سلفا عذرا على الأطالة.
لطالما حظيت الحركة الديمقراطية الآشورية بالنصيب الأوفر من الأهتمام والأنتقاد من لدن أبناء شعبنا الآشوري التي في أغلبها كانت نابعة من الحرص والتخوف على ما سيؤول اليه مستقبل ومصير هذا التشكيل الثوري جراء الهزات التي كانت تعصف به داخليا والتي ادار لها الجميع ظهورهم غير مكترثين بمصلحة التنظيم الذي أريقت على مذبح ديمومته الدماء الطاهرة ولم يتحرك ساكنا أي منهم بهمة الآشوري الغيور لحلحلتها عبر الوسائل التنظيمية والعقلانية من أجل الحفاظ على تماسك الحركة وصيانتها ناهيك عن عدم رغبة وجدية قيادة الحركة المتآلبة على بعضها والغير متفقة مع بعضها في التعامل مع المصلحة القومية والقضايا المصيرية التي تبناها زوعا بداية أنطلاقته كفصيل قومي آشوري.
هذا الفصيل الآشوري الذي خطت له الطليعة المؤمنة نهجا فكريا وسياسيا أنبثق من رحم المعاناة وزحمة الأحداث والمتغيرات التي أكسبته الشرعية الوطنية والأقليمية والآشورية الذي كانت غايته الدفاع عن الحقوق السياسية والأدارية والثقافية للشعب الآشوري وترسيخ مكانته على الساحة العراقية والأقليمية كي يكون رقما رئيسا مؤثرا ضمن المعادلة الوطنية المستقبلية, كان بالأمكان تحقيق الكثير الا أن الصفات النرجسية والتواطؤ والتفرد بالقرارات والمجاملات من جهة وما كان يدور في الخفاء من محاولات الأبقاء على مناخات الصراع الداخلي قائمة والتي أضحت من أولويات زوعا وملازمة له منذ أواسط التسعينات من القرن الفائت من الجهة الأخرى حالت دون ذلك بسبب طغيان آثارها على عموم الحركة وسلوكيات أعضاءها لينعكس على الأداء التنظيمي والقرار السياسي ومنها على الشارع الآشوري ولتتعمق وتتجذر كي تصبح حالة مزمنة بمرور الزمن. على أية حال أن ما آلت اليه أوضاع الحركة الديمقراطية الآشورية من تفكك وضعف وفقدان الثقة سوف لا يحمد عقباه ولا يغفر لها التاريخ ولا دماء شهداءها الأبرار, وتتحمل تبعاتها كل الواجهات التي تربعت على سدة قيادة الحركة وكل هيئاتها دون أستثناء.
في الماضي وخاصة في ثمانينات القرن العشرين حيث كنا نتوق ان نسمع الكثير عن زوعا وشجاعتهم وحبهم لقضاياهم وخوضهم محن المعتقلات والتعذيب والأعدامات وسوح الكفاح المسلح والثورية والأستعداد للتضحية التي أقدموا اليها بنكران ذات وعن قناعة وأصرار بالأتي, وكم كنا نأمل بأن يستمر ذلك في عقولنا. لكن وعقد التسعينات وما تلاها من محن المشاركة في الحكم والمناصب قد تغير كل شيء بحيث قاموا بتحريف نكران الذات الى الأنانية وحب الذات وكذلك قلبوا موازين العمل الثوري ضد الواقع الفاسد الى نظرية أفساد للعملية الثورية وأما بخصوص النظام الداخلي وبنوده الذي يعتبر حجر زاوية الحركة فحدث ولا حرج بحيث أصبح مزاجي الهوى ومتجاوز عليه, لتأتي بعدها الضربة القاصمة التي بددت كل شيء بعد تهاوي النظام الصدامي عام 2003 وأنفضاح أمر بعض الأعضاء في هرم زوعا بتعاونهم السري مع الجلاد ضد الضحية كمعتمدين في أجهزة صدام المخابراتية بحسب الوثائق المسربة عام 2006 .التي كانت في مجملها عوامل لما آلت اليه قضيتنا الآشورية من ضعف وتلاشي والتي سكت عليها الجميع كعادتهم ومن دون قرارات رادعة لمثل هكذا تصرفات خطيرة ودونية, مضافا اليهما صراعات المحسوبية والكراسي التي فتنوا بها وعمليات التجهيل والاستهانة بالقضية وبمشاعر الشعب الآشوري إضافة الى تشويههم وصهرهم للهوية الآشورية في بودقة الوطنية والكردايتي وأحلال محلها الفكر المسيحي والشعب المسيحي, أزد على ذلك أفرازات ومخرجات مخاطر ما كان يتم تسريبه من داخل قيادة الحركة وأجتماعات لجنتها المركزية بين الحين والأخر.. الخ من الأمور التي خلقت قلقا وتراخيا لدى محبي وأنصار زوعا لتكون محل أحباط الكثيرين التي عجلت من دنوا شعبيتها ونفور مؤازريها. أذن وبقراءة سريعة للمشهد يستدل على ان كل ذلك لم ولن يكن محط صدفة ولا وليد جهل, بل كان عملا مدبرا ومخططا له ليصل الوضع على ما هو عليه.
