27 نوفمبر، 2024 9:48 م
Search
Close this search box.

(النساء والكتابة 2-13): وكأن “الرجل” متفرغ للأدب، وليس رب أسرة أو عامل أو يمتهن أية مهنة من أجل الحصول على لقمة الخبز

(النساء والكتابة 2-13): وكأن “الرجل” متفرغ للأدب، وليس رب أسرة أو عامل أو يمتهن أية مهنة من أجل الحصول على لقمة الخبز

 

خاص: إعداد- سماح عادل

قد يعترض بعض الكتاب على تناول موضوع خاص بالكتابة والنساء، على اعتبار أن هذا تفريق لا معنى له، وأنه يفرق بين الرجل والمرأة، على اعتبار أنهما ينتميان إلى صفة إنسان. كما يرفض بعضهم ذلك التصنيف على أساس الجنس، وكأنه مظهر من مظاهر التفريق الذكوري الذي من المفترض أن أصحاب التساؤلات يرفضونه. لكن هل يهتم هؤلاء بأن المرأة تتعرض فعليا وعلى أرض الواقع للتمييز، وأن التصنيف على أساس الجنس أو الامتناع عن التصنيف لا ينفي حدوث انتهاكات بشكل يومي تتعرض لها النساء بسبب جنسهم وفقط.

بمعنى أن التساؤل وبشكل ملح عن الانتهاكات التي تحدث للمرأة لا يجعلها قضية ممجوجة كثر الحديث عنها ولاكتها الألسنة، طالما أن الانتهاكات مازلت تحدث على أرض الواقع، ومازالت تتوالد وتتجدد، فهل تجاهلها هو الحل الأمثل بالنسبة لمن يعترض؟ هل قفل عيوننا عنها ونسيانها هو الحل الأمثل على اعتبار أن التفريق بين الرجل والمرأة أمر غير إنساني؟.

كما أن بعض الكتاب حين يسألون عن صعوبات التفرغ لدى النساء الكاتبات يندفعون في الإجابة حول أن الكاتب الرجل الشرقي في مجتمعاتنا هو أيضا غير متفرغ ولديه أعباء ومسؤوليات، فالسؤال الملح هنا، إذا كان الرجل الكاتب غير متفرغ ولديه مسؤوليات فما بالك بالكاتبة التي تتضاعف عليها المسؤوليات ما بين عمل مدفوع الأجر في الخارج وعمل غير مدفوع الأجر وغير مقدر اقتصاديا اجتماعيا وهو العمل المنزلي وتربية الأبناء ورعايتهم؟. هل يتساوى النساء والرجال في مجتمع ضاغط يطحن الفقراء ويجعلهم يكدحون ليعيشوا؟، والإجابة أن المرأة يقع عليها ضغط مضاعف وتطحن بدرجة مضاعفة أكثر من الرجل.

هذا هو الجزء الثاني من تحقيق (النساء والكتابة)، والذي جمعنا فيه آراء الكتاب من مختلف بلدان الشرق عن الصعوبات التي تواجه الكاتبات، وطرحنا هذه الأسئلة:

  1. في رأيك هل مهام الكاتبة من عمل، ومسؤوليات الأمومة ورعاية الأسرة وأعمال المنزل صعوبات تمنعها من التفرغ للكتابة وتقلل فرصها للتواجد على الساحة الثقافية ككاتبة؟
  2. ما رأيك في مقارنة نصوص الكاتبات من النساء بنصوص وإنتاج الكتاب من الرجال رغم التفاوت الكبير في إتاحة الفرص وتوافر إمكانية التفرغ؟
  3. ما رأيك في تحطيم التابوهات في بعض كتابات النساء، والجرأة في الكتابة. وما رأيك فيها يسمى بالكتابة الأيروتيكية؟
  4. هل استطاعت كتابات المرأة أن تتواجد على الساحة الثقافية في مجتمعاتنا وأن تجد لها مكانا وفي رأيك هل ينصف النقاد كتابات النساء أم لا ولما؟
  5. هل تعتقد أن هناك اختلافات ما بين الكتابات التي تصدر عن النساء وتلك التي يكتبها الرجال وما هي هذه الاختلافات؟

الثقافة الجنسوية تعمل على إثبات هويتها من خلال تزييف الوعي النقدي..

