أمام مجلس النواب الآن مشروع قانون لتعديل قانون الأحوال الشخصية ذي الرقم (١٨٨) لسنة ١٩٥٩، يتضمن فيما يتضمنه أمرين بالغي الأهمية :
الأول – سن انتقال الحضانة من الأم إلى الأب .
الثاني – الحق في حضانة الصغير عند وفاة أبيه .
ويذهب مشروع القانون إلى جعل سن انتقال الحضانة (٧) سبع سنوات بدلاً من (١٠) عشر سنوات كما هي الحال الآن .
ويذهب من جانب آخر إلى جعل حضانة الصغير من حق الجد الصحيح – وهو أبو الأب – في حالة وفاة والد الصغير بدلاً من الأم .
وكان طبيعياً أن يثير المشروع ما أثاره من اهتمام وضجة لتعلقه بحقوق إنسانية تتمثل في مساسه بحق الأم في الحضانة من جانب ، وتأثيره النفسي على الصغير حين ينتزع من أحضان أمه في سن مبكرة جداً ليلحق بأبيه في الحالة الأولى وبجده بدل أمه في الحالة الثانية .
الموضوع يتحمل ، بل يتطلب كثيراً من الدراسة والنقاش ، ولكن أود في هذه السطور التركيز على الآلية المناسبة عند الإقدام على مشروع مهم كهذا فأقول :
١- إن هذا المشروع يتطلب أولاً إشتراك مختصين في علم الإجتماع والطب النفسي والقضاء والشريعة لتحديد آثاره الإجتماعية والنفسية والأحكام الشرعية المناسبة ، روحاً ووقوفاً عند علل وغايات الأحكام الشرعية لا مجرد نصوصها الظاهرة ، دون التقيد بمذهب محدد بل اختيار أقرب الآراء الفقهية إلى روح وظروف العصر ، وهو ما فعله الأفاضل الذين شرّعوا هذا القانون فجاء موضوعياً ناضجاً وصمد لحد الآن أكثر من ستين سنة وما يزال مقبولاً ومناسباً للتطبيق .
٢- أشك، وأنا أقرأ المشروع ، أن يكون قد عُرض على مجلس الدولة لدراسته ؛ ومبعث الشك كثرة الأخطاء اللغوية والصياغية التي شابت نصوصه . وأهمية عرضه على مجلس الدولة لا تقف عند التدقيق الشكلي، ذلك أن هذا العرض يهئ المجال لما درج عليه المجلس في هذه الحالات من دراسة المشروع على مراحل قبل عرضه على هيأته العامة ، واستضافة ممثلي الجهات ذات العلاقة للمناقشة المستفيضة واستطلاع الآراء .
المتوخى من مجلس النواب إعادة المشروع والتوجيه بتنظيم ندوات موسعة لدراسته بمشاركة المختصين في فقه وتشريعات الأحوال الشخصية والأطباء النفسيين والباحثين في علم الإجتماع وقضاة الأحوال الشخصية والمنظمات المعنية بالمرأة والطفل لإنضاجه والخروج برأي سليم حول رفضه أو المضي في تشريعه .