أستاذ بالقانون العام
في سابقه قانونيه خطيره وفي تحدي سافر للأصول الدستوريه والاعراف القانونيه.أقدمت حكومة تصريف الاعمال بالعراق برئاسة السيد مصطفى الكاظمي بتوزيع قطع اراضي لكبار رجال الدوله. فقد أصدر مجلس الوزراء قراره رقم 280 لسنة 2021 بتخصيص اراضي للقضاة والوزراء ومن هم بدرجتهم.. وهذا القرار يتنافى والصلاحيات الدستوريه والقانونيه لحكومة تصريف الاعمال.. وقد شمل هذا القرار بقطع الاراضي كل من رئيس واعضاء مجلس القضاء الأعلى وعددهم21 قاضيآ. ورئيس وأعضاء المحكمه الاتحاديه العليا وعددهم 09. ورئيس واعضاء المفوضيه العليا للانتخابات وجميع اعضاء مجلس الوزراء ومن في حكمهم..؟
والملاحظ ان الدستور العراقي لسنة2005 أشار بشكل سريع لحكومة تصريف الاعمال الا انه لم يتطرق لاختصاصاتها للاسف..!! لكن ذلك ورد في النظام الداخلي لمجلس الوزراء العراقي رقم 02 لسنة 2019 في الفقره رقم42 والتي تقول عن اختصاصات حكومة تصريف الاعمال بانها تقوم ( باتخاذ الاجراءات والقرارات غير القابله للتأجيل والتي من شأنها أستمرار عمل مؤسسات الدوله والمرافق العامه بانتظام. ولا يدخل من ضمنها اقتراح مشاريع القوانين او عقد القروض او التعيين بالمناصب العليا او الاعفاء منها او أعادة هيكلة الوزارات والدوائر)..ومن خلال استقراء للماده 42 من هذا القانون نجدها تؤكد على مسأله جوهريه في عمل هذه حكومه تصريف الاعمال.الا وهو وجوب توافر(حالة الاستعجال) ا في قراراتها حين تقول((أتخاذ الاجراءات والقرارات الغير قابله للتأجيل))..؟
وهنا من حقنا أن نتساءل.. هل ان توزيع الاراضي الحكوميه مجانآ علي اعضاء مجلس الوزراء والقضاة ومن في حكمهم وهم بالمئات يعتبر بحق (عملآ مستعجلآ) حقأ أم له دوافع سياسيه مبطنه..؟
ان هذا العمل المستهجن من قبل الراى العام العراقي سوف يعمل علي تكريس الفوارق الطبقيه ويعزز من دور الاوليغارشيه الماليه الطفيليه بالعراق خاصة اذا علمنا ان نسبة خط الفقر بالعراق في تصاعد متسارع فحسب احصائيات الامم المتحده بلغ حاليآ
%40 من مجموع سكان العراق الذين يبلغ عددهم 40 مليون نسمه. بمعنى ياحكومة تصريف الأعمال ان هناك 18 مليون عراقي تحت خط الفقر ونحن ياسادة رابع دوله في احتياطي النفط بالعالم .ومن حقنا نتساءل اما كان الأولى بهذه الحكومه الاهتمام بفقراء العراق وليس بوزرائه وقضاته الذين ماشاء الله يتمتعون بمرتبات وامتيازات كبيره جادآ؟
عمومآ عندما نعود لموقف فقه القانون الاداري والدستوري عن طبيعة ومفهوم حكومة حكومة تصريف الاعمال نجدها على (نمطين)..
اولآ:
في حالة استقالة او أقالة الحكومة وتكليفها للاستمرار في ادارة وتسيير الاعمال العامه.
ثانيآ :
هو في حالة حل البرلمان او أستقالته. وهنا ايضا تتحول الحكومه إلى حكومه تصريف الاعمال.. كما هو الآن بالعراق. وان مجلس الدوله الفرنسي هو اول من ارسى (نظرية تصريف الأعمال) وأصبحت أحكامه قواعد قانونيه ملزمه في اغلب التشريعات الاداريه بالعالم التي تأخذ بنظام أزدواجية القانون والقضاء..والتي أكد فيها ان حكومة تصريف الأعمال تخضع في قراراتها وإجراءاتها إلى (قاعدة الضروره والاستعجال)
اي إلى الأمور العاجله التي تستلزم ادارة وتسيير المرافق العامه. خاصة وان هذه الحكومه تتصرف خارج نطاق الرقابه البرلمانيه عليها وتكون مجرده من سلطة العقاب التشريعي.. لكن مع ذلك نجد يبرز امامنا نوع اخر من الرقابه وهو رقابة الراي العام.. اضافة وهو الأهم بنقديري رقابة القضاء الاداري على الاعمال والتصرفات الاداريه لهذه الحكومه وذلك احترامآ لمتطلبات مبدأ المشروعيه القانونيه حيث يحق للقضاء الاداري نقض وابطال القرارات المعيبه لحكومة تصريف الاعمال وذلك أستنادآ لقاعدة((أساءة استعمال السلطه أو تجاوز السلطه)) وهنا نجد أن القضاء لا تقتصر رقابته علي تحقق مدى وجود (الواقع المادي للوقائع) وانما تمتد رقابته إلى (طبيعة الدوافع)فى اصدار القرارات من قبل حكومة تصريف الأعمال.. فكان الاحرى بالحكومه العراقيه ان تحترم ضوابط واحكام نظرية تصريف الاعمال وتبين للرأي العام طبيعة الدوافع في اصدارها مثل هذه القرارات التي لاتحمل صفة الاستعجال ولذلك تعتبر قراراتها هذه مشوبه بالعوار القانوني الجسيم والباطله أبطالآ مطلقآ.. والامل معقود على رجال السلطه القضائيه ان يمتنعوا عن قبول مثل هذه (المكارم) والتي تسيىء لقيم النزاهة والعداله التي يتميز بها القضاء العراقي تأريخيآ..؟
والله من وراء القصد