المدينة بحاجة إلى حركة عمرانية منضبطة تعيد جمالها وبهاء حاضرها ودورها الثقافي والحضاري والتأريخي.
فشوارعها لابد لها أن ترتقي إلى مواصفات الشوارع المعاصرة , وجزراتها الوسطية عليها أن تكتسي باللون الأخضر , وتستعيد أشجار الدفلى التي كانت زاهية فيها من قبل.
ولا بد للمدينة من ساحات وميادين جميلة ذات هندسة معاصرة , فيها النصب الفنية والنافورات والمساحات الوارفة الغنّاء.
ميادين تحِفّها المحلات والمقاهي والنوادي التي يقضي الناس فيها أجمل الأوقات.
فالمدينة في حالة خراب وبؤس , وكأن جمالها يتم معاداته , فالساحة حول مرقد الإمامين (ع) , كانت في غاية الحياة والحركة والحيوية والنشاط , واليوم تجدها خاوية خالية مهجورة وكأنها أنقاض , وقد حاق بها الدمار والإهمال , وأصبحت كالمعسكر أو الثكنة العسكرية.
أما شوارع المدينة الأساسية المرتبطة بالروضة العسكرية , فأنها إنمحقت وتشوهت وحوصرت وأهملت عمدا.
وهذا سلوك لا يليق بالمدينة ولا يتفق مع معايير تفاعلاتها الحضارية والتأريخية والدينية.
المدينة بحاجة لنظام تصريف مياه متطور يجنبها ما يصيبها من تجمعات مائية عندما تهطل الأمطار.
وآثارها تفتقد العناية المناسبة , فالملوية فيها تشويهات واضحة لمعالمها , فما يتم فعله لا يتماشى والمواصفات الآثارية , وإنما عبارة عن “ترقيع” , وما تم تشييده داخلها وحولها يتناقض مع معايير أصلها ومميزاتها , وعلى مديرية الآثار أن تكون أكثر حرصا وجدية ومسؤولية للعناية بالملوية , لأهميتها التأريخية والإنسانية , وعلى منظمة اليونسكو أن تتدخل لإنقاذها من هذا التشويه المروع.
والمدينة بحاجة لثورة فندقية , ففنادقها التي كانت تزدحم بالزوار , أصبحت بلا وجود ودور , ولا يوجد في المدينة فندق واحد معاصر يليق بها, وقد كان فيها فندقا حديثا لكنه دمّر تماما , وأظنها خالية من أي فندق في الوقت الحاضر.
المدينة تريد فنادقا وزوارا وحرية في التفاعل مع الزائرين والسائحين , لكي يتحقق النشاط الإقتصادي وتنتعش الأسواق وتتوفر فرص العمل.
والمدينة بحاجة إلى مستشفى معاصر , فمستشفاها لا تفي بالحاجات , ولا تستوعب أبناءها , ومن العجب أن نفوسها قد قارب المليون , ولا تزال ذات المستشفى التي كانت فيها عندما كان نفوسها بضعة عشرات آلاف , وبأقل عدد من الأطباء , وهي مؤلمة المنظر , وعجيبة البناء , إنها المستشفى القديم الذي تم التفنن بتشويهه وبنائه بلا مسحة عمرانية ذات قيمة جمالية.
المدينة بحاجة إلى مدارس معاصرة , وعناية جادة بمدارسها الإبتدائية والمتوسطة والثانوية , ورياض الأطفال , وتوفير فرص العمل للخريجات للقيام بدورهن الثقافي والتربوي.
كما أنها تستحق أن يكون فيها مدينة ألعاب ومسارح ونوادي رياضية ودور سينما وغيرها من الوسائل الترفيهية.
وتأمل المدينة أن تقوم “جامعة سامراء” الناشئة , بدورها في نشر الثقافة والإبداع والمساهمة بإستعادة دور المدينة على جميع المستويات الحضارية المعاصرة.
والمدينة بحاجة لمطار أسوة بمدينة النجف وكربلاء , وتكريما وتقديرا , لمراقد ومقام أئمة ثلاثة أطهار (علي الهادي وإبنه الحسن العسكري وحفيده المهدي المنتظر) (ع).
كما أنها بأمس الحاجة إلى وسائط نقل عامة (سيارات مصلحة), فلماذا تفتقد للخدمات الضرورية لإنسياب حياة الناس؟
هذه بعض حاجاتها الأساسية , وتقع على عاتق أهلها وعي ثقافة المدينة وتأريخها وقيمتها المعرفية والفكرية والعلمية , وأن تتظافر الجهود من أجل سامراء أجمل , وأرقى وأبهى وأكثر أمانا وسلاما وألفة ومحبة وأخوّة , ورقيا إلى حيث الآفاق الإنسانية الديمقراطية المطلقة.
فالمدينة درة عراقية , وجوهرة حضارية , لكنها تعاني من جهل أهلها بها , ومن إهمال الدولة لأهميتها ومعانيها الفنية والجمالية , وأنها من الممكن أن تكون في مقدمة الحواضر السياحية التي تستجلب عشرات الآلاف من السياح كل عام.
تحية لسامراء الغالية التي ولدتُ وترعرعت فيها , ونشأتُ أعبق من أنوارها الروحية والحضارية السامية , ومن ملويتها الشماء المنطلقة بطاقات الإبداع الفكري والروحي إلى آفاق الأكوان الرحية العلياء.
وكل عام والمدينة أجمل وأزهى!!
هذا ما أراه وربما لا يتفق معه بعض أبنائها , لكنها مدينتي ومن حقي الإنساني أن أتكلم بلسانها!!