بعد اعلان المفوضية العليا المستقلة لنتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في العاشر من شهر اكتوبر الماضي وبعد ان أنهت الهيئة القضائية النظر في الطعون من قبل القوى السياسية المعترضة ، فان كل الأنظار تتجه نحو المحكمة الاتحادية العليا التي لا تملك الا المصادقة على فوز المرشحين او عدم التصديق على البعض مثلما جرى في الانتخابات الماضية… إذن فان الامر محسوم والانتظار تحصيل حاصل والنتائج نهائية ومن قراءة متأنية لها يتضح الاتي:
١. ان القانون الانتخابي الجديد الذي طبق في الانتخابات أنهى سيطرة الاحزاب المخضرمة على المشهد السياسي ، لانه لم يفصل على مقاسها مثل نظام سانت ليغو ، وكان قريبا هذه المرة من ترجمة إرادة الناخب الحقيقية دون التفاف.
٢. ان الترشيح الفردي منح المستقلين ٤٣ مقعدا في البرلمان المقبل ، وهو رقم ممتاز مع تجربة اولى… ولو كانت نسبة المشاركة عالية لكان للمستقلين نصف مقاعد البرلمان واكثر؛ بعد ان مل المواطن – الناخب من اداء الاحزاب السياسية طيلة السنوات الماضية والفشل الكبير الذي رافقها في إدارة الدولة والحكم.
٣. ان النتائج جاءت موزعة بشكل لا يستطيع مكون او تحالف تشكيل الحكومة منفردا الا بمشاركة قوى اخرى ، وهذا مؤشر جيد على التنوع في الحكومة المقبلة وعدم احتكارها من قبل جهة سياسية واحدة.
٤. استعجلت المفوضية بإعلان النتائج الأولية وتغييرات المقاعد الخمسة الاخيرة نتيجة الطعون شككت في مصداقيتها.
ان اعلان نتائج الانتخابات الاخيرة لا تحتاج من القوى السياسية مزيدا من الجدل بشأنها بقدر ما تحتاج الى سيادة لغة الحوار البناء والانفتاح على الاخر وبذل المزيد من الجهود لتشكيل حكومة قادرة على النهوض بالتحديات الكبيرة التي تواجه البلاد بدءا من الازمة الصحية المتعلقة بفايروس كورونا ومتحوره اوميكرون الذي اقلق العالم اجمع مرورا بأزمة الخدمات المتردية وواقع البطالة المتفشية وصولا الى ازمة الجفاف وشح الأمطار التي تضرب بقوة حياة الناس والواقع الزراعي والثروة الحيوانية… فلا مجال للخلاف فنحن بحاجة الى حكومة مستقلين من التكنوقراط والبرلمان القادم يفترض ان ينقسم الى داعمي الحكومة من الفائزين ومعارضة من الخاسرين وكتلة مستقلين يميلون حيث ترجح كفة المصلحة الوطنية دون مجاملة او محاباة ، اما ان تحاصصت القوى السياسية المناصب وتفتت المستقلون فان الامر سيبقى على ما هو عليه ولم تأتي الانتخابات بجديد.