5 نوفمبر، 2024 3:42 م
Search
Close this search box.

ما خاب من استشار

في جدلية البيضة والدجاجة، مدلول لظاهرة هي اليوم غالبة في واقعنا العربي، كمهاجمة الشخص بدل الفكرة للكسب الجدلي او اعتماد الخلاصات والانطباعات الدارجة غير المستندة لدليل، او الحالات التي تبدو كحلقات منفصلة تكرارية كتكرار البيضة من الدجاجة ام الدجاجة من البيضة، لأننا نأخذ المنطق السلبي من مجموعة خيارات فيها الايجابي والسلبي فيقودنا الى القعود ومنع المبادرة، وعندما نذهب لحل مسالة البيضة والدجاجة، نقول ان كانت البيضة من الدجاجة فان البيضة ستفقس عن دجاجة وهكذا، او ان كانت الدجاجة من البيضة فهي ستبيض ايضا، لكن الدجاجة غير الدجاجة والبيضة غير البيضة ولا يفسر هذا انواع الدجاج الذي لا يحصى، ولم ستتحول البيضة الى دجاجة ولا تؤكل او تفسد ومن سيحتضنها لتتكون الصيصان.
ذلك ان المنطق وحده لا يكفي، وانما لابد من امر آخر هو الماهية، وذاك ما يعبر عنه بنظام الخلق، حيث ماهية الدجاج بأنواعه واشكاله انه يبيض ويرقد، فهنالك انواع من المخلوقات التي تبدو متشابهة لكن لا علاقة لبعضها ببعض الا في التصنيف لتسهيل البحوث الاكاديمية والحلقات الدراسية، فالبيضة اذن من الدجاجة وتفقس البيضة دجاجة او ديك ان احتضنت ولم تؤكل او تفسد.
الغاية من هذا الكلام هو النظر الى امرين، الاول السنن الكونية التي لا تحابي احدا وتحسم المنطق والامر الثاني طبيعة التفكير عندنا عندما يتبع منطقا عقيما يدعو للقعود عن العمل، او رسم سيناريوهات تنحدر الى اسوأ النتائج بدل ان تكون عقلانية مستقيمة او تذهب بالتفاؤل بلا معطيات فتستعمر المنظومة العقلية لتصدر مواقف غاية في التراجع وفقدان السيطرة على الاحداث.
وعندما يأتي العقلاء ذوي التفكير الاستراتيجي لطرح فكرة او راي او منهج عمل يواجه بهذه الحلقات التكرارية كان يقول مصلحا اتحدوا، يأتيك الجواب مع من نتحد أمع من فعل كذا او كذا، الفكرة ان تتحدوا وتنسوا الخلاف من اجل قيمة ما لإنقاذ الناس، وكيف سيوافقوننا وهم من فعل كذا وكذا، ومهما وضعت من خطط لمقترحك للمستقبل يأتيك الجواب من ماضي الاحداث مرتكزا على نظريات لم يثبت انها حقيقة وهل يمكن ان تكون النظريات حقائق حتى لو استنبط لها قوانين! النظريات تبقى نظريات ولها متعدد المساقط من الحلول الغارقة في الانحدار او الارتفاع وندرما يأتيك الحل المتوازن المستقيم، ويبقى هو حل من الحلول المستقيمة وليس الحل الوحيد.
ان القضية ـــــــــــ أي قضية ــــــ لا يمكن ان تكون وفق ما سبق حقيقة واضحة عند الجميع بل لكل جهة منظور، ولا يصح منطقا ان تطلب مناصرين بإخلاص وهم يفهمونها على طريقتهم الخاصة ولا تشاركهم فهمك او تقبل فهمهم او تصل معهم الى فهم عام ممكن ان تصلحه الحوادث، فكيف سيكون مستشارك مثلا او شريكك لفهمك وهو له فهمه ولا يرى صواب رايك الذي ربما لم يك مناسبا ليتقدم وانت تصر عليه، او ربما صالحا ولكن لزمان آخر ووضع آخر ويحتاج الى مؤهلات الظرف بما لا ينقل نظريتك الى تطبيق ناجح، فلابد من المحاولة والتصحيح فالتجربة.
للتجربة لابد من ناقل ليس بالضرورة انت، وانما منظومة الفكرة وربما تكون من الماكنة العاملة المجسدة لكفاءتها وان كانت بيد غيرك، لابد ان تكون منظومة تدير الفكرة اينما تشعب اعضاء المنظومة ليكون عملا منسقا بإيقاع متناغم حيث تكون الادوار تعمل ككورال يظهر أي حراك شاذ.
حاولوا، وجربوا.. الجواب حاولنا وجربنا مرات عديدة، والحقيقة ان ما حصل ليس تجارب عديدة وانما تكرار الاساليب والمواقف التي فشلت فهي اعادة لمسارات الفشل والتي لا يمكن ان تنتج ما لم يعاد بناء منظومة التفكير لتنتج وسيلة جديدة تجرب نحو الغايات، لم انجح في الصدارة اتركها لغيري ولنتعلم من الطيور المهاجرة الى اهدافها، ان القائد ينسحب للخبرة وان من يتعب ينسحب ليحل محله آخر وهو يلجأ للراحة في رافعة تيار السرب بالطيران، فالقيادة ليست بالصدارة وانما بالراي السليم لمنظومة كاملة معرّفة مهام منظماتها ومتكاملة في صنع القرار وما خاب من استشار.

أحدث المقالات

أحدث المقالات