يقول الكاتب الفلسطيني “سليم النجار”: “إن هذا السؤال متاهة, وهذه ليست أول مرة أتوه في واحد من هذه الأسئلة, فأنا وقلمي نشترك في هذا الأمر, وأظن أن هذا ما وقع له.

لقد تاه وسط الحروف والعناوين, وضاع وسط الحكايات التي كانت تسكن وعِيي, ذلك أننا نتشكل من الحكايات, وليس من الجينات ورموزها, ولا حتى من اللحم والجلد والعضلات والمخ. نعم, نحن نتشكل من الحكايات, التي تعيش في ضميرنا الجمعي, وخاصة إذا تعلق الأمر بالمرأة سؤالا ورأيا, وعادة ما نستخدم التورية, وما معنى التورية هي ما نعمد إليه حين نريد أن نقول أشياء تجرح الشعور, ولتجنب ذلك نستعمل كلمات أقل حدة, مثلاً يمكنني أن أقول أن المرأة لا تنال كامل حقوقها في ظل الثقافة الذكورية الطاغية في عالمنا العربي بدل أن أقول أن الإنسان العربي ينال جميع حقوقه, يبدو أن عبارة (لا تنال كامل حقوقها) بدل ينال تعتبر تورية, لكنها ليست كذلك إنها الحقيقة الموضوعية وفق ما سترون دون أي تنميق بلاغي.

إنها ضريبة الكثرة اتجاه الأسئلة عن المرأة – الكاتبة, إنها داء العصر فكل شيء يخضع للكثرة, ونحن نعيش في عالم الكم, محاطين بالأشياء كي ننسى أنفسنا وما يجري هنا بدواخلنا, أننا إذا سألنا من منطلق العادة, فإن الذنب سينتفي لافتقاده أهميته, ذلك أنه لن يغدو منعزلا فضيعا, بل أمرا مألوفا معتادا,  أي شيئا عاديا.

إن الثقافة الجنسوية تعمل دائما على إثبات هويتها من خلال تزييف الوعي النقدي وفي الوقت ذاته تحتفظ بالعناصر غير النقدية وغير الحديثة, وتستغلها بطريقة خاصة كمدخلات في تكاليف البقاء والتكاثر.

من الممكن أن تولد هذه الازدواجية مقاومة وكذلك استغلالا, إن ظاهرة الجنسوية على المستوى الموضوعي هو الإقرار بأن هوية الظاهرة تحددها القوى المتناقضة التي في داخلها, وهكذا فإن عملية وصف شيء ما (في هذه الحالة بنية محددة لتراكم ثقافة الجنسوية) هي في الوقت ذاته تعبير عن الظروف التي يتحين عليه في النهاية أن يتغير في ظلها, وعن الوجهات المختلفة المحتملة التي قد يتخذها هذا التغيير.

وهذا يقود إلى المستوى الذاتي للثقافة الجنسوية تولد أسئلة على أساس الخصوصية التي تؤدي للتفريق بين الرجل/ المرأة – ضمن رؤية التناقض, وكأننا في حلبة مصارعة ولعل حكاية “الفيل والعميان” “تصور فيلا” و تصور “بعض العميان” وهم يقتربون منه ليصفوه: يتحسس الأول خرطومه فيقول إن الفيل يشبه الحية, ويتحسس الثاني إحدى أرجله, فيقول إن الفيل مثل عمود من أعمدة معبد شيفا.

ثم يمسك الآخر, وهو الأعمى الثالث, بذيله فيظن الفيل شبيها بالحبل, ويتحسس الرابع أذنه, فيقول إنه أشبه ما يكون بمروحة كبيرة جداً, وأما ذلك الذي يتكئ على جسم الفيل فسيعده مماثلا للحائط, بينما سيقول السادس, ذلك الذي وضع نفسه تحت الفيل وتحت وطأة وزنه, إنه صنو لصديقك.

