القسم الاول
————— : القطاع الزراعي:
على مدى عقود طويلة ومنذ تأسيس الدولة العراقية بداية العشرينيات، ترسخت في اذهان الناس ،داخل وخارج العراق، مجموعة من الاكاذيب والافتراءات والاوهام والقراءات الخاطئة وشكّلت جبلاً عظيماً من انعدام الحقيقة ، يصعب تفنيده وشرحه وبيان الصورة الصادقة للاشياء والأحداث.
قالوا كان العراق مكتفياً زراعياً ، وقطاعه الزراعي عظيم !!
ماذا تقول لهم وقد كان سكان العراق في زمن الاقطاع بحدود اربعة ملايين
معظمهم فقراء حتى الفلاحين منهم لايأكلون خبز الحنطة بل الشعير ويسلمون معظم الحاصل للاقطاعي.
وكانت عقوبة فشل الفلاح في تسليم الحاصل المطلوب التعذيب الشديد وقد تصل الى القتل احياناً؟؟
ماهو حجم ونوعية الطلب على المنتجات الزراعية التي يطلبها الفقراء؟
من كان يأكل اللحم والدجاج والبيض والفاكهة بشكل يومي ؟؟ وكم نسبتهم من السكان ؟
من الطبيعي ان يتولد فائض من بعض المنتجات ( كان العراق يصدر كميات من الحنطة والشعير والرز والبيض في العشرينيات والثلاثينيات حسب احصائيات قديمة عثرتُ عليها في مكتبة وزارة التخطيط)..
كان الاقطاعيون يقومون بإجبار الفلاحين على عمل السخرة لكري وتنظيف الانهار بشكل دوري..
النظام الجمهوري ، الغى الاقطاع ووزع الاراضي للفلاحين وسط احتفالات كبيرة ، فاختفى عمل السخرة وواجهوا مشاكل في الري لان التنظيف اصبح وظيفة الدولة التي عجزت عن توفيره كما ينبغي.
كذلك عجزت الدولة عن اقامة نظام للبزل فتغدّقت التربة وارتفع مستوى المياه الجوفية وازدادت ملوحة الاراضي لاسيما مع وفرة المياه واستخدام نظام السيح في السقي..
لم يتم بناء قنوات مبطّنة او طرق حديثة في الري تمنع خراب الاراضي..
تدهورت الانتاجية بالتدريج وازدادت الهجرة الى المدن وتراجع الانتاج الزراعي..
بعد العام ١٩٦٨ ، لم يحصل اي تقدم على صعيد غسل التربة واستصلاحها
واستمر تدهور الانتاج الزراعي مع ازدياد عدد السكن وتحسن المستوى المعيشي وازدياد الطلب على المنتجات الزراعية.. ازداد الاعتماد على الاستيراد وتراجع مستوى الأمن الغذائي ( في الثمانينيات كان العراق يستورد ثلاثة ملايين طن من الحنطة يتم رمي مليون طن منها في القمامة)
ويستورد البيض والبصل والبطاطا الخ..
بدأت الحرب مع ايران وتم سَوق الفلاحين الشباب لجبهات الحرب وتعرضت الزراعة لتدمير كبير وازداد الاعتماد على الاستيراد لكل شيء تقريباً..
اصبحنا نبيع النفط فقط ونستورد السلاح والغذاء !!
( قال لهم الرئيس المصري انور السادات ساخراً في خطاب رسمي : انتم بستوردوا كل حاجة ، أمّال راشد بيزرع أيه ؟؟)..
وكان راشد أسم فلاح ورد في كتب محو الأمية..
اوهام وحكايات غير صحيحة كثيرة متداولة ، تجعل من العسير تفنيدها وتعديل الصورة الذهنية عنها..
وسوف اعود لمناقشة السرديات الكاذبة الاخرى تباعاً..