مقدمة مختزلة:
بعد التغيير الحاصل في العراق عام 2003، من خلال التدخلات الدولية المباشرة عسكرياً في غياب الشرعية الدولية، بتجاوز أمريكا وبريطانيا على خط ومسيرة مجلس الامن، والمنظمة العالمية المتمثلة بالأمم المتحدة، الحاصل بأستخدام القوة من قبلهما للتغيير في العراق (الأحتلال)، دون وجه حق ضمن المواقف الدولية المشروعة، والأقسى من ذلك شرعنة التدخل لأحتلال العراق فيما بعد بقرار دولي، وتعيين حاكم أمريكي مدني له (بول بريمر)، والأتعس من كل ما جرى هو أقامة مشروع تعسفي عراقي جديد، على أسس طائفية مقيتة وتعنصر قومي مقيت، ليشكل مجلس حكم بائس متكون من 25 عضو، خاضع تماماً للحاكم المدني الأمريكي، بعدها تعاقبت مجرى الأنتخابات العراقية، دون أن تحقيق أية خدمة للشعب العراقي وأي تطور لبلدهم، بل والعكس هو الصحيح، مع منح دور فاعل لأيران بالتدخل المباشر بالشأن العراقي.
الأنتخابات:
أستمر حكم الحاكم الأمريكي المباشر للعراق بول بريمر لمدة عام واحد، ليتم تكليف د. أياد علاوي لرئاسة الوزراء كحكومة مؤقتة في 28 حزيران عام 2004، حتى أجراء الأنتخابات البرلمانية عام 2005، أستناداً على الدستور العراقي الدائم المستفتى عليه في العام نفسه، على اساس التحالفات الطائفية والقومية العنصرية، بعيداً عن مصلحة الوطن والمواطن.
فتوالت أنتخابات ثانية عام 2010 على نفس النمط الأول، غارقاً بالطائفية المقيتة والتعنصر القومي المدان على حساب المواطن العراقي، خارج جميع المقاييس الأنسانية ومراعاتها الوطنية، وخاصة الفقراء والمحتاجين وعموم شغيلة اليد والفكر، لتنتج بطالة دائمة ومستديمة قاربت لعقدين من الزمن.
في هذه الأنتخابات فازت القائمة الوطنية العراقية بأكثر المقاعد البرلمانية برئاسة علاوي، مقارنة بالقوائم الأخرى الطائفية والقومية، لكن فوزها لم يرى النور، لتتقدم عليها القائمة الطائفية الشيعية برئاسة المالكي ليتولى رئاسة الوزراء ثانية، مستمراً في حكم البلاد والعباد بطريقة فاشلة وفاسدة لأكثر من ثمانية أعوام، فزاد الطين بلة بعد فقدان العراق لأكثر من ثلث مساحته ولأكثر من ربع نفوسه، من قبل قوى أسلامية متشددة (داعش) فأجرمت بحق الشعب والمنطقة التي أحتلها برمتها، وخاصة موصل المدينة الثانية بعد بغداد في 10 حزيران عام 2014، بالرغم من تواجد فيلق عسكري كبير وقوات للشرطة العراقية لا يستهان بها، من حيث القدرة العسكرية والقتالة تدريباً وعدة وأسلحة متطورة، مقابل 300 داعشي جاء من وراء الحدود الى الموصل وضواحيها حتى وصوله الى مشارف بغداد، ولاحقاً سنجار وسهل نينوى في وضح النهار دون رادع حكومي، في 6 آب 2014، ليتمادى بحكم المنطقة المحتلة بالحديد والنار وتحت رحمة السيف الأسلامي تحت أسم الله وأكبر وفق نظرية أسلم تسلم، فقتل وشرد وسبى شعبنا المسالم من القوميات والأديان المختلفة، وخاصة الأيزيديين والمسيحيين في سنجار الذين وقعوا في شرك داعش الأجرامي، ليفتك بهم قتلاً وسبياً وأختصاباً وتشريداً، ولاحقاً بلدات سهل نينوى من الكلدان والسريان وتشريدهم من ديارهم، وقبلهم أهل الموصل من المسيحيين حصراً، بعد تجريدهم من جميع ممتلكاتهم بما فيه وثائقهم الخاصة.