ليس المطلوب من الحركة الديمقراطية الآشورية (زوعا) الإقرار بخسارتها لأنه كل شيء وارد في عراق المساومات. لكن المعيب والكارثة العظمى حينما يتبين أن خرّاج المساوم عليه كان لأجل المغانم الشخصية وبغطاء زوعوي على حساب القضايا المصيرية التي كانت في تراجع دائم أي بما معناه هنالك من الأعضاء من أستغل منصبه ومكانته وأستخدم ممتلكات الحركة المادية والمعنوية للإساءة الى نضالها وأفراغها من مضمونها العقائدي, وأن مواكبي مسيرة الحركة على علم تام وهذا الأسلوب المشوب بالنفاق والأنتهازية كونه كان قد طبقه اكثرية الذين ألتحقوا بركب قيادة الحركة بعد المؤتمر الثاني عام 1997 فصاعدا بدليل أنهم لم يكدو ولم يتفقوا أبدا على أيجاد الحلول الناجعة للمشاكل والعقد التي لم تكن تفارق ألسنتهم للفترة لما قبل المؤتمر المذكور والتي كان الجميع يأن تحت وطأتها ليتغاضوا عنها بمجرد ما أصبحوا ربابنة. ومما زاد الوضع سوءا وتجلت حقائقه للعيان بعد أن ألقى المؤتمر الثالث عام 2001 في شقلاوه سدوله وقرعته على يوناذم يوسف كنا مع حفظ الألقاب وفق مخطط مبرمج له, لتدخل الحركة فيما بعد في دوامة التفرد الفاضح بأكثر القرارات دون العودة الى القيادة وأزدياد حدة الصراعات والأنقسامات وعملية بناء العصابات الولائية داخل الحركة وقيادتها, ومن ثم عملية تسريب تقارير ما يدور في اجتماعات اللجنة المركزية (غرفة العمليات المخترقة) التي كانت تنزل الى الشارع وتصل الى الأعداء قبل أن تعمم على هيئات الحركة!! والذي في عهده ايضا تفشت عملية تهريب الرفاق من دهوك وأربيل عبر سوريا الى لبنان وأستحصال الفيز لقاء مبالغ مالية والتي كان لها الأثر البالغ في نفوس الكثيرين!!!
أن الأنتحار الذاتي والتآكل الداخلي الذي كان ينخر في جسد الحركة قد تجاوز كل الخطوط عندما تنازلت صراحة في مؤتمر بغداد عام 2003 (مؤتمر خارطة الطريق نحو المجهول) عن مبادئها وعن ثوابتها الفكرية وأيضا عن هويتها الآشورية لتبدأ مرحلة ازدواجية المعايير والتخبط والرمي بالمصير القومي على الغارب عبر البحث كل يوم عن ثياب مرقعة وذات مسخة لا تتلائم والذات الآشورية بل بما يتوالم وأنانية الأفراد وأجنداتها داخل الحركة وأنعكاساتها على المشهد الداخلي ناهيكم عن أعتمادها على القرارات الكيفية والتكتلات والتراخي واللامبالات من قبل الجميع دون أستثناء الذين تسببوا بتماديهم ولسنوات طوال الى أنحسار شعبية زوعا الجماهيرية ناهيك عما كان يتم تسريبه عبر طابوره الخامس من أكاذيب وأسقاطات وأقاويل الواحد على الثاني, وهكذا صارت الحركة الديمقراطية الآشورية بلا هدف ولا قضية ولا مصير يحتم عليها الفداء والتضحية والأقتتال لأجله, لتنقلب موازين العمل القومي وفق نظرية جديدة وهي الأمتثال والخضوع للواقع الفاسد الجديد البعيد عن المخاطر السياسية كما أشتهاه البعض أن يكون بدلا من خوض طريق النضال صوب تغيير ذلك الواقع الأليم الذي بسبه كانت قد أعتلت الهامات أعواد المشانق.
