بسم الله الرحمن الرحيم
[وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ ۚ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنقَلَبْتُمْ عَلَىٰٓ أَعْقَٰبِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيْـًٔا ۗ وَسَيَجْزِى ٱللَّهُ ٱلشَّٰكِرِينَ]
على كل مسلم أن ينظر في هذه الآية الكريمة..
يتساءل :
– هل انقلب المسلمون على رسول الله(ص) بعد وفاته مباشرةً بشيء غير إنقلابهم على عهده بالخلافة للإمام علي(ع) في الغدير !؟
– ما أهمية ذلك الإنقلاب .. بحيث ينبئ به ﷲ سبحانه و تعالى بآية منزلة من السماء تثبَّت في القرآن الكريم..
القرآن الكريم .. الكتاب المقدس الزماني و المكاني!؟
– لماذا لم يسألوا رسول الله (ص) في حياته عن مدلولات هذه الآية .. من سينقلبون .. لماذا ينقلبون ..
ومن هم الشاكرين وبماذا سيجزيهم ﷲ !؟
أقول .. لعلّه في مجمل الإجابة على كل تلك التساؤلات هو مايلي :
١/ من المعروف أنَّ الذي في نفسه شيء من المضامين لا يود أن يثير من يفضحها.. فيتضح ما في داخله ، لذلك لم يجرؤ أحد من الصحابة الذين يضمرون في نفسهم البغض لعلي(ع).. فيقول النبيُّ قولاً لن يضلوا بعده أبدا ، وهذا ما تؤكده رواية (آتوني بدواة وقلم)!!!
٢/ لا أظن أنَّ الإمام علي(ع) يغفل عن معرفة تفسير هذه الآية.. و هو القائل (أنا كتاب الله الناطق) ، فأكيداً
أنَّ النبيَّ (ص) قد شرح له قصد الآية الكريمة و بين له ما أوحى ﷲ بها لمحمد(ص) في حياته ، وما سيجري بعد رحيله(ص) .. و هناك روايات معتبرة تذكر أن النبيَّ(ص) قد أخبر عليّاً(ع) بكل شيء.. و هو عليه السلام القائل (علَّمني رسول الله ألفَ باب يُفتح لي من كل باب ألفُ باب) .. ثم أنَّ سكوته(ع) حيال مؤامرة السقيفة و ما غيرها من أحداث حصلت بعد وفاة النبيّ ّ(ص).. كاقتحام بيت بضعته الزهراء(ع) و إجهاضها حنينها و كسر ضلعها ، و عدم شهره السيف على من نقض عهد بيعة الغدير من الصحابة .. كلها مؤكدات لدراية الإمام علي(ع) بأمر ذلك الإنقلاب المؤسف.
وإلّا كيف نقتنع بسكوت الإمام علي(ع) على ما حصل ، وهو المجندل بالأمس القريب عمر بن ود العامري فارس فرسان المشركين ؛ أيتعذر عليه جندلة مناوئيه من الصحابة ؛ مالم يكن صابراً عليهم بأمرٍ وصّاه به حبيبه المصطفى(ص) فسكت!!!..
٣/ لقد كان الإسلام حديث عهد في الأمّة .. ولم يزل المسلمون في بداية إسلامهم ؛ وهم الجاهليّون المشركون بالأمس القريب .. فهم أقرب إلى الهدم عن البناء ، فأية معركة تنشب بين آل النبي(ص) و رجالات من مسلمي قريش أو الأنصار أو المهاجرين ستؤدي إلى كارثة خطيرة يتحمل وزرها من أثارها مدى التاريخ ، ولأن الإمام علي(ع) هو المتضرر الوحيد من ذلك الإنقلاب السقيفي على عهد بيعة الغدير ، فستقع عليه شخصياً مسؤولية ما سيحصل في الأمّة من ويلات ، لذلك آثر الصبر و الإنتظار على الإنتحار !!!