خاص : كتبت – نشوى الحفني :
ما بين نفي وتأكيد؛ أثير مؤخرًا نوع من التضارب حول موعد استئناف المحادثات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني، في ظل محاولات أوروبية مستميتة لإعادة “إيران” إلى مربع التفاوض مرة أخرى؛ ضمن الجولة السابعة المرتقب استئنافها فور إعلان “إيران” انخراطها في تلك المفاوضات.
ورغم إعلان “أوروبا” أنها فشلت في إقناع الإيرانيين بالعودة إلى المفاوضات، التي تُجرى في العاصمة النمساوية، “فيينا”، إلا أن “الخارجية الإيرانية” أعلنت أن “طهران” ستعود قريبًا إلى تلك المفاوضات، لكن بدون إعلان موعد محدد لاستئناف تلك المفاوضات.
من جانبه؛ أعلن “سعيد خطيب زاده”، الناطق الرسمي باسم “وزارة الخارجية” الإيرانية، أن “مفاوضات فيينا” ستستأنف خلال الأيام القادمة، بحسب ما نقلت عنه وسائل الإعلام الإيرانية.
من غير المتوقع عقد اللقاء يوم الخميس..
فيما أعلنت الناطقة باسم الشؤون الخارجية لـ”الاتحاد الأوروبي”، الإثنين، أنه من غير المرتقب عقد أي لقاء مع الإيرانيين، الخميس، في “بروكسل”؛ حول استئناف المحادثات بشأن الملف النووي، وذلك بعد إعلان “طهران” عن زيارة للمفاوض الإيراني، “علي باقري”.
وقالت “نبيلة مصرالي”: “لن يكون هناك لقاء الخميس.. في هذه المرحلة لا يمكننا تأكيد إن كان سيُعقد اجتماع أو متى ؟”.
إيران لن تضع شروط مسبقة..
وقبلها بقليل، قال المتحدث باسم “الخارجية الإيرانية”: “يجب ألا نُضيع الوقت في المفاوضات النووية، ولا نُريد مفاوضات استنزافية”، مشيرًا إلى أن بلاده لن تضع شروطًا مسبقة لبدء المفاوضات النووية.
“زاده” أضاف: “المهم هو ألا نُضيع الوقت في المفاوضات النووية، ويجب أن نتوصل إلى نتيجة، ولا نُريد مفاوضات استنزافية”. وتابع: “يجب أن نتأكد من رفع الحظر”، مشيرًا إلى أن “إيران” تُريد من حكومة الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، أن تكون مختلفة عن حكومة سلفه، “دونالد ترامب”.
وأكمل “زاده” بالقول: “المفاوضات سوف يتم استئنافها، وهذا قرار أعلنه الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، وطهران لا تضع شروطًا مسبقة للعودة إلى المفاوضات، ولا سيما لواشنطن التي خرجت من الاتفاق وفرضت عقوبات ظالمة ضدنا واستمرت في ممارسة الضغوط القصوى، استمرت بنهج الرئيس السابق، دونالد ترامب.. نحن ننظر لأفعال أميركا وليس إلى أقوالها، ونهدف لأخذ ضمانات بعدم خروج واشنطن من الاتفاق مرة أخرى”.
ستبدأ من نقطة انسحاب “ترامب”..
يأتي ذلك؛ فيما شدد رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، “وحيد جلال زاده”، أن وزير خارجية بلاده، “أمير عبداللهيان”؛ “أكد أن المفاوضات النووية ستبدأ من النقطة التي انسحب منها دونالد ترامب”.
وأضاف بالقول: “محادثاتنا النووية؛ تتم مع دول (4+1)، وإذا أرادت واشنطن الإنضمام فعليها إلغاء الحظر”، ومضى “جلال زاده”؛ قائلاً: “لا نريد أن تكون المفاوضات النووية استنزافية، ونطالب بتحديد الزمن بهذا الخصوص”.
وكانت وكالة أنباء (فارس) الإيرانية؛ أفادت بأن “طهران” تستعد للعودة إلى “محادثات فيينا”، بشأن “الاتفاق النووي”، الخميس المقبل، فيما نقل نواب عن وزير الخارجية الإيراني قوله، إن “طهران” ستنتهج سياسة الخطوة مقابل الخطوة في المفاوضات النووية.
