ولا يخفى على احد مايربط اسرائيل بالاكراد والرؤية المشتركة والخطوات اللازمة لإنشاء دولة مستقلة وعلى انقاض كثيرة – استبق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو نتائج الاستفتاء المزمع إجراؤه في إقليم كردستان العراقي ليعلن في 12 سبتمبر الجاري (2017) عن تأييده لاستقلال الإقليم، فيما اعتبر حزب العمال الكردستاني جماعة “إرهابية”…. تصريح نتنياهو بتأييده إنشاء دولة كردية ليس بالأمر الجديد، فقد سبق له، ولعديد من القيادات،الإسرائيلية، إطلاق تصريحات مشابهة في يونيو عام 2014، وكرر نفس التصريحات بعدها بأيام قليلة شيمون بيريز (رئيس إسرائيل وقتذاك). ربما يكون الجديد في تصريحات نتنياهو هو تأكيده على اعتبار حزب العمال الكردستاني، الذي يقاتل النظام التركي ويسعى بدوره لاستقلال جنوب شرق تركيا، جماعة إرهابية. والواضح أن نتنياهو يحاول عدم استفزاز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي أعلن رفضه للاستفتاء في الإقليم الكردي في العراق.
لكن يبقي السؤال المهم: ما الذي ستكسبه إسرائيل من خطوة تراها أغلب القوى الإقليمية والدولية بمثابة تهديد خطير لمنطقة تمر أصلا ومنذ سنوات بحالة عدم استقرار، وتواجه تحديات الحروب الأهلية وتوغل التنظيمات الإرهابية بها؟
لا تستقيم الإجابة على هذا السؤال بدون العودة إلى سنوات بعيدة سبقت قيام دولة إسرائيل وشهدت البدايات الأولى للعلاقات الحالية في صورة اهتمام متبادل بين حركة التحرر الكردستاني وبين الحركة الصهيونية.
أزمة الشرعية الصهيونية – الإسرائيلية- منذ انطلاق الحركة الصهيونية عام 1897 وزعمها أنها تمثل التطلعات القومية “للشعب اليهودي”، واجهت تساؤلات جوهرية حول طبيعة الدولة القومية، ومدى انطباقها على طائفة دينية وليس شعبًا بالمفهومين العرقي والقومي حتي يمكن قبول الحركة الصهيونية كحركة تحرر قومي لليهود؟ وبعد صدور وعد بلفور عام 1917 ظهر تساؤل آخر حول مدى شرعية منح اليهود وطنًا قوميًا لهم في فلسطين دون اعتبار لحقوق الشعب الذي كان يعيش فيها آنذاك، وكيف يمكن زرع وطن لغرباء ثقافيًا عن المنطقة داخلها دون أن يرتب ذلك صراعًا اجتماعيًا ممتدًا يصعب حله مستقبلا؟ كلا السؤالين فرض على قادة الحركة الصهيونية البحث عن نماذج يمكن القياس عليها، والتي لم تحل، كونها نماذج تأسست على مبدأ ديني أو على حق تاريخي، دون اعتبارها نواة لدولة قومية. لأجل ذلك كان على الحركة الصهيونية أن تثبت أولا أن حق تحقيق المصير لكل شعب يتحقق في أرض معينة، وفِي دولة واحدة وواحدة فقط. وحيث إن الحركة القومية العربية قد أنشأت الدولة العربية ليس في قطر واحد بل في عدة أقطار منذ تفكك الإمبراطورية العثمانية وإلغاء الخلافة عام 1924(العراق والأردن تحت الانتداب البريطاني، وسوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي) فإن اليهود الذين ارتبطوا بهذه المنطقة تاريخيًا وصاروا شعبًا أكثر من كونهم طائفة دينية يحق لهم بدورهم تحقيق وجودهم القومي في الوطن الذي وعدت به بريطانيا عام 1917- أي فلسطين، دون أن يخل ذلك على الإطلاق بالحق القومي للعرب في دولهم العديدة التي أنشأوها حتى لو كانت خاضعة للانتداب المؤقت.
