الجالس في الكرسي وحش فريسته البشر , وهذا سلوك متوارث عبر مسيرة الكراسي المتسلطة على رقاب الناس.
فمسيرتها في الأمم متصلة بالسيف وقطع الرؤوس , فلكل كرسي نطع وسيف , والجالس فيه يفتتح يومه بقطع بعض الرؤوس المقدمة إليه صباحا , ليتأكد بأنه السلطان وصاحب القوة والقرار , ويندر أن تجد في التأريخ من تسلط ولم يقطع رأسا , ويتباهى بسفك دماء المقدمين إليه على أنهم مجرمون.
وفي مسيرة بعض الأمم , الأمثلة متنوعة , فلكل نطعه وسيفه ويتباينون في شدة قتلهم وسفكهم للدماء , وكأنما لا يمكنك أن تكون حاكما إلا بعد أن تستسهل قتل البشر , وتقطع رؤوس من يخالفك في أبسط الأمور.
فالجالس على الكرسي وحش مفترس , وبسلوك الإقتراس يؤكد قوته وسطوته , وقدرته على القبض على مصير الذين من حوله , فمن لا يطيع يتدحرج رأسه في النطع.
وجديده في الزمن المعاصر , بدلا من السيف والنطع , صارت السجون وسوح الإعدامات ومعتقلات التعذيب تقوم بذات الدور , لتؤكد السطوة والسلطة والتوحش الشديد.
فالكراسي تفترس ما حولها وبعضها , وسفك الدماء ديدنها , والقوة دينها وربها , والإستحواذ على مقدرات الآخرين منهجها الذي لم يتغير , فالنفس البشرية تتفاعل بذات الآليات منذ الأزل.
والقول بأن الكراسي المتسلطة تقيم العدل وتحق الحقوق وترحم المواطنين نوع من الهذيان والهذربة , وقد وعت العديد من الأمم هذه العاهة البشرية , وتعلمت كيف تتحكم بالقوة وتمنعها من التمركز بقبضة واحدة.
وبعض الأمم لا تزال على ذات السلوك الخائب , خصوصا التي إتخذت من الدين مطية لتبرير مآثمها وخطاياها.
ولابد من العودة إلى ميزان القوى , وتوزيعها بين سلطات تحافظ على عدم إنفلاتها , وفي هذا مقياس تقدم الأمم وتطور المجتمعات.
فهل لنا أن نلجم جماح الكراسي الفاعلة فينا؟!!