ومن جهته؛ دعا منسق الاتحاد الأوروبي، “جوزيب بوريل”، الأحد، الإيرانيين لعدم إضاعة الوقت والعودة للمفاوضات النووية، منوهًا بأن الوقت ينفد لإنقاذ “الاتفاق النووي”.
تريد مسابقة الأحداث مقابل بدء المفاوضات..
وفي تعليقه على تلك المستجدات؛ يقول الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، “كمال الزغول”؛ أن عودة “إيران” و”الولايات المتحدة” لطاولة المفاوضات ما زالت في مرحلة التحضير، لا سيما مع وجود حكومة إيرانية جديدة برؤية مغايرة؛ تحديدًا في ما يتصل بـ”العقوبات الأميركية” المفروضة، بينما تُحاول “طهران” أن لا تراهن بمستقبل البلاد الاقتصادية.
ويضيف أنه: “من المؤكد أن طهران تُريد أن تبدأ المفاوضات بدون شروط مسبقة؛ لأنها تُريد أن تُسابق الحدث مقابل بدء المفاوضات من النقطة التي انتهى عندها الاتفاق، عام 2018، وهذا يعني أن مرحلة، إبراهيم رئيسي، تختلف كليًا عن مرحلة، حسن روحاني، الأمر الذي يؤشر على أن الجولات الماضية كانت عبارة عن جولات تحضيرية في ظل ظروف جديدة”.
التخلي عن استخدامها لسياسة حافة الهاوية..
لافتًا إلى أن رغبة “طهران” الأخيرة، لاستئناف التفاوض؛ إنما تُثبت الحاجة الملحة والضرورية: “لتطوير اقتصادها؛ برفع العقوبات الأممية عنها” و”التخلي عن إدارتها لسياسة حافة الهاوية”، التي تكتنف تلك المفاوضات، خاصة وقد صرح وزير الخارجية الأميركي، “آنتوني بلينكن”؛ أن المفاوضات لن تطول والخيارات الأخرى أصبحت مفتوحة لدى إدارة “بايدن”.
الجولة السابعة قد تبدأ بتقديم التنازلات من الطرفين !
ويرى “الزغول” أنه يبدو واضحًا أن الطرفين ينتظران لحظة البداية لتلك المفاوضات، وهي فرصة لكل منهما، خاصة ونحن في ظل: “إستراتيجية أميركية جديدة تجاه الصين، حيث يُعتبر الملف النووي الإيراني عبئًا على كاهل إدارة بايدن، وفي المقابل، عدم التفاوض بالنسبة لإيران يُشكل كذلك عبئًا على اقتصاد طهران”.
ويخلص “الزغول” إلى أن مستوى المفاوضات في الجولة السابعة؛ قد يبدأ بتقديم بعض التنازلات من قبل الطرفين، بحيث يبدأ النقاش حول “خطة العمل المشتركة”، لعام 2015، دون إدخال نقاط جديدة مثل: الصواريخ (الباليستية)؛ مع مزامنة صريحة لإجراء مفاوضات بين “إيران” و”مجلس التعاون الخليجي”، وخاصة “المملكة العربية السعودية”.
ويتابع: “إيران؛ ستحاول عدم مناقشة إنتاجها من (اليورانيوم) منخفض التخصيب، في فترة توقف الاتفاق بعد عام 2018، وحتى هذه اللحظة، وذلك في مقابل التعاون المتواضع مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خاصة فيما يتعلق بمسألة الكاميرات الفنية في مواقع المفاعلات الإيرانية”.
ومن المُرجح، أن يكون الظرف السياسي المواتي دافعًا لتقدم المفاوضات من جديد، خاصة في ظل التوترات الإقليمية بـ”لبنان” و”اليمن” و”العراق”، وكذا ما يجري في “المحيط الهاديء”، لافتًا إلى أن المفاوضات: “ليست نهائية، ولكن قد تأخذ وقتًا لمناقشة الاختلافات حول شروط وبنود الاتفاق، كما أن الأحداث في مناطق انخراط الولايات المتحدة قد تُغير في أي لحظة نوع السياسة المتبعة؛ وحسب المصلحة القومية الأميركية، غير أن فرصة التفاوض أصبحت سانحة الآن وبهذا التوقيت المهم”.
3 وثائق جديدة تحدد توجهات طهران للعودة للاتفاق..
