أنتهت قبل أيام وقائع مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة الذي عقد بتاريخ 28/8/2021)) على مستوى الزعماء والقادة العرب ، (لدعم العراق والتباحث بشأن التحديات والقضايا المشتركة والأفاق المستقبلية) ، هكذا كان عنوان وشعار المؤتمر والغاية منه ، وقبل الخوض في تفاصيل المؤتمر لابد من ذكر هذه المفارقة! ، فبالوقت الذي كانت فيه وسائل الأعلام والفضائيات المحلية والأقليمية والدولية تنقل وقائع المؤتمر، كان مراسل فضائية (الرشيد) ، يستصرخ ضمير الطبقة السياسية في العراق وكل السياسيين وحتى من حضروا المؤتمر! ، وهو ينقل لهم مشهد لطفلة عراقية لا يتجاوز عمرها 7 سنوات تبيع أكياس النايلون في أجواء العراق الحارة وعندما سألها لماذا تشتغلين بكت بحرقة وبكل براءة الطفولة لتقول له لكي نعيش ولأن أبي لا يقدر على العمل؟؟! 0 أن مشهد الطفلة الذي وبلا شك شاهده كل العالم والمشهد هو بحد ذاته يستصرخ ضمير العالم والأنسانية جمعاء وليس ضميرقادة الأحزاب السياسية في العراق فقط !، فكيف يكون ذلك وهل يعقل أن يوجد مثل هذا المنظر في بلد يضم ثاني أحتياطي من النفط بالعالم أضافة الى خيرات أخرى وهذا هو حال شعبه وأطفاله !!؟ 0 نعود الى المؤتمر وأجوائه حيث تضاربت الأراء في تقييم المؤتمر الذي كلف الخزينة العراقية ( 5/7) مليار دينار عراقي لمدة لا تتجاوز العشر ساعات فقط!! ، حيث غادر كافة المدعويين بغداد بعد أنتهاء المؤتمر لدواعي أمنية!! ، كما لم تخلوا بعض الأراء التي صدرت من قادة أحزاب سياسية عراقية من مجاملات عندما وصفوا المؤتمر بأنه حقق الغاية المرجوة منه وأنه سيحقق الكثير للعراق!!؟،
رغم أن أجواء المؤتمر ومشاهده وصوره كانت لا توحي لذلك أبدا! 0 حيث أفتقد المؤتمر الى الكثير من القواعد والضوابط والأصول البروتوكولية المعمول بها عالميا عند عقد المؤتمرات! ، بسبب ما حدث من تجاوزات وخروقات بالأعراف الدبلوماسية من قبل ممثل أحدى دول الجوار وحتى في المعلومات والأرقام الخاطئة التي ذكرها بخطابه ، مما أضطر رئيس الحكومة الى تصحيحها!! ، ولا ندري أن حدث كل ذلك بتعمد وبقصد أو بدون قصد؟! ، وكذلك مما يؤخذ على المؤتمر وعل القائمين على تنظيمه هو الأخطاء الفنية والتنظيمية التي وقعت لوزير الخارجية العراقي والتي تسببت في حرج كبير! له وأنعكست على أجواء المؤتمر بشكل عام ، عندما أراد الوزير أن يلقي كلمته كان الميكرفون عاطل! ، ولم تنجح 3 محاولات لأعادة الصوت! ، هذا أضافة الى عدم الوضوح في كلام رئيس الحكومة السيد الكاظمي وأرتباكه وصعوبته في نطق الكلمات! ، وخاصة بعد الغلطة الكارثية التي وقع بها عندما نادى على رئيس دولة قطر بأميرة قطر!؟؟