18 ديسمبر، 2024 11:11 م

هل سرق الغرب آثارنا

هل سرق الغرب آثارنا

اتكلم عن العراق خصوصا من بين الحضارات الاقدم ومابقي شاخصا من آثارها ، وهي الاقدم كما يصنفها المختصون والاكثر تنوعا والاغزر انتاجا على مستوى العالم بتاريخه القديم ، نعم مصر والصين والمكسيك وحلب واليمن و حضارات اخرى ، لكن العراق (مابين النهرين) او بلاد الرافدين احتضن حضارات عدة ومختلفة واعراق متعددة ولذا سمي (بلد الحضارات).، وقد غيرت تلك الحضارات المدنية العالم جذريا ،
فلايتعلق الامر ببناء لايسمن ولايغني من جوع كالجنائن المعلقة المندثرة او الزقورة الشاخصة او الاهرامات او الجثث المحنطة او القبور ، فهذه لاتقدم شيئا للبشرية سوى الاعجاب والانبهار .
حضارات العراق مختلفة تماما فهي علمت البشرية الحرف والكتابة والتاليف الادبي والموسيقى والعجلة والقوانين والهندسة والفلك والحساب ، وامور خطيرة ومؤثرة كهذه تؤرخ لعقول جبارة مميزة عما حولها ولامم عريقة .
ومن ارض العراق انطلق كل شيء في هذه الدنيا تقريبا ، ومن بقاع اخرى بنسب متفاوتة وبانجازات اقل. ولكن العراقيين وكعادتهم في كل عصر وعن كل امر فهم الاقل اهتماما بالترويج والاعلام والمفاخرة اذا ماقيس الامر باخلاف حضارات اخرى خلقوا من اثارهم مزارات ومحلات ارتزاق ، ومن منجزات اسلافهم وان قلت او تفهت عظائم وعزائم ، وصارت مقصدا السياح وقبلة لهواة التاريخ من كل صوب.
العراق يحتوي مدن اثارية كاملة وشاخصة او يمكن ازاحة الاندثار عنها بيسر لتكون مذهلة لدرجة ان لايضاهيها شيء ولا أثر في العالم.
ولكن ليس لدى العراق مؤسسات تهتم بهذا او تتبى ابرازه او ترميمه او عرضه او الترويج له، لا في ايام الدولة القوية (البوليسية العسكرية المستبدة) في القرن الماضي ، ولا بعد ان أصبح بلا دولة سوى مجموعة سراق ينهبون لعوائلهم ولاسيادهم في دولة هذا القرن.
ويمكن بعد هذا ان نقول للعراقيين الوطنيين الذين يشتكون -كما يظنون- من الحيف الذي وقع على ماظهر من آثارهم بنقلها الى متاحف عالمية متفرقة في اصقاع الارض، ان هذا من نعم الله علينا ومن حسن حظنا ان هيأ لنا سراق آثار اخذوها واحتفظوا بها في ارقى الاماكن والمتاحف واأمنها ، خصوصا انهم لم ينسبوها لانفسهم ولم يزوروا ، بل قالوا : هذه اول مسلة قانون وضعتها البشرية عراقية ،وتلك اول لغة كتبها الانسان عراقية ، وذاك اول لوح طيني لنص ادبي عرفه الانسان “عراقي”، وتلك اول منظومة نقل مياه هندسية ، وهذه اول الة موسيقية قيثارة عراقية . وذلك لوح حساب وهنا مرصد فلك . ومثل هذا كثير.
ولولا هذه الدول السارقة لوضع (البواردية) من الصيادين العراقيين هذه الالواح هدفا يثبتون به دقة تصويبهم بالبنادق ، او لأهدى المالكي ابنته اسراء تاج عشار ، او لوضع الحكيم بوابة بابل امام معمل الببسي الخاص به ، ولكان الكاظمي الى الان يصور ببدلته ويخط بقلمه الفاشل على رقم الطين حتى ينهكها كذبا واستعراضا ، او لربما جعل السيد مقتدى مسلة حمورابي منصة يلقي عليهاخطاباته في الحنانة وكلما غضب كسر منها جزءا. ولظل البدو من قبائلنا الى الان يتبولون على اول نص ادبي في التاريخ متمثلا بالواح ملحمة كلكامش .
فنحمد الله ونشكر السارقين الغربيين، وليتهم يسرقون نصب الحرية ايضا قبل ان تدمره أمانة “الهمج” ، فيكون لهم في رقبتنا دين لا يرد .