الأمر الثاني، الذي حاججت به الحركة الصهيونية لإثبات جدارة اليهود بإنشاء دولة لهم، هو أن المنطقة التي كانت خاضعة للإمبراطورية العثمانية تقلبت بين الهويتين العربية والإسلامية، كما انضوت تحتها شعوب وقوميات أخرى مثل الأكراد والأمازيغ والسود، وبالتالي فهي منطقة غير متجانسة عرقيًا أو دينيًا حتى يمكن الدفع بأن إنشاء دولة لليهود فيها سوف يخل بتجانسها الثقافي والحضاري كما يُزعم البعض.
من هذا المنطلق النظري حاولت “الحركة الصهيونية” مد الجسور مع الأقليات الدينية والمذهبية والعرقية في المنطقة ومن ضمنها الحركة القومية الكردية التي ولدت بصورتها المنظمة عام 1946 بعد إعلان المُلا مصطفى البارازاني تشكيل الحزب الديمقراطي الكردستاني. ولم يكن الأكراد يخفون إعجابهم بالحركة الصهيونية وبسعيها لإنشاء دولة لليهود؛ فقد اعتبر البارازاني أن وحدة العدو المشترك للعرب ستقرب المسافات حتمًا بين اليهود والأكراد لمواجهته.
العلاقات مع إسرائيل- على الرغم من وجود اتصالات سرية بين أكراد العراق وإسرائيل منذ عام 1948، إلا أنها لم تأخذ منحى منتظم إلا مع بداية عام 1965، حيث أصبحت العلاقات مباشرة بين قيادة الحركة وديفيد كمحي (مدير عام في وزارة الخارجية الإسرائيلية آنذاك) والذي أكد في أحد لقاءاته مع البارزاني أن إسرائيل تعد بتقديم العون العسكري والمالي للحركة الكردية من أجل تحقيق حلم الدولة في شمال العراق. وفِي عام 1971 ساعد أكراد العراق إسرائيل في عملية كبيرة لتهجير اليهود من بغداد إلى إيران عن طريق كردستان العراق؛ فقد قام بعض المهربين الكرد بدعم من قيادات كردية على مستوى عالٍ بتهجير المئات من اليهود إلى إيران لقاء مبالغ مالية كبيرة(انظر: اليهود من جديد في كردستان العراق،
وعلاوة على أن دعم إسرائيل للأكراد في سعيهم لإنشاء دولتهم المستقلة يخدم نفس الأهداف التي سعت إليها الحركة الصهيونية، والتي تعطي المشروعية لوجود دول غير عربية أوغير إسلامية في الجوار الإقليمي لإسرائيل، فإن استغلال إسرائيل للأكراد ودعم تمرداتهم ضد الأنظمة التي يعيشون في ظل حكمها (العراق، سوريا، إيران – بعد عام 1979) والتي تناصب إسرائيل العداء، كان أمرًا منطقيًا في إطار سياسة إسرائيل الهادفة إلى تفتيت الدول التي تشكل خطرًا عليها عسكريًا وأمنيًا وسياسيًا. كما يمكن لإسرائيل أن تضغط على العديد من الدول المناوئة لها عبر استنزافها في حروب مع التمردات الكردية وعلى الأخص إيران التي يتسع نفوذها حاليا في العراق. أما تركيا فإن إسرائيل لا تريد أن تخسرها حتى الآن على الأقل، رغم ما يلوح في الأفق من إصرار من جانب أنقرة على التقارب مع إيران وروسيا. إذ يأمل ناتانياهو بتصريحه أن إسرائيل تعتبر “حزب العمال الكردستاني” الناشط عسكريا ضد الحكم التركي، منظمة إرهابية، أن تحذو تركيا بدورها لاعتبار حركة حماس منظمة إرهابية (ذكر ناتانياهو ذلك صراحة في أكثر من مناسبة أثناء إعلانه دعمه للاستفتاء الكردي).