يخيل إلي بعد ذلك, أن أسئلة التدوير للنسوية التي تشتبك جملة بتفعيلاتها دون توقُف, يحول دون بروز صورة معاناة الإنسان في هذا العصر بغض النظر عن جنسه.

لذلك تصبح الأسئلة عن المرأة الكاتبة- أو العاملة وتكويناتها البيولوجية مجرد صورة مكررة, وتمويه عن معاناة الإنسان, لأن الكتابة هي مرآة رصد الظواهر الإنسانية بغض النظر عن جنس هذا الإنسان”.

ويواصل: “إن الرواية “النسوية” ترسم سيرتها الذاتية على مرائي المكان, لا ترسمها منعزلة وحدها, فتكون المحصلة أن تفكيرها الروائي يغدو مشكلا بمنظار ثنائي, كما معلوم بالنسبة لي على الأقل: (منظار الذات الروائية- الرواية منظار السياق الثقافي) من هذين البعدين, زاوية الرواية, وتتأسس بدورها على زاويتين هما:

رؤية الذات الروائية إلى ذاتها وإلى العالم, متحاورة مع زاوية نظر السياق المجتمعي والثقافي الذي تحايثه تاريخا وواقعا.

وسأفترض فرضية أولية للكاتبة الروائية “المرأة”: آلة المنطق لا تصلح لشق طريق الرواية بشكل عام, لأن المنطق استقرار وتعليل لا يتحمس للذود عن أقاصي الممكنات كما هي الحال في روايات “المرأة”, ولذلك سأكتفي باقتراح بعض الفرضيات المصاغة على ضوء بعض المحطات الروائية والقصصية الدالة في مسار تجربتين, الروائية “رضوى عاشور” في ملحقتها الروائية “الطنطورة ” والقاصة “سميرة عزام” في مجموعتها القصصية “الساعة والإنسان” ولذلك سنتأمل ثلاثة أركان على الأقل بتأسيس عليها البعد الكوني في هذه التجربتين:

الأول : الركن الملحمي: كما حصل في رواية “الطنطورة” للروائية “رضوى عاشور”, حيث تبدو جغرافية الكون الإنساني في تجلياتها الروائية ممهورة بيسورة غير متناهية للقضية الفلسطينية التي رسمتها “رضوى عاشور” في روايتها “الطنطورة” وتتحرك باستمرار فلا تستكين إلى ثبات.

وسردها مكاشفات على ما جرى في نكبة فلسطين عام 1948, من ذلك النوع الذي يقنعك بأن كل ثابت في عالم الناس اكتمال ناقص, ولذلك فكل جزء من ذلك المكتمل الناقص, معتقدة في صيرورته إلى الذهاب الكامل نحو ذات على غاية من الكمال, هي الذات الساردة. وها هنا نرى الذات القاصة “سميرة عزام” في المجموعة القصصية “الساعة والإنسان” لا ترغب في فضاءات الاستقرار الآمنة في عالم الفلسطينيين.

وحتى حين يتعذر عليها الإمساك بنقيضها, فإنها كعادتها تنخرط في خلقها ممزوجة بما تشعر به معاناتها مع الوجود من مفارقات الفناء المتربص.

إنه وجه الزمان والمكان كما تؤثثهما “رضوى عاشور وسميرة عزام”- الذات في خاليهما وتبنيهما, أي تمنح ملامح الناجعة الوجودية, وهذا ما يمنح فضاءات عاشور وعزام سمات الكائن المخلص الذي هو البديل الموضوعي لعماء الآخرين عن أهمية الإنسان واستثنائيته, لدوره في تدبير الفاجعة الثانية الأمر يتعلق بصورة الكون المؤنث, في سردهما تلك التي تبدو ممهورة بأمشاج ذات الروائية أنثى متمردة مشرئبة إلى مرحلة من الزمان فاصلة بديلة تبنت من رئتي رواية “الطنطورة ” و “الساعة والإنسان” لتبعدا زماننا الذكوري البارد المهجور سلفا, من قلبهما. هكذا نجد الذات الروائية والقاصة تحمل فضاءاتهما الأنثوية كالدم الغائر في شرايين الكتابة, ثم يحدث أن تتبخر الفواجع.

