على مدى قرون , وبيت شعر المتنبي الذي عجزه “يا أمة ضحكت من جهلها الأمم” , ينخر في أعماق وجودنا ويرسم نمطية آليات تفكيرنا , التي تفرغ أعماقنا من قدرات الثقة بالنفس والإحساس بالقيمة والدور والتأثير.
فالكثير من الأمثال والأقوال والأشعار السلبية , أسهمت في بناء الحالة النفسية للأمة , بأجيالها المتواكبة , حتى أصبحنا نستلطف الكتابة والحديث عن الموضوعات التي تسفه وجودنا وتنال من ذاتنا وهويتنا وقيمتنا.
بل أن الأفكار والكتابات السلبية لها أسواق رائجة وقراء يتزايدون , وكأننا نتمتع بالضحك على أنفسنا , والنيل من وجودنا بماضيه وحاضره ومستقبله.
بل وقد وصل بنا الأمر إلى أن نعادي ما يمت بصلة لمعنى حياتنا وعقيدتنا , فرميناه في جحيم الويلات والتداعيات وآبار الخسران.
وعندما نتصفح ما يُنشر في الصحف والمواقع , يبدو جليا المنهج السلبي والطرح الذي يجرّد العرب من قيمهم ومعاني وجودهم , وبأنهم لا يملكون مؤهلات الصيرورة المعاصرة , وعليهم أن يخنعوا ويذعنوا ويستسلموا , ويغادروا بلدانهم , ويتركونها للآخرين لتُهدى إليهم.
وعلينا أن نقول: “يا أمة نهلت من علمها الأمم” , فالرأي المنصف والقلم الحاذق الصادق الذي يبحث عن الحقيقة ويسعى لتنوير العقول , عليه أن لا ينساق مع هذه الموجة الإتلافية الإنقراضية , الساعية إلى تدمير الوجود العربي وتحطيم دور الأمة وإلغائه.
فالواقع يقول بصوتٍ عالٍ ووضوح ساطع , أن أمة العرب قد نهلت من علومها الأمم , وهي التي أسهمت في إستنهاض الوجود الإنساني , وتحريره من قيود الظلام والأوهام والإنحرافات السلوكية , ووضعت الدنيا على سكة الإنطلاق الحضاري المشرق المطلق الذي نتنعم يعطاءاته , ولا تزال تساهم في زيادة مساحة الإشراق الأصيل!!
أمتنا حيّة معطاء , نابضة بالطاقات والقدرات المتميزة , وإن خمدَ أوارها لوقت فأنها ستتأجج وتنطلق في مشوارها المعبّر عن ذاتها وجوهرها.
أمتنا عندها إرادة عزيزة وكرامة أبية , وفيها ينابيع خير دفاقة , ويحمل أبناؤها موروثات حضارية وضّاءة لا تستغني عنها الإنسانية , ولها في كل محفل إبداعي صولة ومقام , وأنوار تشعشع في أرجاء الدنيا.
وستبقى أمة الأنوار ساطعة الكيان!!