ومع ذلك، لا يمكن القول إن هناك ضمانات مؤكدة أن تتحول منطقة كردستان العراق إلى دولة صديقة لإسرائيل في حالة إعلان الأكراد هناك استقلالهم؛ فالخلافات الداخلية بين الأكراد كبيرة وقد تؤدي إلى وقوع حرب أهلية فيما بينهما كما حدث في تسعينيات القرن الماضي (الحرب بين قوات الاتحاد الوطني الكردستاني، والحزب الديمقراطي الكردستاني)، الأمر الذي قد يؤدي إلى ظهور كيانات كردية يعمل كل منها كأداة لإحدى القوى الإقليمية، مما يدخل إسرائيل في صراعات مكلفة ماديًا وعسكريًا وسياسيًا، وهو ما سبق وأن جربته عام 1978عندما اجتاحت لبنان وأقامت شريطًا حدوديًا عازلًا سيطر عليه بعض الميلشيات اللبنانية المؤيدة لإسرائيل والتي انتشرت على خلفية الحرب الأهلية التي تفجرت هناك عام 1975. لقد خرجت إسرائيل من هذه المنطقة عام 2000 بعدأن تكبدت مئات القتلي، وبعد أن انفقت ملايين الدولارات، وبعد أن واجهت أيضًا حربًا مستمرة لنزع شرعيتها بسبب احتلالها لأجزاء من الدولة اللبنانية. والأسوأ أن الحرب اللبنانية قادت إلى تمكين الشيعة اللبنانيون عبر تحول حزب الله إلى أهم جبهة لقتال إسرائيل منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى اليوم.
بمعني أكثر وضوحًا قد يكون رئيس الحكومة الإسرائيلية متفائلا أكثر مما ينبغي؛ فتأييد إسرائيل المعلن لأكراد العراق سوف يتسبب في حرج لهم لاحقا، إذ إن التوحد حول هدف الاستقلال وحول حلم إقامة الوطن الكردي الكبير لن يلبث أن يتحول إلى نزاع على كيفية تقاسم السلطة والثروة بين الحزبين الكرديين الكبيرين. ومثلما يمكن لإسرائيل أن تستثمر في أحد الطرفين فبوسع إيران أيضًا أو تركيا أن تستثمر في الطرف الآخر. ناهيك عن أنه إذا كان الأكراد مصممون على إجراء الاستفتاء في موعده بالمخالفة لإرادة العديد من القوى الدولية والإقليمية، فإنهم قد لا يبادرون بالإعلان الفوري عن دولتهم فور ظهور نتائج الاستفتاء، إذ لن يكون لهذه الخطوة أية قيمة طالما لا يمكن تأمين اعتراف دولي بها. كما أن اشتباكها في حرب مع الدولة العراقية حال إعلان الدولة قد لا يكون أمرا مستبعدا. ومن المشكوك فيه أن تصمد الدولة الكردية في مثل هذه المواجهة؛ فحتى التقارير الإسرائيلية ذاتها ترى أنه جرت عمليات تضخيم متعمد لقوة الأكراد في مواجهة داعش في سوريا والعراق، ومن ثم لا يمكن الزعم بأن هذه الدولة في حالة ولادتها بعيدًا عن الاتفاق مع العراق ستصمد في مواجهه عسكرية معها وتخرج منتصرة. وفِي كل الأحوال إما أن تجد إسرائيل نفسها مستنزفة في صراع محتمل وطويل دون أن تكسب من ظهور الدولة الكردية نظريًا وعمليًا، وإما أن تفاجئ بتغيرات في التوجهات الكردية ذاتها لا تتطابق مع الحسابات الخطية التي أجراها ناتانياهو وهو يعلن صراحة عن تأييده لاستقلال كردستان.
