(تكريم المدرس المسيء لنبي الاسلام مثالا)
اقامت فرنسا الرسمية امس حفلا تأبينيا تكريميا للذكرى السنوية الاولى لمقتل مدرس التاريخ الذي عرض رسوما مسيئة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام على تلاميذه.
الاحتفال وكما هو متوقع جاء مبالغا به لدرجة انه تمثل بنصب تذكاري في مدخل وزارة التربية الوطنية ، ولقاء في قصر الاليزيه واطلاق اسمه على ساحة مقابلة للسوربون وثلاث مدارس في باريس وحدها ،وعدد من النوادي الثقافية ، ومنحه وسام الجمهورية ، وتسمية ماكرون له (البطل الهادئ الذي دافع عن قيم الجمهورية) ، وكذلك ادخل اسمه وقصته في مناهج الدراسة، بقي ان يطلقوا اسمه على الغواصة النووية العملاقة . حتى قالت صحيفة يسارية “ان تكريمه يقارب تكريم ديغول ومونتسكيو وفولتير ” .
لا اظننا بحاجة للتعليق على ماتقدم فهو يوضح بشكل جلي ان الامر لايتعلق بتكريم رجل قتل على يد متطرف بجريمة لايمكن لنا قبولها او تسويغها تحت اي عذر او دافع بقدر تعلقه بالدوافع الحقيقية لتشجيع هكذا شطحات في مجتمع العلمانية المتطرفة التي اخذها اصحاب الاغراض من القادة الاوربيين ذوي الفكر الارهابي المعتدي على القيم ومقدسات الناس ورموزهم وعقائدهم واستغلوها لأغراضهم وخدمة الحكومات الخفية والشيطانية.
فرنسا معروف تاريخها العنصري والعرقي ومعروف سبيلها الاستعماري المقيت الذي اختلف عن كل القوى العظمى التي تداولت حكم العالم واستعماره، فمنها دائما تنطلق الحملات الصليبية وعلى يديها يذبح المقاومون عن بلادهم بالملابين دون رحمة وتؤخذ جماجمهم بعشرات الالاف لتوضع في متاحف دون حياء ، وبقوانينها تمحى لغات السكان الاصليين و تبدل اخلاقهم وعاداتهم قسرا ، والى اليوم تمص دماء مستعمراتها السابقة في افريقيا والى اليوم تريد الاستمرار باهانتهم ، ولكن سقوطها بدأ على يد رئيسها الحالي الشاذ الطباع والرغبات المتربي على يد زوجته التي تكبره بعشرين سنة وكان تلميذها وعشيقها الطفل في بلد رصدت فيه 65 الف حالة اعتداء جنسي على الاطفال من قبل قساوسة في الكنائس في سنة واحدة ، الامر الذي اجبر البابا على الاعتذار والشعور “بالعار” كما قال، ولكن ماكرون لم يشعر بشيء لانه قد مر بهذه التجربة طفلا واعجبته ولا زال دون شك تحت تأثيرها وادمانها كما يقول علم النفس.
عودا الى اصل الكلام فان حرية التعبير شيء وتعمد الاساءة والتطاول على قيم مجتمعية شيء آخر ، وبعيدا عن عقوبة القتل التي تشكل عندي جريمة نكراء ووضيعة كجزاء للتعدي بالقلم واللسان ، فالفكر يقاوم بالفكر والتعدي على القيم والعقائد وكرامة الناس يعاقب بالقانون حبسا او تغريما او مايشبه مهما ومن كان المعتدى عليه.
لكن وبعيدا عن القانون ،، هل ان المدرس المسيء ووزارة التربية ومثقفي المجتمع ورئيس البلاد جميعهم لايعرفون ان بعض المسلمين يدافعون عن كرامة نبيهم بطرق قاسية وقاتلة! يعرفون طبعا ، ولم تكن حادثة المدرس هي الاولى والا لقلنا انه يجهل العواقب، بل قبلها عشرات وكلها انتهت الى نفس المصير ، لماذا يصرون اذن على الاساءة؟ ولماذا يستعظمون النتيجة !
وقبلها لماذا لايكون التعبير على شكل نقاشات ومحاحجات وكتابات وحينئذ لا احد من المسلمين يسلك طريق العنف ، وامامنا شواهد الاستشراق وشبهاته ومقالاته وكتبه التي لازالت تطبع وتدرس ولم يقتل اصحابها ولم يعنفوا ، لماذا طريق السخرية والازدراء والاستفزاز والاساءة.
ثم اين هي حرية التعبير في فرنسا والغرب وقد مات غوستاف لوبون احد اكبر مفكريها مخفبا اسلامه؟ وهجر موريس بوكاي البلد ليعيش في المغرب هربا بقلمه وافكاره ، وكثير اخرون حتى ان نظرية تاريخية تدعي ان جان جاك روسو اعظم فلاسفة فرنسا ومربيها في العصر الوسيط قد دخل في الاسلام متخفيا من بطش الكنيسة والدولة العميقة بل ونبذ المجتمع ، واستدلوا على ذلك من كتابات كثيرة له استقى فيها من قيم الاسلام وافكاره وشريعته منها كتابه (روايته) دين الفطرة وغيره .
فحرية التعبير اذن عند هذا البلد العنصري تشمل المسيئين للاسلام فقط بينما تغلق دور النشر اليوم في فرنسا لانها لاتوائم مايريدون من افكار وقيم منحطة.
وتشجيع الاساءة والتعمية على تعريفها قانونا للتفنن بها واستخدامها يبوب عمدا وليس جهلا عند هذه المجتمعات تحت بند حرية التعبير في حين ان تجرات بالنقد لاي انسان شاذ او مثلي في مجتمعهم فسوف تحبس .