أربع كلمات قالها الحسين عليه وآله الصلاة والسلام” مثلي لا يبايع مثله” نستطيع أن نقول عنها, إنها رسالة عبر الزمن, أُرسِلَت لنا, فما نمر به من انتخابات, هو بيعة للمرشح والانتماء, ويجب أن يخير المواطن نفسه, بين البيعة لفاسد وبين من يستحق الانتخاب.
لكل عمل يقوم به الإنسان, ضوابط شرعية وعلمية وإنسانية, كي يكون العمل صحيحاً, وقد حَدَّدَ سبط الرسول عليه وآله الصلاة والسلام, ضوابط البيعة للحاكم, فلا يمكن للشريف أن يبايع فاسداً, كما لا يمكن ترك الكفء, والذهاب لمن لا يمتلك, الرؤية الصحيحة لحكم المجتمع.
رسالة أخرى قدمها لنا, سيد شباب أهل الجنة قائلاً “إلا أن الدعي بن الدعي” يقصد بن زياد” قد ركز بين اثنتين, بين السِلَة والذلة, وهيهات منا الذِلة” رسائل واضحة وضوح الشمس, وكما يُقال” الحقيقة لا تُغطى بغربال” وهكذا هي الرسالة الحسينية, فكيف يبايع الحق الباطل, مخالفاً كل الضوابط, ويقبل بالذلة.
واقعة كربلاء لم تقف عند سيد الشهداء؛ ولتكتمل الصورة لدى المواطن العراقي, فتلك الواقعة انتخابات مفصلية, بين الحق والباطل, بين الفاسد والمُصلح, وكل فئة لها أتباعها, ولو نظرنا لأطراف النزاع لوجدنا, أن جيش عمر بن سعد, قد أغرته العطايا والوعود, بينما خير الحسين أصحابه, بين الابتعاد عن ساحة المعركة, وبين الشهادة من أجل الحق.
لقد أفرزت واقعة ألطف, درساً بليغاً من أصحاب الحق, والجيش الأموي, وما قدمه الحر بن يزيد الرياحي, القائد في جيش الكوفة, من تخيير حاسم, فالقضية مفصلية بين الخلود والخنوع, ليقف ذلك القائد الشريف, موقفاً جعله يوصف, أنه الحُر في الدنيا, السعيد في الآخرة, بقوله” إني أخير نفسي بين الجنة والنار, ولا أختار على الجنة شيئاً.”
ما يمر به العراق حالياً, خياران لا ثالث لهما, فإما الإبقاء على الفساد, سواءً بترك المشاركة في الانتخابات, أو انتخاب نفس الوجوه, التي عاثت فساداً في البلاد, فهل تتعظ الملايين السائرة لكربلاء, ليكونوا حقا أنصار السبط الشهيد؟ كأني أرى واقعة ألطف الخالدة, حيث وقف صاحب الحق منادياً “أما من ناصر ينصرنا؟”
قربت الانتخابات وهي بيعة, في رقبة كل مواطن, حربٌ سلمية بين أتباع النزيه من جهة؛ وفي الجانب الثاني كثرة من الفاسدين, الذين يشترون الذمم, بمبالغ بخسة أو وعود واهية, من أجل الحكم لا بناء دولة.
لتكون معركة كربلاء الحسين, حاضرة في ضمائرنا,عندما نسير لإحياء شعيرة عودة السبايا, ونعود لدورنا مقتبسين نور الوعي, واختيار من يريد بناء دولة, وننبذ من يريد الكثرة من أجل الحكم.