قبل 30 عاماً، لم يكن أحد يجرؤ على تخيل نشوء كردستان شبه مستقل في العراق أو بروز الأكراد كحليف يعتد به. وهذا ما يحصل اليوم. واليوم فـي الغرب ثمة إقرار بمشروعية حق الأكراد في دولة خاصة بهم ، فالأكراد المنقسمون ما بين تركيا والعراق وسوريا وإيران، يبحثون منذ انهيار الدولة العثمانية، وتقسيم حدود الشرق الأوسط، عن إقامة إقليم كردستان الكبير، ولكنهم فشلوا من قبل في الوصول إلى هدفهم نتيجة تمسك أنظمة الدول التي يعيشون فيها بوحدة أراضيها. غير أن المشهد تغيّر بعد الاحتلال الإمريكي للعراق عام 2003 فحقق الأكراد مبتغاهم في إقليم مستقل مستغلين الوضع في البلاد بعد الغزو الأميركي حتى أصبح الإقليم بؤرة الدولة الكردية الكبرى المستقبلية فاستغل أكراد سوريا الذين لا يزيد عددهم عن المليونين الحرب الإرهابية على الدولة السورية وانشغال الجيش العربي السوري في الدفاع عن الدولة ومحاربة المسلحين القادمين من وراء الحدود والبحار هذا الوضع وعمدوا الى السيطرة علىالمناطق والبلدات والقرى الكردية ويضعون أسسا لحكم ذاتي مستقبلي. وما شهدته الأيام الأخيرة مدينة الحسكة في الشمال الشرقي من سوريا من ه ! مات عنيفة قامت بها قوات ” الأسايش ” الكردية على نقاط الجيش السوري وبحماية أمريكية إلا مؤشرا جديدا آخر عن النوايا الانفصالية للأكراد السوريين بعد أن منحتهم الحكومة السورية إدارة وحماية مناطقهم وتزويدهم بالسلاح ، فوجّهوا سلاحهم إلى ظهر الجيش والدولة السورية والأكراد السوريون يشكلون أقل من 10% من سكان البلاد يعيش معظمهم في محافظة الحسكة شمال شرق سوريا في القامشلي وراس العرب، وفي بلدتين صغيرتين في محافظة حلب شمال سوريا هما عين العرب (كوباني) وعفرين (جبل الأكراد) والمناطق المحيطة بهما، وهم يشكلون اليوم الغالبية في هاتين المنطقتين. ويبلغ عدد القرى والبلدات الكردية في محافظة الحسكة 453 قرية تشكل نسبة 26.38% من إجمالي القرى مقابل 1161 قرية عربية وتشكل نسبة 67.62% من إجمالي القرى و48 قرية مختلطة من العرب والأكراد وتسهم محافظة الحسكة بشكل كبير في تربية المواشي وإنتاج الصوف والألبان وغيرها من المنتجات الحيوانية. أما الثروة المائية فتزخر المحافظة بالموارد المائية وتشكل 52% من الموارد المائية السورية. وبالنسبة للموارد الطبيعية، فأغلب استخراج النفط الخام والغاز الطبيعي والكبريت يأتي من هذه المحافظة . إن المؤشرات الراهنة تبين أن الأكراد هم أكبر المستفيدين حتى اللحظة من موجة التغيير والتدمير التي اجتاحت منطقة الشرق الأوسط منذ غزو العراق. وفي ظل الوضع غير المستقر في العراق وسوريا تزداد أهمية الورقة الكردية في معادلة رسم النفوذ الدولي في منطقة الشرق الأوسط، وظهور فيدراليات ومناطق حكم ذاتي في الدول التي يشكل فيها الأكراد مكونا رئيسا في النسيج الاجتماعي قد تغير في المعالم الجيوسياسية للمنطقة، وتؤثر على موازين القوى نظرا لجغرافية تلك المناطق ولثروات الدول