لا أحد في العراق ينكر أن القوات المسلحة والأجهزة الأمنية مخترقة والكثير ينسب الانهيارات الأمنية المتواصلة الى الاختراقات الفاضحة لهذه الأجهزة … لكن متى تم الاختراق وأين وكيف ولماذا وعلى يد منْ ؟؟
بدأت قصة اختراق الأجهزة الأمنية في اللحظات الاولى لتشكيلها … فبعد قرار بول بريمير الحاكم المدني الامريكي حل الجيش العراقي والأجهزة الأمنية … بدأ مشروع تشكيل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الجديدة … وحسب بول بريمر نفسه فإن الأكراد كانوا من أشد المتحمسين لفكرة حل الجيش بل يقول إنهم هددوا بالانفصال اذا لم يتم هذا الامر … ويبدو ان موقف الكرد جاء لتحقيق عدد من الغايات منها استيعاب القوات المسلحة الكردية ضمن الجيش الجديد وقد كان لهم ذلك .
وجاءت المادة التاسعة من الدستور لتفصل هذه النقطة وقالت الفقرة … أ : تتكون القوات المسلحة العراقية والاجهزة الامنية من مكونات الشعب العراقي، بما يراعي توازنها وتماثلها دون تمييزٍ او إقصاء …. الخ .. لكن هل تم ذلك بالشكل الذي نص عليه الدستور ؟ الجواب لا
والسبب يعود الا ان العملية السياسية بالأساس لم ترتكز على أسس صحيحة وإنما غلبت مصلحة أطراف على أطراف اخرى … وبالتالي جاءت صياغة المعادلة الأمنية والعسكرية ضمن مقاييس الربح والخسارة حسب كل طرف وليس مراعاة التوازن كما قال الدستور .
عندها الأطراف التي صنفت نفسها على انها رابحة بدأت عملية دمج أذرعها المسلحة وفصائلها الأمنية التي كانت لديها ايام العمل ضمن صفوف المعارضة بدأت بدمجها ضمن القوات الجديدة العسكرية والأمنية لكن هذا الدمج واجه بعد ذلك اختبارا كبيرا خلال اندلاع الصراع الطائفي بين عامي 2006 و 2007 .
وبدأ الحديث هنا عن أهداف طائفية للقوات الأمنية … عندها ظهرت الصحوات التي كان من المفترض ان تدمج مع القوات المسلحة لكنها تعرضت لتجاهل الحكومة من جهة ولضربات التنظيمات الإرهابية المسلحة من جهة اخرى .
والغريب في الامر ان العديد من الميليشيات بدأت تنشط وتتحرك حتى أكثر من القوات الحكومية وبدأت تمتلك المعلومات الاستخباراتية وتحصل على الدعم اللوجستي وأصبح بعضها دولة داخل الدولة …
اغرب جواب سمعته في حياتي … عندما كنت أتحدث مع احد كبار السياسيين ذات مرة عن الميليشيات وقلت له إن الدستور يحظر في المادة التاسعة الفقرة ب تكوين ميليشيات عسكرية خارج اطار القوات المسلحة …. فكان جوابه بإستهزاء …. نعم صحيح …. لكن الدستور لم يقل إنه يحظر تشكيل هذه الميليشيات داخل إطار القوات المسلحة .