17 نوفمبر، 2024 8:44 م
Search
Close this search box.

صناعة الاوهام في تشريع الشهادات

صناعة الاوهام في تشريع الشهادات

لم تمض سوى أشهر على خيبة الأمل التي لاقاها أكاديميون ومثقفون إثر تشريع البرلمان قانون معادلة الشهادات الذي سهل وصول المسؤولين إلى الدراسات العليا العليا، حتى تلقوا صدمة ثانية. ويسمح القانون في المادة -12- أولاً، للموظف أو المكلف بخدمة وأعضاء مجلس النواب والوزراء ومن هم بدرجتهم أو الوكلاء ومن هم بدرجتهم والمديرين العامين ومن هم بدرجتهم والدرجات الخاصة العليا بموافقة دوائرهم الدراسة أثناء التوظيف أو التكليف على النفقة الخاصة أو إجازة دراسية للحصول على الشهادة الأولية أو العليا داخل العراق أو خارجه بصرف النظر عن العمر,, وتعطي هذه المادة إشارة واضحة عن سبب إقرار هذا القانون، خاصة وأن المادة السادسة/رابعًا من القانون ذاته، ألغت شرط الإقامة لـ 9 أشهر متصلة لطلبة الدراسات العليا بالنسبة للدراسة خارج العراق، وقلصتها لتكون مدة الإقامة لدراسة الماجستير أو الدكتوراه (غير البحثية) 4 – 6 أشهر منفصلة أو متصلة.
واستكمالُا لمشروع إشباع رغبة المسؤولين في الحصول على الدرجات الخاصة، قررت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، إيقاف إعلان نتائج الامتحان التنافسي للمتقدمين على الدراسات العليا، والسماح للمشمولين بالمادة -12- أولاً من قانون “أسس تعادل الشهادات”، بالتقديم وتحديد موعد امتحان جديد لهم، مثيرة غضب الأكاديميين، الذين اعتبروه “حلقة جديدة من حلقات التخريب والظلم,, وصدر القرار على الرغم من إجراء الامتحان التنافسي للقبول في الدراسات العليا “الماجستير والدكتوراه” في الجامعات العراقية، وفي التخصصات العلمية كافة، وإنجاز اللجان العلمية في المواقع كافة واجبات التصحيح والمقابلات الشخصية للمتقدمين كلهم، تمهيدًا لإعلان النتائج، قبل أنّ توجه الوزارة بالتريث.
وكتب مختصون واكاديميون , أنّ وزارة التعليم فسحت المجال للتقديم مرة أخرى لمدة اضافية، وهذا يعني وجود ضغط سياسي على الوزارة، ويعني من جهة أخرى وضع أسئلة جديدة تختلف عما قدم سابقًا، مما يعني أنّ العدالة لن تتحقق لأن الأسئلة لم تكن موحدة، وظروف التصحيح اختلفت، لأن المتقدمين الجدد أصحاب نفوذ, علما ان المتقدمين في المرة الأولى خضعوا لمستوى معين من الأسئلة يختلف عن مستوى الاختبارات التي ستقدم للأصفياء الجدد,, وشددوا بالقول، إذا كانت القيادات الإدارية في الجامعات ليست مؤهلة لرفض هذا التخريب، والظلم فعلى التدريسيين الامتناع عن تقديم أسئلة جديدة للامتحان الجديد، وعلى المواطنين الذين شاركوا في الامتحان التنافسي الأول تنظيم وقفات احتجاج عند بوابات الجامعات التي أدوّا فيها امتحاناتهم لرفض الظلم الذي تعرضوا له, واضافوا ، إنّ المشكلة الرئيسية تكمن في أنّ الوزارة لم تنصف الطلبة الذي أدوا الامتحان التنافسي، وانصاعت بشكل مطلق للسياسيين، وكان الأجدى بها أن تفتح قناة خاصة للمستفيدين من هذا القرار، ولا تجعلهم يؤدون امتحانًا جديدًا، لينافسوا الطلبة المتقدمين للمقاعد المحددة, وتحدثوا عن مخاوف كبيرة لدى العديد من الأكاديميين من تهديدات قد تطالهم خلال عملية وضع الأسئلة أو تصحيح الإجابات الخاصة بامتحان الدرجات الخاصة”، متسائلين