الأربع التي يتمركز فيها الأكراد. وعليه فإن في حال قيام دولة كردية مستقلة في المستقبل في المناطق التي يعيش فيها الأكراد في الدول الأربع تركيا والعراق وإيران وسوريا سيكون بمثابة قيام دولة إسرائيلية ثانية في المنطقة فالأكراد تربطهم بالكيان الصهيوني الغاصب علاقات قوية ومتينة تعود إلى منتصف القرن الماضي وتحديدا الى عام 1943 أي قبل قيام دولة الاغتصاب وتعمقت بعد قيام الدولة العبرية، وقامت إسرائيل بمساعدة الأكراد فى معاركهم مع الأنظمة العراقية منذ أيام الملكية وما بعدها، وقد أمدتهم أكثر من مرة بالسلاح والأغذية والمعونات الصحية، والأموال، وان ممثلين من الموساد الإسرائيلى زارو! ا المواقع الكردية فى شمال العراق فى فترة الستينيات، وكانت الاتصالات بينهما تتم عبر طهران فى ظل حكم الشاه وعبر العواصم الأوروبية وخاصة فى باريس ولندن. وأن زعيم الأكراد الراحل مصطفى البرزانى زار اسرائيل مرتين والتقى هناك بالقيادات الاسرائيلية وقيادة الموساد فى فترة الستينيات.
هذه الحقائق وغيرها كشفت عنها الوثائق والصور التى خرجت فى السنوات الأخيرة والتى ظهرت فى كتب وتقارير من بينها كتاب شلومو نكديمون وهو يهودى أمريكى تابع هذا الملف الكردى الاسرائيلى فى كتابه.. الموساد فى العراق ودول الجوار، انهيار الآمال الإسرائيلية الكردية. وعلى أثر المعارك التى خاضها مع الجيش العراقى عام 1961 طلب من اسرائيل أسلحة وذخائر وأدوية لمعالجة الجرحى الأكراد وتقديم المساعدة لإنشاء محطة إذاعة كردية جديدة وكانت الاتصالات مع اسرائيل تتم عن طريق ثلاث قنوات أولها المخابرات الايرانية، وثانيها نشاط الأكراد فى أوروبا مع السفارات الاسرائيلية وثالثها علاقة البرزانى بصديقه القديم موريس فيتشر سفير اسرائيل فى روما. يقول نكديمون فى كتابه أن البرزانى رأى ضرورة الاتصال بإسرائيل بشكل مباشر منذ عام 1963 لتساعده فى تحقيق حلم الأكراد فى بناء حكم ذاتى بعد أن فشل مع الحكومات العراقية، ولتحقيق ذلك استعان بالاسرائيلين الذين تربطهم علاقات جيدة مع اسرائيل فى ذلك الوقت. أصبح ملف الأكراد فى اسرائيل له أهمية خاصة وفى 15 ابريل 1965 عقد رئيس الحكومة الاسرائيلية ليفى اشكول اجتماعا حضرته وزيرة الخارجية جولدا مائير ورئيس الاركان اسحق رابين ومائير عميت رئيس الموساد الذى طرح قضية الأكراد والأعمال الخاصة التى تقوم بها اسرائيل وخلص الاجتماع الى قرار نص على ضرورة منح الأولية للقضية الكردية. وبعد خمسة أيام من هذا الاجتماع أبلغ مصطفى البرزانى اسرائيل عن طريق ايران أنه معنى بالاجتماع مع مبعوث اسرائيلى رفيع فى كردستان وايضا على استعداد لإرسال مبعوث رفيع من قبله للاجتماع بممثل اسرائيل خارج كردستان، وبعد عدة أشهر وبالتحديد فى أوائل عام 1966 التقى البرزانى بالمستشار الاسرائيلى ليشع رونى، وبعد هذا الاجتماع تواجد الاسرائيليون فى محور رواندوز الحاج عمران شمال العراق بقيادة تسورى ساجى.. وتوالى ضباط اسرائيليون