18 ديسمبر، 2024 8:04 م

إلى السيد مصطفى الكاظمي، رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والبيئة وكالة الموقر

إلى السيد مصطفى الكاظمي، رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والبيئة وكالة الموقر

إدارة مستشفيات العراق الأكثر تخلفًا في العالم
في وقت تعاني فيه جميع دول العالم من الجائحة الحالية مما أثر سلبا على أنظمتها الصحية وخصوصا كفاءة مستشفياتها، أرى إن أبشع وأسوأ ما تتميز به مستشفيات العراق هو الإدارة السيئة وغير المهنية لها. وسبب ذلك يعود إلى عدم وجود إدارة مهنية معاصرة تعي أهمية إستخدام إجراءات التشغيل القياسية (SOP) Standard Operating Procedures وأنظمة معلومات المستشفى Hospital Information Systems (HIS) في جميع المستشفيات والمؤسسات الصحية في العراق، كما هو الحال في جميع مستشفيات العالم وخصوصا في الدول المتقدمة، بل وحتى في العديد من دول العالم الثالث. لهذا أصبحت حالة العديد من مستشفيات العراق إن لم تكن جميعها أقذر من زرائب الحيوانات من حيث النظافة ومنع إنتقال العدوى بين المرضى الراقدين فيها.

ولكم سيادة الوزير ومن هم دونكم في السلم الوظيفي أقول لكم أن إستوعبوا جيداً المعلومات التي سأطرحها هنا وإعملوا على تطبيقها في مستشفيات العراق عسى الله أن تتحسن حالات مستشفياتكم لو كنتم مخلصين.

إن إجراءات التشغيل القياسية هي مجموعة من الإرشادات، خطوة بخطوة، تكتب من قبل العديد من المتخصصين في مؤسسة ما لمساعدة العاملين في تلك المؤسسة على تنفيذ عمليات روتينية سواء كانت بسيطة أو معقدة، فنية أو غير فنية حيث يتم تحديد مخاطر عدم الإلتزام بتلك الإجراءات وطرق التحكم الخاصة بها. وتهدف إجراءات التشغيل القياسية إلى تحقيق الكفاءة وجودة الإنتاج وتوحيد الأداء، مع الحد من سوء الفهم وعدم الالتزام بلوائح العمل.

وعادة ما يتم استخدام إجراءات التشغيل القياسية على نطاق واسع في أي مكان عمل ويطلق عليها أحيانًا عبارات أساليب أو طرق العمل الصحيحة والآمنة والسليمة. وإجراءات التشغيل القياسية هي مستندات تصف العمليات المتكررة بانتظام ذات الصلة بجودة العمل في موقع ما. والغرض منها هو تنفيذ العمليات بشكل صحيح ودائم بنفس الطريقة. وفي الإدارة الحديثة لأي مؤسسة، ومنها المؤسسات الصحية والمستشفيات، يجب أن تتوفر مستندات إجراءات التشغيل القياسية في أي قسم من أقسام تلك المستشفى أو المؤسسة الصحية الذي يتم العمل فيه. ومن ناحية أخرى فإن إجراءات التشغيل القياسية هي العمليات الموثقة التي تجريها المؤسسة (أي مؤسسة ومن ضمنها المستشفيات) لضمان تقديم الخدمات باستمرار وبنفس السياق وفي كل مرة.

إذاً، فإن إجراءات التشغيل القياسية هي تعليمات مفصلة تمثل إرشادات لعمليات عمل الشخص، أي شخص وفي أي مكان عمل. فعندما يقوم الأشخاص بإجراء عمل موحد لوظيفة معينة، فإنهم ينتجون منتجًا ثابتًا يمكن التنبؤ به وبمخرجاته وأن عدم الإلتزام بلوائح تلك الإجراءات سينتج عنه خلل قد يكون خطيراً، وخاصة في مستشفى يعني بصحة أشخاص مرضى.

كما أن إجراءات التشغيل القياسية هي مجموعة محددة من الممارسات التي يجب أن يتم البدء بها ومتابعتها عند ظهور، أو بالأحرى تجنب ومنع ظهور ظروف أو حالات محددة. فعلى سبيل المثال، يجب أن يكون لدى أطباء قسم الطوارئ إجراءات تشغيل موحدة للتعامل مع المرضى الذين يتم إحضارهم وهم فاقدي الوعي؛ والممرضات في صالات العمليات لديهن إجراءات تشغيل قياسية لكيفية مسك الملقط ومناولته للجراح، على سبيل المثال، وكذلك طريقة تعقيم الأيدي قبل الدخول لصالات العمليات؛ ولدى فنيي المختبرات إجراءات تشغيل موحدة لمعالجة واختبار وطريقة تناول سوائل الجسم التي يتم الحصول عليها من المرضى. والأهم من ذلك كله يجب أن تكون هناك إجراءات تشغيل قياسية يقوم بها المنظفون لتنظيف وتعقيم جميع أرجاء المستشفى بدأ من المرافق الصحية وإنتهاءً بردهات المرضى.

وبعبارة أخرى، فإنه يجب أن تكون هناك إجراءات تشغيل قياسية مكتوبة ومثبتة يقوم بها ويعرفها، بل يحفظها عن ظهر قلب، أي شخص يعمل في مستشفى، وسواء كان طبيباً أو جراحاً إختصاصياً أو عامل نظافة. ولو إلتزم جميع العاملين في مستشفيات العراق بتلك الإجراءات لأصبحت مستشفيات العراق تضاهي المستشفيات في الدول المتطورة من حيث الإدارة الناجحة والنظافة ومهارة العمل المتوقع في هذه المؤسسات الصحية.

إن الإدارة الحديثة للمستشفيات، سواء كانت طبية أو إدارية أو صحية أو مالية أو ما إلى ذلك من أعمال تجري فيها، يجب أن تركز على أن يكون لأي قسم من أقسام المستشفى (القسم الطبي، قسم التمريض، المختبر، صالة العمليات، التخدير، الأقسام الإدارية والمالية، قسم الصيانة، وغيرها من أقسام المستشفى) إجراءات تشغيل قياسية تتبعها في عملها الروتيني من أجل منع ظهور وتجنب حدوث ما يخل بالعمل في المستشفى والذي قد يكون المريض ضحية له.

ومن خلال ما سبق، عرفتم الآن يا سيادة الوزير لماذا نظامنا الصحي في العراق متخلف وسيئ لهذه الدرجة التي هو فيها الآن، ويبقى سؤالنا لكم: متى ستدخلون تلك الأنظمة في إدارة مستشفيات العراق لتجعلوا منها أماكن حقيقية لعلاج المرضى وتعيدوا لمستشفيات العراق نظافتها ورونقها التي عرفت به؟

ولكم خالص الشكر والتقدير

*بروفيسور متخصص بعلم الفسلجة والعقاقير الطبية، ومستشار بالإدارة الصحية وخبير دولي بالصحة البيئية
بريطانيا في 6/7/2021