من الرسالة أعلاه مدى حب الاستاذ الكبير ساسون سوميخ لصديق الصبا والشباب المرحوم أكرم الوتري، رغم بعد الشقة بينهما، فالأول يهودي عراقي، هاجر في بداية الخمسينيات إلى إسرائيل، وتبوأ في حياته أعلى المراتب العلمية، ويكفي أنه مؤسس قسم اللغة العربية في جامعة تل أبيب. أما الثاني فعراقي مسلم، تبوأ هو الآخر أعلى المراتب الحكومية، فهو المستشار في وزارة الخارجية، والخبير القانوني، وعضو المحكمة الدولية في لاهاي، ورئيس اللجنة القانونية لجامعة الدول العربية، ومؤسس معهد التقدم للسياسات الإنمائية. لكن تصوروا طالباً في السنة الثانية في كلية الحقوق يصطحب صديقه اليهودي وكان في المدرسة الثانوية، ويمضيان إلى المطبعة لمراجعة باكورة الحياة. أية ثقة بالنفس تلك التي كان يتحلى بها الرواد العراقيون الأوائل؟ كانوا حقاً مصابيح غالية، ما زالت تنير لنا دروب العلم والحضارة. أنظروا للوتري قوله في “بغداد الحزينة”:
الساعةُ التعبى تظل تطل من خلل الدخانِ
تحصي المهازل والمآسي بالدقائق والثواني
وبعد سنين لاحقة، يأتي شاعر نادر آخر هو البريكان، يأخذ المشعل من يد الوتري، ويرفعه عالياً، فيقول:
بين البروجِ يزيد طولك بالدقائق والثواني
فتفر منك الكائنات، وتختفي وسط الدخانِ
غولاً وحيداً. أيها الإنسان من غسق الزمان
ثم أنظروا اليوم، ماذا تجدون؟
لا نرى غير من يحط قدر الشيعة وكأنهم جاءوا من السماء ونزلوا العراق. ولا نرى غير من يثلب السنة وكأنهم جاءوا من المريخ. يتآمرون على العراق، ويرقصون على جراح العراقيين. مذلون، مهانون، ذلك أنهم يعرفون- ويحرفون- بأن المؤامرة الإمبريالية على العراق لم تأت ساعتها بعد، فلا العراق الهند، ولا “المنطقة الغربية” فيه باكستان.
فأين المصابيح في هذا الليل البهيم؟

أحدث المقالات