24 ديسمبر، 2024 11:14 م

في المفردة السياسية : الترطيب .. و .. الترميم ؟!

في المفردة السياسية : الترطيب .. و .. الترميم ؟!

حتى احتلاله في نيسان 2003 ، كان العراق ، وعلى وجه الدقة ، كان (الشارع السياسي العراقي) فقيراً في المفردات السياسية . وبعد الاحتلال هبطتْ علينا (نعمة) هذه المفردات ، تزامناً مع (الاحتلال التحريري) كما يصفه البعض !! .
    المحتلون لبلادنا ، طرحوا في سوق التداول ، مفردات يبدو المعنى الظاهري لها جذاباً وملفتاً للنظر . طرحوا في هذا (البازار) مفردة الشفافية ، وهي تعريب لمفردة أمريكية شائعة ، هي (Transparency) . وهذه الكلمة هي الابرز في الشارع السياسي العراقي . والى جانبها حَلَّتْ شقيقتها ، ونعني النزاهة . وتوالت المفردات والتسميات . فهناك : الاتحادية والتوافق ، الاجماع ، التوازن ،  المشاركة ، الكوته ، والتعددية .
    إلى جانب ذلك ، جائتنا تسميات اخرى ، مثل : عبوة ناسفة ، حزام ناسف ، سيارة ملغمة ، إرهابي ، سلاح كاتم للصوت ، تفجيرات دامية ، عبوة لاصقة ، تهجير ، فساد ، ومزايدات .
ماذا يقول الخبثاء ؟
    الخبثاء ، الذين يرصدون الشارع السياسي العراقي ، يقولون : ان المحتلين للعراق ، جاؤو برزمة واحدة من المسميات ، وعلى المعنيين قبولها كرزمة واحدة ، أو رفضها جميعاً . بل ويمضون اكثر ، الى   القول : أن كل واحدة من هذه المفردات ، تلد أخرى ، في عملية تكثير مستمرة .
    لكن مفردات (جميلة) وذات نكهة أدبية واضحة ، تداولتها وسائل الاعلام . فحين قام ، مؤخراً ، مسؤول عراقي رفيع بزيارة للجارة تركيا ، قال اعلاميون بانها تهدف الى (ترطيب) الاجواء بين البلدين ، ويبدو ان العلاقات بين البلدين كانت (جافة) مما استدعى ترطيبها !! . 
    وحين تأزمت العلاقات بين ضفتي الأطلسي نتيجة فضائح التجسس الامريكي ، على قادة الدول الحليفة لواشنطن ، طرح في البازار السياسي مفردة (الترميم) !! . وعادة يكون الترميم لبناء تداعى نتيجة سببٍ ما ، ولكن أن يُستخدم في العلاقات بين الدول ، فذلك (إبتكار) جديد يسجل لأصحابه . 
    لكن القضية ، أو (الغضِيَّة) ، كما يلفظها بعض الريفيين ، لا تقتصر على المفردة المتداولة ، ولا من ابتكرها وطرحها في سوق التداول ، بل على مضمونها وتطبيق هذا المضمون .
    تلك هي المسألة . ودون شك تبقى صفحات القاموس السياسي مفتوحة لاضافات جديدة