بينما أفردت (العربية-الحدث)؛ شروط “إيران” للعودة إلى “الاتفاق النووي”، موضحة أن سياسة الحكومة الجديدة في ما يتعلق بالملف النووي؛ تحكمها 03 وثائق رئيسة تُحدد توجهاتها في هذا الشأن: ألا وهي أولاً رسالة المرشد، “علي خامنئي”؛ إلى الرئيس السابق، “حسن روحاني”، عام 2015، التي وافق فيها على “خطة العمل الشاملة”، (الاتفاق النووي)، آنذاك.
أما الوثيقة الثانية؛ فمشروع قانون “خطة العمل الإستراتيجية لمواجهة العقوبات”، الذي أقره البرلمان، في 02 كانون أول/ديسمبر 2020؛ والثالثة خطاب المرشد، في 07 شباط/فبراير 2021.
وبالتالي فإن المضي قدمًا في المفاوضات النووية، لا بد بحسب دراسة أعدتها “مؤسسة الشرق الأوسط للأبحاث”، التماشي مع التوجيهات المنصوص عليها في هذه الوثائق الثلاث.
5 شروط رئيسة في أي مفاوضات مستقبلية..
لذا يتمسك الإيرانيون بـ 05 شروط رئيسة في أي مفاوضات مستقبلية، ويُرجح أن يتخذوا موقفًا حازمًا لتحقيق مطالبهم.
ففي البداية لن يقبل الإيرانيون بوقف الأنشطة النووية بل سيستمرون بخرق بنود خطة العمل المشتركة؛ حتى رفع العقوبات كاملة، ولن يقبلوا بالتالي ما طرح سابقًا: “إلتزام بإلتزام”؛ أي خطوة إيرانية مقابل أخرى أميركية !
كما لن تقبل “طهران” بتغيير الجداول الزمنية التي أقرها سابقًا، “الاتفاق النووي”، الموقع في 2015، لاسيما مسألة يوم الانتقال: (2023)، وتاريخ إنهاء قرار “مجلس الأمن”، التابع لـ”الأمم المتحدة” (2025).
وكانت بعض التقارير والمعلومات أشارت إلى أن “الولايات المتحدة” والدول الأوروبية كانت تحاول إدراج بند في الاتفاق لضمان إلتزامات طويلة الأجل بشأن عدم انتشار السلاح النووي.
لكن “طهران” ترى، في تلك الخطوة؛ محاولة لتغيير الجداول الزمنية التي نص عليها سابقًا.
أما الملف أو الشرط الثالث؛ فيكمن في مسألة العقوبات المتعلقة بحقوق الإنسان والإرهاب. فوفقًا للشروط التي وضعها سابقًا، “خامنئي”، تعتبر “طهران” أن فرض أي عقوبات بحجة حقوق الإنسان أو الإرهاب أو القضايا العسكرية، بعد بدء تطبيق “الاتفاق النووي”، في كانون ثان/يناير 2016، انتهاكًا للاتفاقية.
وبالتالي فإن الوفد الإيراني المفاوض لن يُطالب برفع جميع العقوبات، وفقًا لـ”خطة العمل الشاملة” فحسب، بل سيدعو أيضًا إلى رفع العقوبات المفروضة بعد دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، مثل قيود الإعفاء من التأشيرة التي فرضها الرئيس الأميركي الأسبق، “باراك أوباما”، عام 2015، أو قرارات “دونالد ترامب”، عام 2017.
أما الشرط الرابع، فبات معروفًا؛ ألا وهو الحصول على ضمانات بأن “الولايات المتحدة” لن تنسحب مرة أخرى من الاتفاق.
ولعل الشرط الخامس؛ هو الأهم بين كل ما سبق. فـ”إيران” تود أولاً وأخيرًا: “التحقق” من رفع العقوبات.
فقد أكد “خامنئي” سابقًا، وكررها “رئيسي” مؤخرًا: “إذا كانوا يريدون عودة إيران إلى إلتزامات خطة العمل الشاملة المشتركة، فيجب على واشنطن رفع كل العقوبات، على أن نتحقق من ذلك ونتأكد من أن العقوبات رفعت بطريقة صحيحة”.
عندها ستلتزم “إيران” بالاتفاق، هذا ما أكده المرشد الإيراني في كلمة سابقة له، مشددًا على أن بلاده لن تتنازل عن هذا الشرط !