الثالثة: ها هنا – وقد تكون مفردا بصيغة الجمع كما يقال – تبدو مشروخة الأوصال بين خروج جسدي فيزيائي في اتجاه فضاءات مرفوضة سلفا, وبين نزوح روحي جواني من بيت الابتذال المر الذي نختنق به, إلى المعنى المختلف الجميل الذي تتوقف إليهما.

وإذا ما انتقلنا لمقاربات روائية كتبها “رجال” كما يريد السؤال نروم إلى روايتي “البحث عن وليد مسعود” للروائي “جبرا ابراهيم جبرا”, و “قصة حب مجوسية” للروائي “عبد الرحمن منيف”.

إن السرد في رواية “البحث عن وليد مسعود” هو انتفاخ طوعي على فنون المسرح, والبصري والسينمائي, الذي يشكل هذا التوظيف هامش مركية النص خارج المألوف والمتعارف عليه, وليس ما يمكنه أن يجعله ينط داخل أنفاق مغلقة ومتكلسة بحيث إن اهتمامه بهذا الرصيد من التعبير الفني المتنوع والمتجدد, يحفزه على المضي في بناء منجز سردي مأهول بنضج التخييل الذاتي والغيري.

أما رواية “قصة حب مجوسية” لمنيف لملمة لشظايا المنفلت من اتساع الذاكرة, والمتلبس بأقنعة سطحية الواقع والمجتمع والتاريخ والذات, لذلك فمن الضروري أن تخرج الكتابة السردية عن هذا الصوغ التنميطي والمنمذج للشكل, وتباشر هدمها ونفسها لجاهزية المعمار الروائي ويقينية ومطلقة رؤيته, سارحة بكل بذخ تحررها في سماوات الاستعارة والمجاز.

وبهذا تكون محاولة الوقوف على أطروحات الروائي وأسئلته غير قادرة وثابتة, وإنما مستقرئة بها حسب مظاهر تفاعلها, ومدى مجاوزتها للسرد المتخذ عن الكلاسيكية, عكس رواياته السابقة, هذا الجنس الأدبي الذي نتحدث عنه هنا أين المدنية بامتياز, كما هو شأن السينما والتشكيل والمسرح وإذا كانت النظرة المدينية قد أرغمت التجربة الإبداعية السردية, على المثول أمام مرايا غير متجاورة, كما فعلا “جبرا وعبد الرحمن”, فإنها منحت الرواية بالخصوص مساحة من الحرية, لرضوى عاشور وسميرة عزام, امتدت من المكان إلى الزمان, أي أنهما أولتا اهتماماتهما الكلي وشغفهما للممارسة الكتابية الحكائية عبر أبعاد تلفظية دالة وأنساق خطابية تشخيصية حاملة لمعات متحددة, دون المساس بالشكل أو المضمون بل مستلهمة بعض التمظهرات الفنية.

لقد ألح على السؤال حين قرأته, وعلى وجه التحديد قضية التفرغ وكأن “الرجل” متفرغ للأدب, وليس رب أسرة أو عامل أو يمتهن أي مهنة من أجل الحصول على لقمة الخبز, في عبارة أخرى – السؤال يحمل في طياته انتظام أيدولوجي جنسوي قد اتسعت لتعاقب عدة أنماط من الأسئلة المتعلقة بالجنسوية, وما زالت مؤهلة للاتساع لأزمنة أخرى من الأسئلة؟

والسؤال في هذا واضح كل الوضوح: إن التشكل الجنسوي للمجتمع هو شكل إيديولوجي وأي بحث عن إجابات تقليدية للسؤال برأيي ملهاة لا أكثر ولا أقل”.

