التفاعل العالمي غابي الطباع والتوجهات , ولا جديد في الأمر , فالدنيا تجري على هذه السكة منذ الأزل , ولن تجد لها بديلا.
وقوانين الصراعات وقواعدها ثابتة , وما يتغير فيها طرق الإخراج والتطبيق وفقا لمقتضيات المكان والزمان , لكن الفكرة الجوهرية ما تبدلت , وغايتها النيل من الآخر وإفتراسه كما تفترس الوحوش فرائسها في الغاب.
وهناك لعبة بيع النيران للآخر الذي يُراد النيل منه وإنهاكه والتحكم بمصيره , وقد ترجمتها القوى فيما بينها بأسليب متنوعة ومتناسبة مع ظروفها القائمة في حينها , واليوم تجدنا أمام مشهد واضح يهدف إلى إنهاك أمة العرب والمسلمين بآليات مخادعة معقدة مركبة ذات نتائج كبيرة متوالدة ومتواصلة , وخلاصتها , أن تتوفر أدوات الدمار والخراب , وعلى المُستَهْدَف أن يستخدمها لتدمير ذاته وموضوعه , وعدوه يجني الأرباح المادية والمعنوية , ويبدو على أنه حمامة سلام ومحبة وألفة , ويجاهد لإقرار القيم الإنسانية.
ووفقا لذلك فأن المنطقة التي تتوطنها أمة العرب يُراد لها أن تنحطب ببعضها , وما يساهم في إنجاز هذا المشروع الطويل الأمد , هو التأجيج الطائفي وتوفير السلاح الفتاك للمتناحرين ليبيد بعضهم بعضا , وعدوهم يبيع لهم السلاح ويجني الأرباح , وهم يسفكون الدماء ويفوزون بالخسران الشديد.
أمة العرب ستكون عما قريب بين فكين نووين , مما يتوجب عليها أن تسخّر ثرواتها لشراء ما يقيها من ويل الضربات النووية , التي ستنالها أولا بالخطأ ومن ثم وفقا لبرمجة قتالية فتاكة ومدروسة , فستتلقى الضربات من غربها وشرقها بسينورياهات تسوغ الإقدام على أفظع الجرائم في التأريخ.
أي أن أمة العرب ستتحول إلى حطب قابل للإشتعال والتأجج في أية لحظة , وباعة النيران ما أكثرهم , فهم يتسابقون على تسويق بضاعتهم , ما دامت الأسواق العربية ذات قدرات شرائية عالية.
ترى كيف للأمة أن تواجه الأخطار الموعودة؟
لا خيار أمام العرب إلا بالإعتصام بعروبتهم , ووطنيتهم , ووعي المخاطر , وعدم التناحر , وإعلاء إرادة الأمة الواحدة , والتلاحم الوطني والإنساني في جميع دولهم , وأن يتفاعلوا بأخوة وتضامن , ويتعلموا بأن مصيرهم واحد وعدوهم واحد , وعروبتهم فوق كل مسمى أيا كان نوعه وطبيعته , فلا قيمة لأي شيئ في ديار العرب إذا تنازلوا عن عروبتهم وقيمهم الإنسانية والوطنية.
فهل سيدرك العرب مواطن الخطر ومتاريس الظفر؟!!