حول مدى قدرة المسؤول في المنصب الخاص على التوفيق بين أداء مهامه ومتطلبات الدراسة العليا بما تحتاجه من وقت وجهد, واكدواان كل القرارات،تمرر بمباركة قيادات الجامعات ودون أي اعتراض، باعتبارهم جزءًا من النظام القائم على المحاصصة والمحسوبية والفساد, مجمل القرارات تعتمد على رد فعل آني على أحداث يمر بها العراق، إذ نشاهد قرارات مفاجئة منذ سنوات، مثل منح الطلبة دورًا ثالثًا أو اعتبار العام الدراسي سنة عدم رسوب، أو تغيير مواعيد الامتحانات بما لا يتناسب مع التقاليد الراسخة في التوقيتات الامتحانية المعتمدة من قبل الوزارة، أن “المشكلة عامة وتنطبق على جميع القطاعات، متمثلة بغياب الرؤية الاستراتيجية واستقلالية الخبراء في إعطاء آراءهم التخصصية، مثل ما حصل مع قانون الشهادات الذي مرره البرلمان، والذي كان الهدف منه التستر على شهادات لعدد من المسؤولين حصلوا عليها من جامعات غير معترفة بها,واوضحوا ان القانون نفسه حاول التغطية على خرق قانوني، من خلال السماح للمسؤولين بإكمال دراساتهم العليا، بالرغم من أنه يتمتع بمسؤولية إدارية عليا، والتي قد تسمح له بالضغط على الهيئة التعليمية لمنحه الشهادة العليا، وهذا ما يؤكد غياب الرؤية الاستراتيجية تتعاطى مع جميع الخطط الآنية
الأحزاب الحاكمة تتحمل مسؤولية هذا الخراب التعليمي والمعرفي، فهي التي لم تعتمد استراتيجية لإعادة البناء والتنمية، وأغرقت البلاد في خطط وبرامج المحاصصات وأدخلتها في صراعات داخلية عميقة، وزرعت مفاسد هائلة أتت على بقايا خطط تنمية الدولة والمجتمع، بل وساهمت بوسائل عدة في تخريب الدولة وتجهيل المجتمع وتدمير أسس التطور باعتمادها سياسات أبعدت ذوي الكفاءة والخبرة وأقصت أصحاب المؤهلات العلمية والإدارية ونشرت في “بقايا المؤسسات المتهالكة” كوادرها الحزبية خاصة تلك التي تتقن التزلف وتعلي الولاء الحزبي, وامتد الأمر إلى تخريب القيم الاجتماعية – الإنسانية كالحق والنزاهة والمساواة والعدل باعتبارها “خرافةً وضعفًا وترفًا”، وما زالت الأحزاب تتصارع لا على المناصب العليا في المؤسسات التربوية وحسب، بل حتى على قوائم عاملي الخدمة في المدارس وفق قانون الواسطة وقوائم الترشيح الحزبي, وفق خطط التزكيات الحزبية المتمددة و”قرارات” إلغاء أسس الكفاءة والخبرة والنزاهة والأهلية والتنافس وقيم الحق والمساواة، من خلال تعيين “متعلمين موالين” أو حتى “أشباه أميين” في أعلى المناصب والتي وصلت إلى الوزراء والسفراء وقادة المؤسسات وحتى الإعلام وفق قواعد المحاصصة الحزبية. أشباه أميين تخرجوا بالواسطات من كليات حكومية مترهلة أو كليات أهلية تجارية ترفع شعار “النجاح لمن يدفع” وأصبحوا اليوم حملة شهادات عليا.
الأحزاب الحاكمة لم تعد تبحث عن كفاءات موالية لها لتعينهم في المواقع المهمة، هذا الأمر تم تجاوزه منذ زمن، هي صارت تفضل أشباه الأميين والفاسدين على غيرهم لأنهم لن يكونوا قادرين في أي وقت على الاعتراض والتململ ورفض الإملاءات, منذ سنوات طويلة قادة الأحزاب يتاجرون بكل شيء، في ظل تغييب إرادة الشعب، وتكثيف صناعة الأوهام وزراعة المخاوف في المجتمع، وفي ظل ديمقراطية الصناديق المضللة…. يتاجرون بالحرب والسلم، بالتعليم والتربية والصحة، بل بالدين والقومية والمذهب

 

أحدث المقالات