0 فأذا أستثنينا كلمة الرئيس المصري الواضحة والمباشرة الى الشعب العراقي فكل مجريات المؤتمر وأجوائه كانت توحي بأن المؤتمر كان أشبه بدعوة الى حضور مأدبة غداء أو عشاء! ، أكثر من كونه مؤتمر عقد على مستوى قادة عرب! من أجل (مناقشة التحديات التي تواجهها المنطقة العربية والقضايا المشتركة والأفاق المستقبلية) ، حتى أنه لا يستحق كل هذه الهالة الأعلامية ولا يستحق هذا المبلغ الضخم الذي صرف عليه! والذي كان بالأمكان وحسب رأي غالبية العراقيين والمحللين السياسيين والمتابعين للشأن العراقي أن يستفاد منه في أي شيء يخدم العراقيين ويحل بعض من أزماتهم! ، لا سيما أن نسبة الفقر في العراق وبآخر أحصائية وصلت الى أكثر من 40%!! 0 والأهم في المؤتمر، هو عدم حضور رؤوساء كل من (تركيا والسعودية وأيران) حيث أرسلوا من ينوب عنهم! ، مما أضعف المؤتمر والجدوى الذي عقد من أجله ، لاسيما أن هذه الدول كانت ولاتزال لها تاثير قوي وفاعل وتدخل واضح بالشأن العراقي تحديدا وفي كل ما جرى للعراق ويجري منذ أحتلاله من قبل الولايات المتحدة الأمريكية! 0 كما أرى ومن وجهة نظري وقد يوافقني على ذلك الكثيرين ، بأني شعرت بالخوف والقلق والريبة من حضور الرئيس الفرنسي ( ماكرون) للمؤتمر!! ، حيث أن فرنسا معروفة بتاريخها ومكرها السيء للعرب والمنطقة العربية ولا يأمل وينتظرمنها ومن رئيسها ( ماكرون) أية خير! ، بقدر ما يثير حضورها في هكذا مؤتمرات من توجس مما تضمره وتمكره فرنسا للعراق تحديدا وللمنطقة عموما في قادم الأيام؟ 0 ومن المفيد أن نذكر هنا ما قاله أحد القساوسة للرئيس ( ماكرون) عندما زارأحدى الكنائس في الموصل بعد أنتهاء المؤتمر والذي تسبب بأحراج كبيرله ( فعندما كان يتحدث الرئيس (ماكرون) عن داعش وكيف أحتلت الموصل ودور القوات الفرنسية مع قوات التحالف في القضاء عليها ، قال له القس : سيادة الرئيس ، هل يعقل أن كل قواتكم الجوية ومراصدكم وأقماركم الصناعية لم ترصد تحركات داعش وهي تتحرك نحو الموصل ؟؟! وكيف حدث ذلك؟ وأين كنتم ؟؟) .
ونأتي الى الجانب المهم وهو الشعب العراقي لنرى هل أن عقد مثل هذه المؤتمرات والأجتماعات والحوارات ستغير من واقعه ولو بشيء بسيط نحو الأحسن؟ نقول: أن المواطن العراقي البسيط لا يريد التفاصيل ولا تهمه الكلمات التي تلقى ولا الشعارات التي ترفع ، حتى أنه لا يهمه من حظروا الى المؤتمر لأنه يبحث ويريد النتائج فقط لا غير فبعد أكثر من 18 سنة قضاها وهو يعيش حياة كلها أزمات وخوف وموت وهلع وقلق أفتقد فيها الى أبسط مقومات العيش والحياة الأنسانية الكريمة والتي لم يمر بها ويعيشها شعب بالعالم 0 فالشعب العراقي شبع الى حد التخمة! من الوعود والعهود التي سمعها من امريكا ودول الغرب قبل الأحتلال وبعد الأحتلال والتي كانت كلها هواء في شبك ، فأمريكا خدعت العراقيين خدعة كبيرة! وهذا ليس بجديد على الأمريكان وخبثهم وحقدهم على العرب وعلى الأمة الأسلامية! ، كما أن الشعب العراقي أتخمته الى حد القيء! وعود