المجيئ الى المنطقة وأقامت اسرائيل للأكراد مستشفى ميدانى تحت ادارة الدكتور برلسنر، وأصبح الطريق مفتوحا الى اسرائيل أمام القاد! ة الأكراد عبر ايران، وذكر شلومو نكديمون فى كتابه انهيار الآمال الاسرائيلية الكردية أن البرزانى احتفل مع الاسرائيليين فوق جبل كردستان بدخولهم القدس عام 1967 بذبح كبش علق فى رقبته شريطا من لونين الازرق والأبيض رمزا للعلم الاسرائيلى وكتب عليه: هنئوا اسرائيل لاحتلالها بيت المقدس. فرحا بانتصار إسرائيل في حرب 1967. وفي نيسان (أبريل) 1968 قام الملا مصطفى البارزاني بزيارة إلى إسرائيل حيث هبطت طائرة أقلته من إيران، في مطار اللد وكان بصحبته الدكتور احمد والمفتي وخمسة حراس شخصيين مسلحين، واجتمع مع رئيس الدولة، زيلمان شوفال وحضرهذا الاجتماع ولبكوب، وقد رفض البارزاني كل التوسلات بأن يتخلى عن مسدسه الشخصي المحشو بالعتاد، وقال لبكوب لتبرير الموقف : هل شاهدتم كلباً يتخلى عن ذنبه؟ وقد نصح الرئيس الإسرائيلي، مصطفى البارزاني أن يتخلى عن فكرة الحكم الذاتي، وأن يعمل من أجل إقامة دولة كردية مستقلة وقد قابل أيضاً وزير الدفاع موشيه دايان، كان من المفروض أن تبقى الزيا ! ة سراً لكن أمر الزيارة تسرب وانتشر خاصة بعد مقابلة جرت بين البارزاني ومحرري الصحف الإسرائيلية . وفى عام 1972 كان الأكراد ينقلون معلومات شاملة حول الجيش العراقى الى كل من المخابرات الايرانية والاسرائيلية عثر على وثائق تؤكد علاقة الأكراد بالسفارة الاسرائيلية فى باريس وقدإمنحت سرائيلالملا مصطفى البارزاني رتبة (لواء) تقديرا لجهوده في تسفير اليهود العراقيين الى فلسطين المحتلة . وقد اعترف مناحم بيجين وهو رئيس لحكومة اسرائيل عام 1981 فى 29 سبتمبر من نفس العام أن اسرائيل ساعدت الأكراد بالأسلحة والمال وأن الخلافات التى كانت تقع بين الفصائل الكردية تسبب لها الازعاج. وفي سبتمبر 2014، عقب هجوم داعش في شمال العراق، أعلنت الوكالة الإسرائيلية غير الحكومية إيسرايد عن تقديم المساعدة العاجلة للمسيحيين والإيزيديين في كردستان العراق، إلى جانب اللجنة اليهودية الأمريكية. ولا يختلف أمر أكراد سوريا عن أكراد العراق فابتدأ المؤلف بالحديث عن (حسني البرزاني) أو (البرازي) وهو زعيم من أصل كردي، تمكن من جمع رأس مال كبير جداً، أوصله في نهاية المطاف إلى منصب رئيس الحكومة في سوريا عام 1942 وكان ذا صلة وثيقة بـالأمير (بدير خان) وكبار رجال الدبلوماسية الإسرائيلية وكان واثقاً من أن الإسرائيليين يحفظون له أفضالاً عديدة في الماضي القريب، حيث قدم تسهيلات لهجرة يهود بولنده إلى فلسطين عن طريق دمشق . وفي أوج حرب 1948 فكر حسني البرازي الإطاحة بالرئيس السوري القوتلي ورئيس حكومته جميل مردم، وإنه بالتنسيق مع بدير خان، طلب أن يقوم الإسرائيليون بدورهم في هذه العملية، بأن يقوم الجيش الإسرائيلي بإثارة التوتر على الحدود لجذب قوات الجيش السوري نحو الحدود بعيداً عن العاصمة