18 ديسمبر، 2024 10:49 م

فقهاء وأحزاب الدين!!

فقهاء وأحزاب الدين!!

الفقيه: العالم بأصول الشريعة وأحكامها , مَن يقرأ القرآن ويعلمه.
تأريخ الحكم في مسيرة الأمة منذ الإبتداء , يتلخص في أن فقهاء الدين كانوا يحكمون , واليوم أحزاب الدين يحكمون.
الخلفاء , السلاطين , الأمراء وغيرهم من الماسكين بالكراسي , كانوا يتحركون وفقا لما يقضي به الفقهاء , فلكل سلوك فتوى يستند عليها صاحب الأمر , ومن النادر أن تجد سلوكا غير مؤزّر بفتوى.
التأريخ يحدثنا عن فتاوى عجيبة غريبة , أفتى بها فقهاء السلاطين لتمرير رغباتهم المعوجة من الطرفين , فكلما أراد السلطان أن يأتي بفاحشة وجد فقيها يبررها له ويشجعه عليها , فالفقيه همّه أن يرضي وليَّ نعمته , وعليه أن يجتهد ليستحضر ما يقنعه بأن ما يريده حلال ومشروع فقهيا , فالقرآن حمّال أوجه , وما أكثر التأويلات والتخريجات , التي تبيح الهوى وتمجّد الأهواء.
فكم سفكت دماء بريئة , وتعذَّبَ أشخاص وسُجنوا بسبب فتاواهم , التي لا تقف بوجه إرادة السلطان إلا فيما قل وندر , فكان السيف والنطع وثالثهم الفقيه , الذي عليه أن يشجع الخليفة على إعمال سيفه في الرقاب , المقدَمة كالقرابين إلى مقامِهِ المقدَّس الجليل.
ولا يعني ذلك تبرأة أصحاب الكراسي من مآثمهم وخطاياهم , وإنما لتبيان مؤازرتهم وعدم نهيهم عما يريدون القيام به , فالفقيه همه أن يقول نعم , ويخشى من قول لا أو لا يجوز , كي لا يغضب ولي نعمته أو يصيبه بإحباط وإنكسار.
وبعضهم يرى أن إطفاء رغبات أصحاب الكراسي فيه فائدة للرعية حسب إجتهاداتهم , فيمعنون بإستحضار التبريرات , ومراكمة التسويغات التي تحث على القيام بما يرغبون.
وفي هذا مشاركة بالمآثم الخطايا التي يرتكبونها , وتشير إلى أنهم يتاجرون بالدين , ولا يتورعون بالإفتاء بما يتعارض وأبسط المبادئ والقيم , للدين الذي يدّعون المعرفة به والتعبير عنه.
وبسبب غياب الدستور وضوابط الحكم الراسخة المتفق عليها , فأن كل خليفة أو سلطان يرى أنه الدستور والقانون , والحاكم والناهي بأمر الله الذي وضعه في سدة الحكم , وأكثرهم يميلون للقدرية وإعتبار ما يقومون به تفويض من ربهم , ومما يزيد الأمر تعقيدا , إصطفاف الفقهاء معهم , وتخويلهم الإنطلاق في قراراتهم المشحونة بالخطايا والمآثم الجسام , حتى تأكلهم مظالمهم , ويحيق بهم ما كانوا يفعلون|!!
فهل للفقهاء العمل بروح الدين والحفاظ على جوهره الطاهر المبين؟!!