وعن تناول التابوهات يقول: “للإجابة على هذا السؤال, دعونا بداية نقف في مفهوم الإباحية, هل المقصود هو الحكي في النص الروائي, ما يرفضه المجتمع المحافظ؟ أو اختراق المألوف, وتداول مفردات قد تبدو للوهلة الأولى إباحية بالمعنى المقصود بالسؤال، أنا شخصيا سأبحث عن الإجابة لهذا التساؤل في التراث العربي, لعلي أجد ضالتي وباختصار كلي إن لفظ للتراث تعني ما ترثه الأجيال الجديدة في مجتمع ما من تجارب الأقدمين وأفكارهم العلمية والفكرية واللغوية, وغيرها من النواحي المادية والنفسية الناجمة عن طرق العيش والعادات والتقاليد.

كما يمكن القول إن المجتمع الذي لا تراث له هو مجتمع بلا هوية وبلا لون, فالتراث إذن يمثل الصورة الكاملة لمجتمعه وباختصار تام أيضا فإن مفهوم الإباحية إذا تم تناوله من باب الحداثة هو تحديث أو تجديد ما هو قديم في مجالات الثقافة والفكر والتاريخ وغيرها.

إذن تجديد لا إلغاء ولا اجترار وعلى هذا الأساس, فإن الإباحية قياسا على الرواية التي تكتبها المرأة, يمكن أن تتكون من مجموعة صغيرة من المفردات الجنسية الصدامية, وأحيانا نصوص روائية صادمة, متبوعين عن بعد بالمجموعة الأوسع المتكونة من الممثلين والمؤلفات والمنشطات داخل السرد الروائي.

يبدو أن عملية القياس صائبة كما لاحظ ذلك ألبيريس وآخرون كثيرون في كتابه “المغامرة العقلية في القرن العشرين” قائلا: “بوساطة ظاهرة لم يهتم أحد بتفسيرها وهو ما يبدو صعبا”, فإن الحساسية الأدبية (والفنية بطبيعة الحال) سبقت دائما في عصرنا الأحداث التاريخية التي تعود لتؤكدها وفعلا فإن بودليرو بيراندللو الذين برهنوا على الميكانرمات المتحكمة في المشاعر الاجتماعية, العائلية الجميلة, وفي مشاعر أخرى.

وعليه, فإن الإباحية إذن ظاهرة فنية وثقافية متقدمة بالمعنى الحرفي للكلمة, وهي نوع من الطراز المسبق. ووعي بضرورة التغيير والتوجه نحو استبدال كل شيء في نهاية المطاف وبهذا المعنى الكتابة الإباحية ليست جديدة في النص الأدبي العربي فجلال الدين السيوطي كتب عن النكاح, وسمى كتابه فن النكاح وهو نص عربي بامتياز ومن يقرأ السيوطي فهو نص إباحي بكل ما تحمل الكلمة من معنى.

ونعلم كلنا أيضا أن الاختلافات كبيرة جدا في التشابهات بين هذين المجالين الإباحية والتابوهات ومع ذلك, فإن كل مؤلفة نص إباحي جديد تفكر في دخول غمار الصراع باسم الحقيقة, يسعى بوالو مقدمته لكرومويل يرى فكتور هوغو أن الفن الرومانسي كان أكثر حقيقة, وأكثر تعقيدا من الحقيقة الكلاسيكية وحاولت الواقعية والطبيعية أيضا توسيع مجال الواقع والكشف عن جوانب جديدة, غير معروفة كما حاولت الرمزية, والسريالية في ما بعد استكشاف والتعبير عن الحقائق المخفية.

إن المشكل الذي يمكن أن يواجهه الكاتب/ الكاتبة إذن هو بكل بساطة استكشاف الحقائق والتعبير عنها, فهل كانت الإباحية التي كتبتها المرأة الراوية نحتت مدرسة جديدة لكسر ما يسمى بالتابوهات الإجابة متروكة لقراء النصوص الإباحية؟”.

وعنتواجد الكتابة النسائية على الساحة الثقافية والنقد يقول: “لقد أباح جل النقاد العرب اقتطاف التفاحة المحرمة في شغفهم الموّار لمعرفة جسد المرأة داخل النص الروائي دون أن تؤرقهم عذابات “فاوست” على سبيل المثال, فسرعان ما انسلوا في خفة شاعر من الدائرة النقدية بعيدا عن أقانيم العلة والمعلول إذا جاز التعبير.

أعتقد أن الحديث عن مشهد ثقافي عربي, هي ظاهرة ساخرة, فأمة لا تقرأ كيف تتشكل عندها ساحة ثقافية, كما جاء في السؤال؟

وكما وردت في عبارة باختين “يحمل من إمكانات القول أكثر مما يقول فعلا ” نحن أمة قول نستثمر مكامن طاقات القول بسخرية لإنتاج دلالات متجددة ومبتكرة للسخرية من القراءة والكتابة فأي حديث عن ساحة ثقافية, ودور المرأة/ الرجل/ فيه أراه نص من السخرية المريرة”.

وعنوجود اختلافات ما بين كتابات المرأة وكتابات الرجل يقول: “إن الوعي بالكتابة الروائية وهي تنفتح على السمعي البصري, كامن بالدرجة الأولى في مدى قدرة المبدعة/ المبدع, الروائي على تحمل مشاق البحث في أحراش المتون السردية الحديثة بمختلف مشاربها, وطرائقها التداولية, وطبيعة أساليبها المنتهجة والمبتكرة والنزوع إلى المغامرات وارتياد الآفاق الرحبة والمجهولة لاكتشاف مكامن القوة والضعف في الوعي السردي, والاشتغال على المتخيل المتحدد, وأي كان كاتب/ كاتبة السرد إذا ما تحقق ما تم ذكره سالفا, بغض النظر عن جنس كاتب النص, فالإبداع الروائي له مقومات خاصة به التي تتم الإشارة لها في مطلع الإجابة عن السؤال.

ما يشبه الخاتمة:

إن اختزال الفن الروائي, بالتعريف الجنسوي كأنه يختزل الفضاء المحيط أحيانا في فرشة مكان فريد, مكان على محدوديته وصغره يحيل بثرائه السينمائي على الكوني الفاجع, إذا هو حلبة للخطب والفناء في آن واحد وفضاء تنكشف فواجعها فيه وهي تجادل زمنها الرمادي, الذي أحد سماته تصنيف الإبداع على معيار جنسوي, هذا ما يدفعنا بالقول أننا ما زلنا نعيش ثقافة ذكورية قامعة, أي كان صانع هذه الثقافة امرأة/ رجل”.

المقياس هو عمق التجربة واستيعاب دور الكلمة..

ويقول “عليّ جبّار عطيّة” كاتب عراقي، ورئيس تحرير صحيفة (أوروك): “مشاغل المرأة الإضافية من أعمال منزلية كثيرة تؤثر كثيراً على الإخلاص للمشروع الأدبي والفني، ويمكن القول: إنَّ أشهر الأسماء الأدبية والفنية هي نتاج الغنى والترف، يعني كان هناك مَنْ يقوم بالأعباء المنزلية عوضاَ عن المرأة المبدعة”.

وعن مقارنة النصوص يقول: “العبرة ليست في جنس الكاتب أو لونه، إنما المقياس هو الإخلاص للتجربة والتعبير عن الأحاسيس الإنسانية بصدق”.

وعن تحطيم التابوهات يقول:”لا أظن أن وظيفة الأدب هي الترويج لمثل هذا النوع من الكتابات التي تركز على الغريزة الجنسية لأغراض تجارية.

من أنبل وظائف الأدب تجميل الحياة، ومن غير المناسب أن تتخلى المرأة عن سر جاذبيتها ألا وهو الحياء”.

وعن تواجد الكتابات النسائية على الساحة الثقافية يقول: “نعم المرأة الكاتبة حاضرة وبقوة والأمثلة كثيرة بالأديبات اللواتي يحصدن الجوائز في العالم وفي البلاد العربية.

أما إنصاف النقد فهو موجود ولو على استحياء لأنَّ العلاقات الشخصية تلعب دوراَ كبيراً في تحديد ذلك”.

وعن وجود اختلافات ما بين كتابات النساء وكتابات الرجال يقول: “لا يوجد اختلاف نوعي بين كتابات الرجل والمرأة، إنما المقياس هو عمق التجربة واستيعاب الدور الأساسي للكلمة التي تبقى هي الباقية للإنسان كاتباً كان أو غير كاتب”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة