12 فبراير، 2025 9:01 م

التكنولوجيا والإيديولوجيا !

التكنولوجيا والإيديولوجيا !

خاص : بقلم – د. محمد دوير :

.. ثمة علاقة بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج – وفقًا لـ”ماركس” – فكلما تطورت قوى الإنتاج: (الموارد الطبيعية والتكنولوجيا .. الخ)، أصبحت علاقات الإنتاج القديمة غير ملائمة لها؛ فتتغير أو تكون مؤهلة للتغير..

.. وحينما تأبى علاقات الإنتاج على التغير للموافقة مع ما لحق بقوى الإنتاج من تطور؛ يدخل المجتمع في أزمة لفرض النموذج الجديد – بالمعنى الذي طرحه “توماس كون”..

.. ولكن علينا الآن إختزال تلك المعادلة، التي قال بها “ماركس”؛ وهي ثنائية البناء التحتي والبناء الفوقي.. لنأخذ منهما مثالين يتناسبان مع قضيتنا.. وهما  :

01 – التكنولوجيا كممثل لقوى الإنتاج.

02 – الإطار القانوني والنسق الثقافي كممثل للبناء الفوقي.

.. حينئذ.. عندما تتطور التكنولوجيا فإنه من الواجب أن تُحدث تحولات وتغييرات في الإطار القانوني والنسق الثقافي للمجتمع – حتى لو لم يتغير النموذج.. فتحدث تغييرات في منظومة الحقوق والواجبات داخل البنية الفوقية نفسها.. وهذا ما قد ينخدع به البعض متصورًا أن هناك إمكانية لأن تطور الرأسمالية من نفسها.. نعم هي تتطور؛ ولكنه ليس تطورًا على صعيد البنية.. بل على صعيد تجديد الأدوات، كما قال “فؤاد مرسي”..

.. هنا.. فإن القوانين العامة الحاكمة للعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. وحتى الدينية.. سوف تتغير: (العولمة كنموذج مزدوج للتطور التكنولوجي والقانوني كحقوق الملكية الفكرية)..

.. وبناءً عليه..

سوف تحدث إزاحة ما لمفهوم الإيديولوجيا نفسه، باعتباره الممثل الشرعي للبناء الفوقي أو المعادل الرمزي لسلسة علاقات الإنتاج المتشابكة.. وبالتالي تحدث إزاحة للمضمون الإيديولوجي يتناسب طرديًا مع التقدم التكنولوجيا..

.. ولأن التكنولوجيا تتسع باستمرار؛ فإن مضامين الإيديولوجيا تتسع أيضًا حتى تكاد أن تتلاشى.. أو هكذا يبدو..

.. إن التطور التكنولوجي يُعطي إيحاء ما بأن الإيديولوجيا أصبحت غير حادة وليست مدببة وصارت فضفاضة؛ بحيث يجب الحكم عليها بالترهل والفناء.. حتى تبدو للبعض بأن الطبقات الحاكمة أو المعارضة قد تخلت عنها.. وأن التكنولوجيا قد حلت محلها.. وإشاعة هذه الفكرة بين العامة والخاصة.

.. هنا يُضاف إلى الإيديولوجيا وظيفة أخرى جديدة.. بخلاف الوظيفة الأولى، التي هي التعبير عن علاقات الإنتاج وتبريرها.. بل أضافت الإيديولوجيا المعاصرة مهمة أخرى لها؛ وهي أنها أصبحت شريكًا مهمًا في مدخلات المعرفة والتحكم فيها كمًا وكيفًا.. فنحن أسرى ما تقدمه لنا وسائل التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت بكل قسوتها وديكتاتوريتها.. نمارس حريتنا الشخصية بداخلها كالسجين الذي يُسمح له بالتريض داخل أسوار السجن.. معتقدًا أنه يُمارس حريته.

.. وبالتالي لم تُعد الإيديولوجيا المعاصرة مجرد انعكاس لعلاقات الإنتاج فحسب.. بل صارت تصنع وعي البشر بصورة دقيقة.. أي أن مهمتها المقدسة الآن هي صناعة “عبيد جدد”..

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة