خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
شهدت الأشهر الأخيرة؛ تكثيف الاتصالات “الإيرانية-المصرية” دون وسيط، وكانت في الغالب على مستوى خبراء البلدين. هذه الاتصالات بداية وتمهيد؛ بالتوازي مع بداية المباحثات بين “القاهرة” و”أنقرة”.
وكان المتحدث باسم “الخارجية الإيرانية” قد أجاب، في مؤتمر صحافي قبل يومين؛ على سؤال بشأن العلاقات “الإيرانية-المصرية”، وقال: “تقف علاقات البلدين عند حدود مكاتب رعاية المصالح”.
وقبل فترة؛ جرى حديث مقتضب بين وزير الخارجية، “حسين أمير عبداللهيان”، والرئيس المصري، “عبدالفتاح السيسي”، على هامش “قمة بغداد”، وهذا حدث نادر.
وللتعليق؛ أوضح مدير عام وحدة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بـ”وزارة الخارجية” الإيرانية: “القضايا (الإيرانية-المصرية) كثيرة؛ وبالطبع نأمل في حلحلة هذه القضايا سريعًا”.
في غضون ذلك؛ يعتقد بعض الخبراء أن الإنفراجة الإيجابية في العلاقات “الإيرانية-السعودية” سوف تؤثر بالطبع على العلاقات “الإيرانية-المصرية”.
ومن المشكلات الرئيسة بين “طهران-القاهرة” حاليًا، توقيف السلطات المصرية ناقلة نفط إيرانية، قبل عامين، بحجج واهية، والحكم بالإعدام على بعض الإيرانيين بتهمة الإتجار بالمخدرات. لكن هذا لا يمنع وجود مساعي تستهدف تحسين العلاقات مع “مصر”.
وفي هذا الصدد؛ تُجري صحيفة (آرمان ملي) الإصلاحية الإيرانية، الحوار التالي مع: “جعفر قناد باشي”، السفير الإيراني الأسبق في ليبيا…
تسير في مسار تصاعدي..
“آرمان ملي” : ما هي أسباب الخلافات “الإيرانية-المصرية”، خلال السنوات الأخيرة ؟
“جعفر قناد باشي” : بنظرة عامة؛ يمكننا استنتاج أن السنوات الأخيرة لم تنطوي على أي تحدي حقيقي فيما يخص العلاقات “الإيرانية-المصرية”. فلقد سعت “إيران”، إبان حكم “حسني مبارك”؛ إلى ترميم العلاقات مع “القاهرة”، لكن كانت “مصر”، في المقابل؛ تقع تحت ضغط اللوبي الصهيوني والأميركي، وبالتالي لم تقدم أي إجابات شفافة بخصوص تحسين العلاقات.
كذا التقى السادة: “حداد عادل” و”علي أكبر ولايتي” و”علي لاريجاني”، في “القاهرة”، “حسني مبارك”، بغرض بحث سُبل تحسين العلاقات بين البلدين.
والحقيقة إن مجالات ترميم العلاقات موجودة، لكن اخفاقات السنوات الأخيرة قوضت هذه المجالات. وتمتلك البلدان، من المنظور الديني والثقافي؛ الكثير من المشتركات، والتي لم تحظى بالاهتمام العملي خلال السنوات الأخيرة. بل إن تيار الوهابية في “مصر” قد تعرض للانتقادات مرارًا؛ ولم يحظى بقبول المصريين، وهذا في حد ذاته من الإمكانيات التي تضع “إيران” و”مصر” جنبًا، فكلاهما ترفضان التشدد.
في غضون ذلك، أرسل “الأزهر” مجموعة إشارات إلى “إيران”؛ بشأن كيفية التفاعل الثقافي بين البلدين. ومازال هذا المسار الذي بدأ مع صعود تيار “الإخوان المسلمين” إلى السلطة؛ مستمرًا.
التأثيرات “الأميركية-الإسرائيلية”..
“آرمان ملي” : ما العقبات التي تسببت في فشل هذه الجهود، بحيث مازال الغموض يلف مستقبل تحسن العلاقات “الإيرانية-المصرية” ؟
“جعفر قناد باشي” : هناك تيار موالي للجانب الإسرائيلي داخل “الخارجية المصرية”، ولطالما تعمد عرقلة مسار تحسين العلاقات “الإيرانية-المصرية”.
من جهة أخرى، هناك أيضًا مجموعة العسكر النافذة؛ والتي تلقت بالعادة تعليمها في “الولايات المتحدة”، وهذه المجموعة تتحرك في الاتجاه الذي يعمل على توسيع الفجوة بين البلدين.
مع هذا؛ لطالما أبدت “إيران” مؤشرات إيجابية عن نفسها والعمل على ترميم علاقاتها مع الدول الإسلامية. مع العلم أن “طهران” و”القاهرة” تقعان داخل المناطق الإستراتيجية؛ ومن الواضح أنهما بحاجة كبيرة إلى بعضهما البعض.
وتلعب “مصر”، عبر “قناة السويس”، و”إيران” أيضًا، عبر “مضيق هرمز”، دور كبير، ويمكن بالتعامل رفع مستوى العلاقات في مختلف الحوزات.
وعلاقات التياران السابقان في الهيكل المصري؛ بخلاف بعض الدول العربية مع “الجمهورية الإيرانية” سيئة، ويعملان دائمًا على عرقلة مسار ترميم العلاقات “الإيرانية-المصرية” بطرح الإدعاءات.
وهذه القضية لا تقتصر على “إيران” فقط، وإنما سارعت “مصر”، على سبيل المثال؛ إلى قطع العلاقات مع “قطر” فقط، بسبب حصار “قطر” من جانب بعض الدول العربية.
تطبيع العلاقات “الإيرانية-السعودية” بوابة تحسين الصلات “الإيرانية-المصرية”..
“آرمان ملي” : بعد تحسن العلاقات بين “إيران” و”السعودية”، هل تزداد احتمالات عودة العلاقات السياسية مع “مصر” ؟
“جعفر قناد باشي” : “مصر” حاليًا ضحية السياسات الخاطئة. وقد وجهت “إيران”، مؤخرًا، الرسائل إلى “مصر”، وهذا في إطار السياسات التي أكدت عليها الحكومة الثالثة عشر.
لكن “إيران” تجاهلت، في السنوات الأخيرة؛ إمكانيات “منظمة التعاون الإسلامي”، باعتبارها أكبر منظمة عقدية عالمية. من جهة أخرى، لم تبدي “إيران” اهتمامًا بإمكانية “حركة دول عدم الانحياز”، وعليها إصلاح هذه التوجهات.
وفي هذا الصدد؛ من المتوقع تعبيد مسار العلاقات “الإيرانية-المصرية”، حال تحسن العلاقات “الإيرانية-السعودية”.