وما زاد من مآسي وعلل الحركة الديمقراطية الآشورية هي المجاميع التي لم تقل شأنا عن سابقيهم ( قياديي اللاموقف) التي أعتلت القيادة عام 2013 على أنقاض السلف ليتكرر ذات المشهد الذي أتوا متممين له لا ناقضين وهكذا دواليك ليعودوا بالحركة الى المربع الأول. عليه أن ما جرى في الانتخابات البرلمانية الأخيرة كان متوقعا وأن زوعا في أغلبه وأخص بالذكر الداركين لمجريات الأمور على علم بأنه لم يعد ذلك الفصيل الذي تلتف حواليه الجموع وتمتلأ له القاعات بالأنصار والمؤيدين والموازرين ولم تعد كلمته مسموعة على الصعيد التنظيمي ولا داخل الشارع الآشوري سواء في الوطن أو في المهجر بأستثناء ما ندر, أذن فحتمية الخسارة وبهذه الصورة ليست بمفاجئة بل كانت متوقعة وكان لها خارطة طريق ترسم وتهيء لاشغال زوعا وأبعادها عن الهدف الذي تأسست لأجله, فمن غير اللائق بأن يرمون خسارتهم على جهات خارجية أو على الشعب الآشوري ولا على قانون الكوتا المسيحية الذي بعلاته كان زوعا أول الموقعين عليه. بل الخراب وأصل المشكلة كانت من الداخل والتجارب على مر السنين أثبتت ذلك وبالملموس وبما معناه أنه لم يكن وليد الساعة وعليه أن يعترفوا بأخطائهم التي أودت بهم والحال الذي فيه. لأنه بفضل جهود الجميع حولوا الحركة الديمقراطية الآشورية الى بؤر لنشر الكراهية والأحقاد والأنقسامات لتلم فيما بعد تحت جناحيها وبفضل العامل التكنلوجي مرتزقة من هنا وهناك ليشوهوا ما تبقى للحركة من سمعة. أذن وأستنادا الى كل ما تم ذكره كان له أنعكاساته السلبية على مصير زوعا وجماهيريته وعلى القضية, هذا الفصيل الذي لم يبقى ضمن رصيده اليوم سوى الأسم وسيرة الشهداء.
اما بخصوص أمتعاض بعض التشكيلات المسيحية من استئثار قائمة بابليون بأغلب المقاعد المخصصة للمسيحيين في البرلمان العراقي لعام 2021 بحجة نيلها أصوات من خارج المكون المسيحي أي أنه حصل عليها من البيت الشيعي بناءا والعلاقة التي تربط كتلة بابليون مع الحشد الشعبي أوالفتح؟ لتلك التشكيلات أقول وفي مقدمتهم الحركة الديمقراطية الآشورية (زوعا), اين كنتم طيلة كل هذه السنين قبل ظهور البابليون؟ وانتم أنفسكم الم تتخذوا من الأحزاب الكردية أصدقاء لكم بحكم الواقع السياسي والجغرافي ومن منطلق الشراكة والمشاركة والتي لم يحصد شعبنا منها شيئا سوى التجهيل والمزيد من التجاوزات على القرى ومصادرة الأراضي والأغتيالات وترهيب ذوي الأرزاق وأصحاب المهن وأمام أعينكم. ولطالما تسابقتم وفي مناسبات عدة المجلس الشعبي والوطني الآشوري وحزب بيت نهرين و من كنتم تتهمونهم بموالاتهم لحزب البارزاني من أجل نيل رضا البرازاني على حساب الثوابت القومية ومبادئ الحركة ودماء شهدائها. عليكم أن تعوا ومن معكم من التشكيلات المسيحية بأن البرزانيين جردوكم من كل شيء ولستم سوى ورقة محترقة ضمن معادلاته والبديل الذي سيحل محلكم للمرحلة القادمة صار جاهزا أو بالأحرى قد حل محلكم وهم رجال الكنيسة الأكثر شعبية وجماهيرية. وأما عن قائمة بابليون التي رأت أن من مصلحتها هو التقارب ألى الجانب الشيعي ذو الثقل السياسي في عراق اليوم, فهي لم تعد سوى نسخة لكم كما كنتم تجدون في الأحزاب الكردية مصالحكم طيلة الثلاث عقود وأكثر, ومصير بابليون سوف لم ولن يكون أسلم ولا أقل من مصيركم .
ختاما على الحركة الديمقراطية الآشورية (زوعا) أن تقر بأخطائها كي تزيدهم أصرارا وأستمرارية هذا اذا كانت لهم الرغبة الحقيقية في المعالجة أوالتغيير, وأن تعلم بِأن ظالتها وسمعتها تكمن في صلابة مواقفها وعودتها الى الجذور, وأن الحركة بآشوريتها وتضحياتها الجسام ومبادئها وفكرها وزنزانات أبو غريب وأعواد المشانق ودماء يوسف ويوبرت ويوخنا وفرنسيس وبيرس وجميل وسنخو … الخ من الأطهار يجب عدم التفريط بها كونها أسمى وأعظم من أن تختزل في بضع تناقضات وأعتبارات أنانية وطفيليات اعتاشت على السمسرة والتي في طريقها الى الزوال وبئس المصير. وليكن بعلم الشعب الآشوري أن جمرة النضال القومي الآشوري للشهداء يوسف توما, يوبرت بنيامين, يوخنا ايشو التي هي جزء لا ينفصل من نضال الحركة القومية الآشورية لم تزل متقدة وسوف تظهر بجهود المخلصين الآشوريين من بين الرماد للوجود ثانية وتتصدى للأزمات التي أفسدت الواقع القومي والبدء ببناء الغد الآشوري المشرق ((تحت شعار آشوري أنا)) لما في الآشورية من دلالات سياسية وتاريخية وعرقية ومعنوية ذات شرعية وقانونية, والذي يعتبر في نفس الوقت محط فخر وأعتزاز لدى كل العراقيين ومصدر قلق لمضاجع الأعداء.
أويا أوراها
ملبورن
[email protected]