أكلة سامرائية بإمتياز , لذيذة نافعة , خصوصا في الشتاء , إذ تمنح سعرات حرارية عالية , وطعمها يبقى راسخا في ذاكرتك , فهي من أشهى وأطيب الأكلات بعد البامية أو البانية ” النيسانية”!!
تسمى المدكوكة ولا يُعرف لماذا , فربما لأنها تصنع بالجاون , وهو قطعة من جذع شجرة مجوف , وهناك جذع خشبي نحيف ينتهي برأس مستطيل من الخشب أيضا , ويوضع التمر ” الجسب” , ويضاف إليه السمسم المحموص أو المقلي , ويخلط التمر والسمسم , ويبدأ “الدق” أو “الدك” في الجاون , حتى ينهرس الخليط ويتجانس , فيقطر منه دهن السمسم عند عصره .
بعد أن تنتهي عملية “الدك” , يفرغ المحتوى في صينية , وتؤخذ حفنة منه بالكف وتعصر لتتماسك , وهي تقطر دهنا , وتوضع هذه الحفنات المعصورة المتماسكة في ماعون أو صينية , وتقدم للراغبين بالتمتع بأكلة المدكوكة.
من أين جاءت فكرة المدكوكة , لا أحد يعرف , لكنها أكلة متوارثة وكم تمتعنا بتناولها , وهي ذات صبغة إجتماعية , وقدرة على لم شمل العائلة والأصدقاء.
والمدكوكة فكرة تعبر على التجانس والقدرة على صناعة النافع اللذيذ من خلط الأشياء ببعضها , وتعريضها لقوة تفاعلها وتمنحها آلية جديدة للتماسك والتداخل والإنصهار.
والقوة أيا كانت إذا سلطت على خليط فأنها تجانسه , أما إذا تمركزت في خليط فأنها تبعثره , وتحقق حالة من التنافر التفرق والتشظي.
وفي واقع بعض المجتمعات أن القوة لم تتوجه نحو الخليط الغير متجانس لتجانسه , وإنما تمركزت فيه فبعثرته وأمعنت بتكوره وتصلده وتحويل موجوداته إلى كرات بليارد متناطحة.
ولابد لهذا المجتمعات أن تستوعب فكرة المدكوكة وتنطلق منها لبناء حالة متجانسة ذات قيمة نافعة , وعليها أن تتذكر المدكوكة وطيب طعمها وقدرتها على لم شمل الناس!!
فما أطيب المدكوكة , يا أمة ولا تفرقوا!!