هكذا تكررت الأنتخابات الحاصلة في 2014 بنتائجها المعلومة، كسابقاتها وعلى نفس المنوال الطائفي والعنصري المقيتين، من دون مراعاتها لأبسط القيم الأنسانية وحقوقها الوطنية، فيبدأ العد التنازلي الواضح لعكوف الشعب ومقاطعته للأنتخابات المتكررة لكل أربعة أعوام على التوالي، أنتجت حكومة برئاسة العبادي، عهدت لها هزيمة داعش عسكرياً فقط عام 2017، دون أن تحقق شيئاً للتغيير المطلوب في القضاء على الفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة، لا بل زاد الطين بلة، عندما أوجدت فصائل الحشد الشعبي المؤثرة عملياً في الواقع العراقي، بحجة محاربة داعش، والتي لا زال الشعب يدفع الثمن الغالي، من جراء وجود فصائل الحشد الشعبي ولائها لأيران، تقتل وتعتقل وتغيب وتخطف وطنيي ومثقفي وناشطي العراق، وخاصة الشبيبة الثائرة والمنتفضة بوجه الظلم والظلام، التي طالبت بحقوقها المشروعة سلمياً ووفق الدستور المستفتى عليه شعبياً والمقر برلمانياً. حدث ذلك في ظل حكومة ابو العدس (المهدي)، بموجب معطيات أنتخابات 2018، التي واجهت الأنتفاضة التشرينية الشبيبية عام 2019 بالحديد والنار، فقدمت الشبيبة العراقية المزيد من الدماء العراقية الوطنية، بشهداء أكثر من 800 ولأكثر من 30 الف جريح ومعوق، نتيجة عنف السلطة المهدية الأسلاموية البغيضة، فتم أسقاطها ورحيلها عام 2020 بفعل أنتفاضة تشرين.
ودواليك أنتخابات العراق الأخيرة المبكرة التي فرضت على حكومة الكاظمي في تشرين عام 2021، بنتائجها التي تنتظر أعلانها في شهر نوفمبر عام 2021.
كانت نسبة المشاركة في هذه الأنتخابات كنذيراتها في عام 2018 والتي لم تتجاوز عن 18%، أنها نسبة متدنية جداً، والتي قال الشعب العراقي كلمته المحقة، بأن الأنتخابات حصيلتها التزوير والخطف والأعتقال والقتل، بعد أن نهب المال العام ووظف لشراء الذمم، وسيطرة السلاح على الشارع دون سيطرة الحكومة، مع أنفلات أمني واضح دون نتائج وبصيص ضوء في الأفق، بل عتمة وظلم دامس للحياة العراقية، من قبل الملشيات المنفلتة الخارجة عن القانون من جهة، وسيطرة عصابات السلطة والأحزاب المتنفذة على المال العام والفساد المستشري في عموم أجهزة السلطة دون رادع يذكرمن جهة ثانية.
مقاطعي الأنتخابات الأخيرة:
أول المقاطعين للأنتخابات البرلمانية التشرينية الأخيرة المبكرة، هم الشبيبة التشرينية المناهضة للطائفية والتعنصر القومي والتي أسميها ب (ماعش)، الذي لا يقل خطورة عن داعش كونه في خدمتها وديمومتها، كما قاطعها حزب البيت الوطني والحزب الشيوعي العراقي بناءاً عن الأستفتاء الحزبي الداخلي بالغالبية المريحة، وتلك حالة صحية وصحيحة أقدمت عليها قيادة الحزب الشيوعي للتشاور وأبداء الرأي لعموم كوادر الحزب.
التدخلات الدولية والأقليمية:
ليس خافياً على المتابعين للشأن العراقي، بالتدخلات الأقليمية والدولية بشكل سافر بالشأن العراقي، وخاصة الأنتخابات المتعاقبة منذ قيامها في عام 2005 ودواليك حتى التشرينية المبكرة عام 2021، المتمثلة بأمريكا وأيران وقطر وأخيراً كما قيل الأمارات العربية المتحدة، بالأضافة الى التدخل السوري والتركي المتواصل في الشأن العراقي، لما يقارب عقدين من الزمن بعد الأحتلال البغيض وما قبلهما، والوضع العراقي بات معقداً بسلاسة دون أي بصيص ضوء في الأفق للحلول النهائية.
المطلوب:
بأعتقادنا المتواضع سيناريو الهدم والدمار والخراب مستمر بشكل متواصل، بفعل التدخلات المباشرة دولياً وأقليمياً وفق النهج التوافقي الممنهج وخاصة (أمريكا وأيران)، هدفه أحتلال المنطقة على المدى البعيد بموجب نواياهم الخاصة المعروفة للداني والقاصي، هدفهم الرئيسي هو قلع الروح الوطنية الحيّة الصلبة للمواطن العراقي، الذي أبتدأه النظام الصدامي العفلقي بقتل روح الوطنية والمواطنة العراقية، ليكمله الأسلام السياسي الشيعي والسني على حد سواء، بالتعاون والتآلف والتآزر مع القوى العنصرية الكردية والعربية على اساس مصالح شخصية طائفية مقيتة وحزبية وفردية، على حساب شعبنا العراقي عامة والكلداني الأصيل وحضارته العريقة الدائمة لأكثر من سبعة آلاف عام خاصة.
ومع كل هذا وذاك ومما طرحناه أعلاه، نحن متفائلون بقوى شعبنا العراقي الوطني المجرب تاريخياً، لبناء دولة الوطن والمواطنة وحقوقهما العادلة المضمونة، على أساس العدالة الأجتماعية ضمن دولة مدنية ديمقراطية، تعمل لحياة أفضل تطورياً، من جميع النواحي الحياتية، الأجتماعية والسياسية والأقتصادية والأدبية والثقافية والصحية والتعليمية والخدمية.