بعد طرد 8 من دبلوماسييها .. التوتر يعود من جديد بين “روسيا” والـ”ناتو” .. فكيف سترد موسكو ؟

بعد طرد 8 من دبلوماسييها .. التوتر يعود من جديد بين “روسيا” والـ”ناتو” .. فكيف سترد موسكو ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بعد تهدئة الأمور مؤخرًا، عاد التوتر من جديد ليسيطر على العلاقات بين “روسيا” والـ (ناتو)، بعدما ذكرت تقارير صحافية، أمس الأول الأربعاء، أن “حلف شمال الأطلسي”، الـ (ناتو)؛ قرر تقليص بعثة “روسيا” لدى الحلف، وطرد 08 من دبلوماسييها.

وأوضح تقرير لشبكة (سكاي نيوز) البريطانية، أن الـ (ناتو) قرر تقليص البعثة الروسية، في “بروكسل”؛ وطرد ثمانية دبلوماسيين للاشتباه في قيامهم: بـ”أنشطة عدائية”.

وتابع أن: “حلف شمال الأطلسي؛ سيلغي أيضًا منصبي دبلوماسيين آخرين في البعثة الروسية”.

فيما كتبت “ديبورا هاينز”، محررة الدفاع والأمن في شبكة (سكاي نيوز)؛ في سلسلة تغريدات على حسابها بـ (تويتر)، إن قرار الـ (ناتو) جاء ردًا على أنشطة عدائية روسية مشتبه بها، “من بينها القتل والتجسس”.

وتابعت: “المنصبان اللذان تم إلغاؤهما شاغران حاليًا… لم يكن يشغلهما أحد وقت القرار”، “ومن المتوقع أن يغادر الدبلوماسيون الروس الثمانية الذين فقدوا اعتمادهم بروكسل بحلول نهاية الشهر”.

لا تزال سياسات الـ”ناتو” تجاه روسيا ثابتة..

ونقلت “هاينز”، عن مسؤول في الـ (ناتو): “يمكننا أن نؤكد أننا سحبنا اعتماد ثمانية أعضاء في البعثة الروسية لدى الـ (ناتو)، كانوا ضباط استخبارات روس غير معلنين”.

وتابع المسؤول، الذي لم يكشف عن اسمه: “يمكننا أيضًا أن نؤكد أننا خفضنا عدد الوظائف، (الدبلوماسية)، التي يمكن أن يعتمدها الاتحاد الروسي لدى الـ (ناتو) إلى: 10”.

ومضى قائلاً: “لا تزال سياسة الـ (ناتو)، تجاه روسيا؛ ثابتة. لقد عززنا ردعنا ودفاعنا للرد على الإجراءات العدوانية لروسيا، بينما نظل في نفس الوقت منفتحين لحوار هادف”.

يحتاج التصعيد بعدما حدث في أفغانستان..

من ناحيته؛ قال نائب وزير الخارجية الروسي، “ألكسندر غروشكو”، فيما يُشبه الرد على المسؤول في حلف الـ (ناتو)، إن عملية الطرد لم تكن رد فعل تجاه أية ممارسة من “روسيا”، مضيفًا أن حلف الـ (ناتو) لا يستطيع العيش والاستمرار والتماسك دون: “شبح التهديد الروسي”، متابعًا من باب التهكم: “الـ (ناتو) يحتاج هذا التصعيد راهنًا، بعد النهاية الرائعة للملحمة الأفغانية”.

وأردف نائب الوزير الروسي، لصحيفة (كوميرسانت)، أن الإجراء الحالي يُعد بمثابة ضربة قاضية لدعوات الحلف إلى إجراء حوار مع “روسيا”، والتي كان مجلس الـ (ناتو) قد أطلقها قبل شهرين من الآن، والتي دعا فيها “روسيا” إلى إرسال سفير مفوض إلى مقر الحلف في العاصمة البلجيكية، “بروكسل”، للتفاوض بشأن كافة التفاصيل.

ترد على طرد الدبلوماسيين..

