19 ديسمبر، 2024 12:25 ص

لو واجهنا أنفسنا بجرأة وشجاعة ووقفنا أمام عاهتنا السلوكية المتسببة بويلات وتداعيات خسراننا الكبير , لإستطعنا أن نتعافى ونرى بعيون أخرى وبصيرة ذات رؤية ثاقبة.
فنحن لا نجيد مهارات الحوار!!
لأن عواطفنا وإنفعالاتنا تسبقنا وتستعبد عقولنا وتسخرها لخدمتها الباطلة الخرقاء.
كنت أتابع حوارا مسجلا مع الكاتب نجيب محفوظ بعد حصوله على جائزة نوبل , فأشار إلى موضوع التحاور بين المثقفين والكتاب , وذكر أنه يعتمد المنهج العلمي ويستند على برهان ودليل , ويرى أن علينا في حواراتنا أن نتناول الفكرة بعلمية ومنهجية ذات قيمة معرفية.
وأبدى أنه لا يتزمت برأيه , ويمكنه أن يقنع بغيره , إذا توفر البرهان والدليل وليس العاطفة والإنفعال والحكم المسبق , المبني على تصورات منحرفة ودعاوى واهية لا يمتلك رصيدا برهانيا مستقيما.
وكأنه بما طرحه يشير لأحوالنا المعاصرة التي لم تتأثر بأمثاله من المفكرين والمبدعين الأصلاء , الذين تفاعلوا بصدق وإخلاص في موكب التنوير المعرفي , الذي حسبوه سيأخذ الأمة إلى مرافئ النور الساطع.
وفي عالم تزدحم فيه وسائل التواصل ومواقع النشر والتفاعل , تجدنا في محنة العجز عن توظيفها لصالح قوة الأمة وإنطلاقها للتعبير عن جوهرها وطاقاتها الحقيقية.
فنحن نتخبط ونطارد السراب وخيوط الدخان , ولا نعطي قيمة للفكرة ودورها في بناء الحياة , ونميل إلى مَن يجسد في أدمغتنا الرؤى العدوانية والسلبية , الحاثة على الكراهية والبغضاء والشحناء , ونهلل لها ونعتصم بها ونضفي على أصحابها ألقابا ومسميات تحرزهم من النقد والمساءلة , والتقييم , فهم الأعلون المقدسون وما هم إلا من أعوان إمارات السوء الفاعلة في دنياهم.
فلماذا لا نتحاور بصدق وإخلاص ونهتم بالفكرة وحسب؟
لماذا نهلل للوجيع والضياع والتساقط في أودية العناء الشديد؟
لماذا ذرف الدموع ونزف الدماء ديدننا المجيد؟
علينا أن نواجه أنفسنا ونؤمن بحرية العقل وتفعيله , ونتحرر من قبضة الداعين لتعطيل البصائر , وتأمين التبعية والقنوط والحشر في مراتع القطيع.
فهل سنتحاور بعقولنا ونفاعل أفكارنا؟
أم أن الإنفعال قائدنا؟!!