18 ديسمبر، 2024 11:47 م

الإحتلال والإنحلال!!

الإحتلال والإنحلال!!

التأريخ يحدثنا أن أي إحتلال لأي بلد لا يتحقق إلا بمعاونة أبنائه , وتحولهم إلى أعداء له ولمواطنيه , ليصبحوا أدوات لتأمين إحتلاله من القوى الأجنبية الطامعة فيه.
ومَن يدرس أي بلد محتل عبر التأريخ , ستظهر له هذه المفارقة السلوكية العجيبة.
وما يحصل بعد الإحتلال , أن يُدام الصراع الداخلي ما بين أبناء البلد المدعومين من المحتل , وأبنائه الغيارى على بلدهم , الرافضين لما أصابه من إمتهان وعدوان أثيم.
ولكي يتحرر البلد من أي إحتلال عليه أن يتخلص من القوة المحتلة , وأذيالها المُبتلى بهم , وربما تهذيبهم وإعادة رشدهم وتأهيلهم وطنيا.
ولا يوجد في التأريخ أن قوة محتلة صنعت أدواتها , وأن تلك الأدوات أخذت ترفضها وتنادي برحيلها.
وما يجري في بعض المجتمعات , أن أدوات الإحتلال وأعوانه أخذت تطالب برحيله وخروجه من البلد الذي مكنها فيه , مما يشير إلى أن هناك تبادل في مواقع الإسناد.
فأدوات أي إحتلال لا يمكنها أن تبقى مهيمنة على البلد المحتل من دون الإسناد المطلق من قبل قوة محتلة للبلد.
وعندما تنقلب الأدوات على صانعها , فهذا يعني أن قوة أخرى قد حلت مكانها , ووفرت أسباب تأمين البقاء وتأدية المهام على مايرام.
ذلك هو حديث التأريخ ومنطقه وما علمنا من دروس بوقائعه الصريحة الواضحة.
فالذي ربما سيجري في بعض المجتمعات هو تبادل أدوار ما بين قوى محتلة للبلد , تتفق فيما بينها لتأمين مصالحها بآليات تكافلية , تخفى على الضحايا والأدوات الراضية بما هي عليه , ولا يعنيها سوى أنها تتنعم بفحشها وفسادها , وتعلن ما في جعبتها وبخدمتها من الأضاليل.
إن التأريخ يخبرنا بأن هذه التفاعلات الإفتراسية المتسمة بالنيابة والوكالة والمنفعة المتبادلة , ذات آليات معقدة , ويتم طرحها بأساليب مشوشة للناس , ودفعهم إلى حيث تستوجب الأجندات والخطط , والبرامج والمشاريع التي تضرهم , لكنهم يمارسون أدوارهم العمياء البلهاء في تنفيذها , وهم في غفلتهم يعمهون.
والقوى المحتلة تحصد ما تريد , وتستثمر فيهم من أجل مزيد من الربحية , والقدرة على تأمين تثمير المصالح والأهداف.
فهل من إنتصار على ما فينا؟!!