في المقابل، نقلت وكالة (إنترفاكس) الروسية للأنباء؛ عن المشرع الروسي البارز، “ليونيد سلوتسكي”؛ قوله إن “موسكو” سترد على قرار “حلف شمال الأطلسي” بطرد ثمانية دبلوماسيين روس.

لكن “سلوتسكي”، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس (الدوما) الروسي؛ قال أيضًا إن “روسيا” قد لا يكون ردها باتخاذ خطوة مماثلة.

تصرفات تقوض آفاق الحوار مع روسيا !

واتهم المتحدث الصحافي للرئاسة الروسية، (الكرملين)، “دميتري بيسكوف”، “حلف شمال الأطلسي”، الـ (ناتو)، القيام بتصرفات تقوض آفاق الحوار مع “روسيا”، مشيرًا إلى تناقض تصريحات وأفعال الحلف بشأن تطبيع العلاقات مع “موسكو”.

وقال “بيسكوف” – للصحافيين أمس الخميس، تعليقًا على قرار الحلف بتقليص حجم البعثة الروسية الدائمة لديه في “بروكسل” – “هناك تناقض واضح بين تصريحات وأفعال ممثلي الـ (ناتو) حول الرغبة في تطبيع العلاقات مع بلدنا، فهذه التصرفات بالطبع لا تسمح لنا ببناء أوهام حول إمكانية تطبيع العلاقات واستئناف الحوار مع الحلف”.

وكان نائب وزير الخارجية الروسي، “ألكسندر جروشكو”؛ قد قال – أمس – إن “روسيا” لم تُعد تؤمن بصدق تصريحات دول الـ (ناتو) حول الحوار مع “روسيا” بعد إقدامها على تقليص حجم البعثة الروسية الدائمة لدى الحلف.

لا رغبة لـ”الناتو” وأعضاؤه في التعاون..

من جهتها؛ قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، “ماريا زاخاروفا”، إن قرار الـ (ناتو) بإلغاء اعتماد طاقم البعثة الروسية لدى الـ (ناتو) لم يكن مفاجئًا لـ”موسكو”، لكنها فوجئت بوقاحة تقديم ذلك.

وأضافت “زاخاروفا”: “تم إخطار الجانب الروسي بذلك رسميًا، في 06 تشرين أول/أكتوبر. هذه الخطوة من جانب الـ (ناتو) لم تكن مفاجئة، لكنها أثارت الاستغراب  لوقاحتها، ولعدم تقديم تفسير رسمي لأسبابها”.

وتابعت “زاخاروفا”: “لماذا لم تكن مفاجأة ؟.. لأن عدد بعثتنا الدائمة قد تم تخفيضه بالفعل في كل من: 2015 و2018. الحديث يدور عن خط الـ (ناتو) المطرد”.

وقالت “زاخاروفا” إن “موسكو” سترد على قرار الـ (ناتو)، ويجري العمل لاتخاذ إجراءات مضادة.

وأضافت: “أود أن أقدم دليلاً آخر على أن أفعال وتدابير وتصريحات الـ (ناتو) لا أساس لها من الصحة وتتسم بالنفاق. قبل فترة وجيزة طلبوا تعيين ممثل روسي دائم في بروكسل، وعدم حصر الاتصالات على مستوى القائم بأعمال”.

وأشارت “زاخاروفا”، إلى أنه بات واضحًا عدم رغبة الـ (ناتو) وأعضائه في التعاون.

تباعد وتقارب..

يُذكر أنه في 2018، في أعقاب تسميم العميل المزدوج الروسي السابق، “سيرغي سكريبال”، في مدينة “سالزبري” الإنكليزية؛ سحب “حلف شمال الأطلسي” موافقة على اعتماد سبعة موظفين بالبعثة الروسية لدى الحلف؛ ورفض قبول أوراق اعتماد ثلاثة آخرين كانت مقدمة من قبل.

ويأتي الاضطراب الجديد بين الـ (ناتو) و”روسيا” غداة مستويين من التحولات في علاقة الطرفين، خلال الشهور الماضية، إذ ارتفع منسوب التوتر بين الطرفين، منذ أوائل العام الجاري، بسبب زيادة التكهنات والإشارات إلى إمكانية إنضمام “أوكرانيا” إلى منظومة الحلف، وهو أمر رفضته “روسيا” واعتبرته بمثابة خط أحمر لا يُمكن تجاوزه.

