23 نوفمبر، 2024 3:49 ص
Search
Close this search box.

أسرار وحكايات .. من زمن فات : قطز .. نصر واغتيال (1)

أسرار وحكايات .. من زمن فات : قطز .. نصر واغتيال (1)

خاص : بقلم – عبدالناصر محمد :

بعد أن سلم “قطز” رقبة السلطانة “شجر الدُر” إلى غريمتها (ضرتها)، “أم علي”، زوجة “أيبك” الأولى؛ قام “قطز” بتنصيب الفتى، “علي”، صاحب الخمسة عشر ربيعًا؛ وهو الإبن الأكبر للسلطان القتيل، المعز “عزالدين أيبك”، سلطانًا على البلاد ولقب باسم: “المنصور نورالدين علي”، وذلك سنة 655 هجرية / 1257 ميلادية.

صغر سن السلطان الثاني في دولة “المماليك” ومراهقته وطيشه؛ سهل المهمة للقائد “قطز” للسيطرة على مقاليد الحكم واستمر هذا الأمر لمدة عامين ونصف العام، شهد العالم فيها أحداثًا خطيرة، حيث سيطر المغول على معظم دول العالم وأسقطوا جميع ممالك آسيا وأوروبا، وقضوا على “الخلافة العباسية”؛ وأستولوا على “بغداد” وجميع مدن “العراق”، وجزء كبير من بلاد “الشام” وعقدوا العزم على الزحف نحو “مصر” لخضوعها تحت هيمنتهم، وليكون غزو “القاهرة” محطتهم القادمة.

وخلال تلك الفترة استطاع “قطز”، بدهائه؛ أن يكسب ود وتأييد علية القوم سواء من كبار أمراء المماليك أو من الشعب المصري، وعلى رأسهم الشيخ “العز بن عبدالسلام”، الملقب بشيخ الإسلام وسلطان العلماء، والذين أجمعوا على أن الوضع خطير للغاية، وأن وجود هذا الصبي الطائش على رأس الدولة يُنذر بسقوطها بسهولة في يد المغول، ولذلك وافقوا “قطز” على تنفيذ خطته التي بات يحلم بها منذ أن دخل خندق المماليك، وهي كيفية الوصول إلى عرش “مصر”، والذي قام على الفور باعتقال السلطان الصغير وشقيقه الأصغر، “قاقان”، وأمهما أرملة سيده وسلطانه، “عزالدين أيبك”، وحبسهم في أحد أبراج “القلعة”، ونصب نفسه سلطانًا على البلاد؛ وأطلق عليه لقب: “الملك المظفر سيف الدين قطز”، وذلك يوم السبت ٢٤ ذو القعدة 657 هجرية / 11 تشرين ثان/نوفمبر 1259 ميلادية.

نجح السلطان “قطز”، بمعاونة الشيخ “العز بن عبدالسلام”، وبمساعدة العديد من أمراء المماليك المؤيدين له؛ في توحيد صفوف الجيش وفتح صفحة جديدة مع “المماليك البحرية”، أتباع القائد فارس الدين “آق طاي”، والذين سبق أن فروا من “مصر” خوفًا من بطش “أيبك” و”قطز” وأعوانهما، والذين تمكنوا من قتل قائدهم “آق طاي”، وعلى رأس هؤلاء المماليك، المحارب الشرس، “بيبرس”، والمملوك الأبرز، “قلاوون”، وكون “قطز” جيشًا مهيبًا يتجاوز عدده عشرون ألفًا من المقاتلين؛ معظمهم من المتمرسين على فنون الحرب والقتال.

وفي هذه الأثناء؛ بعث “هولاكو” برسالة شديدة اللهجة مع رسله إلى المماليك، الذين يحكمون “مصر”، وهي الرسالة التي أغضبت “قطز”، والذي أمر بإعدام الرسل وتعليق رؤوسهم على “باب زويلة”، وأبقى على أحدهم ليحمل رسالة لا تقل قوة إلى الخان المغولي، “هولاكو”.

ووضع السلطان المظفر “سيف الدين قطز” خطة الحرب وقرر الخروج لملاقاة المغول خارج حدود “مصر”؛ وتحديدًا في “فلسطين”، لأن أمن “مصر” القومي يبدأ من حدودها الشرقية، وليس من داخل البلد كما كان يقترح البعض بأن يتم انتظار المغول على حدود “مصر” – لاحظ حكمة الرئيس “السيسي” في التعامل مع الموقف في “غزة” الآن – وبالفعل زحف الجيش المصري من كل فج عميق، ووصل إلى مكان التجمع المتفق عليه مسبقًا، وهو مدينة “الصالحية”، الواقعة الآن بمحافظة “الشرقية”، تمهيدًا للزحف نحو “فلسطين”، وتحديدًا مدينة “عين جالوت” لملاقاة المغول.

** وللعلم أن العرب، منذ هذه الأثناء، يُطلقون بالخطأ اسم: “التتار”؛ على “المغول”، علمًا بأن “التتار” هم شعب تركي وقعت مدينتهم تحت نير “المغول”، الذين ترجع أصولهم إلى “الصين” ويعتنقون في الأصل الديانة البوذية، ولكنهم دخلوا الدين الإسلامي، غير أنهم كانوا يتسمون بصفات لا تُمت للإنسانية بصلة من وحشية وقسوة مفرطة وعشق لإبادة البشر ودموية لا وصف لها؛ فهم أشد خطرًا على الإسلام من غير المسلمين.

والحديث بقية إن شاء الله…

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة