تحامس القوم: تشادوا وإقتتلوا
“كانوا بالأمس يتخالفون واليوم يتحامسون”
حمس: إشتد أو تشدد
حمس قي دينه: تشدد
ديدننا التحامس , وبسببه تناثرت شظايا وجودنا , وتراكم حطامنا , وعمّ الخراب ديارنا , وكأننا لوحدنا نتخالف , بعد أن أوهمونا بأننا مجتمعات غير متجانسة , ومن أكثرها تعددا وتنوعا , وتخندقا في صناديق وهمنا المؤجج بالإنفعالات , والعواطف المصنعة في مختبرات السوء والبغضاء.
ترى هل وجدتم مجتمعا متجانسا , بمعنى من جنس واحد ولغة ودين وعقيدة واحدة؟
لا يوجد في الدنيا هكذا مجتمعات متخيلة , أو متصورة في عوالم المثال والسراب , والإفتقار لملامسة الواقع الفعال.
إن أقوى الدول هي التي تضم ديانات وأعراق الدنيا بأسرها , والصورة واضحة في دول أوربا وأمريكا , فمجتمعاتها عبارة عن وافدين من كل حدب وصوب , لكنها إستطاعت بهم أن تصنع سبيكتها الوطنية وتوظف طاقاتهم للعطاء والبناء.
أمة الصين فيها ما لا يحصى من اللغات والأديان والعادات والتقاليد , لكنها متماسكة ومتفاعلة بقوة , وكذلك الهند واليابان وبقية شعوب الدنيا.
فلماذا وهم التجانس يطغى على تصوراتنا ويمنعنا من التعايش مع بعضنا؟
مَن سمم وجودنا وأزهق روح كينونتنا المتنوعة الورفاء؟
من الذي لعب بعقولنا ونفوسنا ووظف عواطفنا لتكون وبالا علينا؟
كان علينا أن نتحمس لوحدتنا الوطنية الإنسانية , ونتشابك لنكون أمة واحدة , ذات قدرات فائقة , بدلا من الإندفاع بإتجاه التحامس والتلظي ببعضنا , والتوحل في قيعان الخسران والهوان .
لماذا نقبل أن يُضحكَ علينا؟
ونرتضي دور اللعبة والدمية والتبعية , لتحقيق مصالح الآخرين الذين يجيدون صيدنا وقلينا وأكلنا , مطبوخين بوجيعنا على موائد مكاسبهم , وتحقيق مصالحهم ومآربهم بجهودنا.
فهل سنستيقظ ونستفيق من غينا؟!!