وعهود الطبقة السياسة وقادتها على مدى 18 سنة والتي كانت كلها كذب وكذب بأعتراف السياسيين أنفسهم!! ، فمن الطبيعي لم يعد لديه أدنى ثقة بالطبقة السياسية الحاكمة التي قادت البلاد بعد الأحتلال الأمريكي البغيض ، بسبب فضائح الفساد التي طالتهم جميعا وبلا أستثناء! ، وبالتالي من حق المواطن العراقي أن يسأل كل من شاركوا وحضروا المؤتمر: هل أن هذا المؤتمر (سيحل أزمة البطالة المرعبة في العراق ، حيث هناك أكثر من مليون خريج جامعة بلا عمل بما فيهم حملة شهادة الماجستير والدكتوراه؟ وهل سيعيد المؤتمر بناء البنى التحتية من ماء وكهرباء ؟ وهل سيحل أزمة الكهرباء بشكل كامل؟ وهل سيوفر المؤتمر الماء العذب لأهالي البصرة التي تعوم على بحر من البترول؟ وهل سيعيد المؤتمر فتح أكثر من (8000) مصنع ومعمل أغلقت واوقفت عن العمل بقصد واضح من بعد 2003 ؟ وهل سيعيد المؤتمر الأمن والأمان للعراق؟ وهل سيقضي هذا المؤتمر على موضوع السلاح المنفلت الذي أرهق العراقيين وأزهق أرواحهم؟ وهل يستطيع المؤتمر تحجيم ووضع حد لأنفلات الفصائل المسلحة؟ وهل يستطيع المؤتمر أعادة هيبة الدولة والقانون والقضاء؟ وهل يستطيع المؤتمر أن يوقف وقاحة وتطرف وانفلات بعض العشائر التي أصبحت خارج سيطرة الدولة تماما؟ وهل يستطيع المؤتمر القضاء على الفساد المرعب الذي أكل العراق ونهبه ودمره ؟ وهل يستطيع المؤتمر التصدي بشكل قوي وصادق وحازم لحيتان الفساد؟ وهل سيعيد المؤتمر هيبة العلم والتعليم للجامعات والكليات العراقية والمدارس الحكومية بمراحلها الأبتدائية والمتوسطة والثانوية بعد أن خرج التعليم بالعراق بكل مراحله من ضوابط التصنيف العالمي وذلك لأفتقاره لأبسط القواعد الأساسية في التعليم؟ وهل سيمنع المؤتمر ويحد من تدخل دول الجوار بالشان الداخلي العراقي؟ وهل وهل وهل وهل وكم هي كثيرة (هل) أذا أردنا السؤال بها؟!.
أرى وقد يتفق معي الغالبية العظمى من العراقيين ، بأن المؤتمر سوف لا يحقق أية فائدة للعراق ولشعبه ، وسيبقى حال العراق كما هو عليه ، أن لم يسوء أكثر وأكثر! بسبب المحاصصة السياسة والطائفية والقومية التي أنتجت كل هذا الفساد والخراب والدمار وسمحت بالتدخل الخارجي بالشأن العراقي وغياب الأرادة الوطنية لقادة البلاد! ، فالشعب العراقي صارعلى يقين تام وبعد تجربة أكثر من 18 سنة مع دول الجوار والطبقة السياسية الحاكمة بانها لا تحمل أية خير للعراق بل هي ستستمر في نهبه وخلق المشاكل والأزمات له سياسيا وأقتصاديا وأجتماعيا! 0 وأخيرا نقول : بأنه صار لدى العراقيين يقين تام بأن ( البارحة أحسن من اليوم واليوم أحسن من الغد)! ، فلا حل ولا حلول تنتظرهم لما هم فيه من حياة بائسة يعيشونها! أكان في مؤتمر أو ندوة أو لقاء يمكن أن ينقذهم ويعيد الحياة لهم ألا حل السماء؟ ، ولا حول ولا قوة ألا بالله العلي العظيم 0