دمشق، وبالتالي إتاحة الفرصة له بدخول المدينة بكتيبة دبابات والاستيلاء على السلطة بسهولة . ووعده إذا ما نجحت الفكرة، سيعمل على التوصل إلى اتفاقية سلام مع إسرائيل، وترسيم الحدود الدولية وإن هناك شركاء في الانقلاب من بين الأقليات، الأكراد، الدروز، الشركس . وحين عرض بدير خان ( عم ! ل إسرائيلي ليس بالمفهوم الكلاسيكي للعملاء، وإنما كان يقوم بتكليف من إسرائيل بأعمال سياسية حساسة على افتراض أنه سينال مقابلها مساعدات إسرائيلية للنضال الكردي، وقد قام بدير خان بعدد من المهمات السياسية في عدد من العواصم العربية مثل دمشق والقاهرة وبيروت بتكليف من إسرائيل، وإن هذه المهام لا زالت طي الكتمان لسبب ما ) الموضوع على ساسون في وزارة الخارجية الإسرائيلية لم توافق إسرائيل على التدخل في إحداث انقلاب في سوريا . وتحدث الكاتب عن دور حسني الزعيم و محسن برازي، وكلاهما كرديان، وكانا يسعيان للتصالح مع إسرائيل، وإسقاط القوتلي، ولو أنه يعرج ! فيقول إن إسرائيل لم توافق على انقل! اب حسني الزعيم في كانون الأول 1948(ديسمبر)، واستلام الزعيم السلطة في 30 آذار (مارس) 1949، وينقل الكاتب على لسان شمعون وبن غوريون بأنهما أقرا بأن إسرائيل قد ارتكبت خطأ بعدم استجابتها لطلب حسني الزعيم، رغم إن الزعيم أعلن صراحة رغبته التفاوض مع الصهاينة . وفي 14 آب 1949 أطاح انقلاب عسكري بالزعيم والبرازي وتم إعدامهما . يقول الجنرال بالاحتياط ميخائيل هرتسوغ الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط، للجزيرة نت إن “تقسيم العراق وسوريا إلى دويلات متنازعة يخدم مصلحة إسرائيل” التي يندرج دعمها للدولة الكردية المستقلة علانية ، ضمن رغبتها في تعزيز الكيانات السياسية المستقرة والمنفتحة عليها وعلى الغرب. من جانبه رحب رئيس المجلس الوطني الكردستاني في سوريا شيركو عباس بدعم إسرائيل للدولة الكردية، وقال إن “الأكراد لم يناصبوا يوما العداء لها، وإنهم المحرك للديمقراطية في الشرق الأوسط”. وقال عباس لموقع “ميدا” الإسرائيلي في تاريخ 13/ 6 /2014 إن تاريخا ومآسي مشتركة تجمع الطرفين، معتبرا أن “دعم إسرائيل للأكراد سيساهم في بناء حدود آمنة لها”.
ويساهم عباس في تفسير الدعم الإسرائيلي السري والعلني المتزايد للأكراد بتحذيره إسرائيل من التردد في دعم الأكراد أو الانتظار، داعيا إياها إلى اغتنام الفرصة “لتحويل سوريا والعراق إلى كنفدراليات من خلال مد يد العون للأكراد”. إن فكرة تقسيم العراق وسوريا الى دويلات واقاليم طائفية او اثنية تدخل في صلب العقيدة الاستراتيجية المحبذة لنشوء كيانات سياسية اثنية للآقليات يمكن ان تتلاقى مصالحها مع المصالح الإسرائيلية في المنطقة. انه يمثل موطىء قدم بالغة الاهمية بالنسبة للاستخبارات الإسرائيلي في المواجهة الدائرة مع إيران على خلفية برنامجها النووي، او بالنسبة لمواجهة الخطر الجديد الذي يمثله الجهاديون والإسلام الراديكالي المتشدد في العراق وسوريا.