لكن الأمور عادت للهدوء خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، بعد إعلان الطرفين إمكانية التعاون الإيجابي داخل “أفغانستان”، لتحقيق نوع من الاستقرار الحامي للأمن القومي للجانبين.

زيادة وتيرة التصعيد دون حسابات توافقية..

تعليقًا على التصعيد الأخير بين الطرفين، شرح الباحث، “فرهاد هامي”، في حديث مع (سكاي نيوز عربية)؛ المسار الذي أوصل العلاقة بين الطرفين إلى هذا التوتر الأخير، قائلاً إنه: “منذ سبعة سنوات على الأقل، أي بعد أزمة أوكرانيا الشهيرة، خلال العام 2014، حدث استقطابٌ جديد شبيه بمُجريات الحرب الباردة بين الطرفين”.

وأضاف أنه بينما كانت تندفع “روسيا” لمزيد من التدخل والهيمنة وإثارة القلاقل في دول “شرق أوروبا”، فإن دول حلف الـ (ناتو) كانت ترفض ذلك تمامًا، وتسعى نحو ضم المزيد من الدول إلى منظومتها العسكرية والأمنية والسياسية، و”أوكرانيا” كانت جوهرة ذلك الاستقطاب المتكون، لكنها لم تكن البقعة الوحيدة.

ويضيف “هامي” أنه: “استمر الحوار الثنائي لقرابة أربعة سنوات، لكنه توقف بعد عدم التوصل إلى أية نتيجة، في شهر نيسان/إبريل من العام 2019، وكان جوهر الخلاف هو إصرار روسيا على حق سكان شبه جزيرة القرم بتحديد المصير، وتاليًا الإنضمام إلى روسيا”.

وأشار إلى أن دول الحلف تعتبر ضم “روسيا”، لتلك المنطقة؛ اعتداء على السيادة الأوكرانية الشرعية، “نهاية الحوار كان يعني زيادة وتيرة التصعيد دون حسابات توافقية، وما يجري اليوم هو نتيجة حتمية لذلك، وسيستمر ما لم يدخل الطرفان في حوار ثنائي مُجددًا”.

تخفيف اللهجة المناهضة لروسيا..

وكان المراقبون يُشيرون إلى أن القمم الأخيرة لمجلس الحلف؛ إنما قد خففت من لهجتها وتوجهاتها المناهضة لـ”روسيا”، في محاولة لجذب “موسكو” إلى تحالف عالمي لمناهضة “الصين” وسياساتها الاقتصادية والعسكرية؛ التي توصف: بالـ”متمادية”. فقد كان الحلف يعتقد أن الخلاف الحدودي بين “الصين” و”روسيا”؛ ربما يكون دافعًا لهذه الأخيرة نحو ذلك.

وكانت مختلف البيانات والتصريحات الصادرة عن قادة حلف الـ (ناتو) تُحذر دومًا من التطوير الروسي المُستدام للصواريخ النووية محلية الصُنع، في محاولة للإلتفاف على الاتفاقيات الثنائية التقليدية بينهما، والتي كانت تسعى، منذ أواخر التسعينيات؛ إلى وقف سباق التسلح بينهما.

وكان الحلف يشكو من اختراق الطائرات الحربية الروسية للمجال الجوي لبعض دول حلف الـ (ناتو)، ومن الدوريات الجوية التي كانت تنفذها “روسيا” فوق السفن والغواصات التي للحلف في المياه الدولية، بالإضافة إلى محاولة بيع منظوماتها الصاروخية والعسكرية لبعض الدول من أعضاء الحلف، مثلما حدث مع “تُركيا”، مؤخرًا.

لكن “روسيا” في المقابل، كانت تُحذر من المحاولات المستميتة لحلف الـ (ناتو) لحصار “روسيا” وخنقها جيو-عسكريًا، عبر ضم المزيد من دول الحزام الروسي إلى الحلف، أو الهيمنة العسكرية والسياسية عليها.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة