25 نوفمبر، 2024 8:47 م
Search
Close this search box.

من النجف رسالة اعتذار للإمام النعمان

من النجف رسالة اعتذار للإمام النعمان

فخوراً بعروبتي و بعراقيتي و بجذوري النجفية أتقدم إليك معتذراً طالباً صفحك عما فعله سفهاء جهلة عملاء رخيصو الثمن قد منحتهم صدفة عمياء شرف الإنتساب للعراق ، فأنت سيدي الإمام تكاد تنفرد من بين فقهاء المسلمين بأنك أعطيت لهذه الأمة من علمك و من مالك ولم تشتر بآيات الله ثمناً قليلا على عكس سائر معممي العراق اليوم ولا أستثني منهم أحداً على طريقة شاعر العراق مظفر النواب ، فأنت سليل أسرة موسرة أتاحت لك تلقي العلم منذ طفولتك وحتى كهولتك وقد ورثت عنها تجارة الأقمشة وكان لك فيها كفاية أغنتك عن الوقوف على باب السلطان ، وكان لك من نضج الفكر و استقلال الرأي أنك اتخذت من الشيخين صاحبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ومن ابن عمه إمام المتقين و من سبطيه قدوة لك في دينك ودنياك وكنت بعلمك و سلامة فطرتك وبصدق عواطفك منحازاً لأسباط رسول الله ولآل بيته ضد الملك العضوض و النظام الطبقي الذي ابتدعه كل من الأمويين والعباسيين خروجاً على نهج النبوة و نهج الراشدين من خلفاء رسول الله وكذلك رفضت بإباء منصب القضاء الذي ألحّ عليك به أبو جعفر المنصور والذي لم يفهم بعقليته المتسلطة أن رفضك للمنصب إنما كان استنكاراً منك لجنوح سلطته عن نهج الدين القويم وقد دفعت غالياً ثمن مبدئيتك من حريتك ومن سلامة جسدك و عذاب روحك ، ولم تقتصر مواقفك المبدئية على الرفض السلبي للطغيان إنما بادرت إلى تأييد ثورات الطالبيين من أحفاد الإمام الحسين على النظام العباسي بفكرك النيّر و بكلمتك الجسورة و بفيض من حرّ مالك ولم تكن تجهل عاقبة هذا الموقف عند أمثال أبي جعفر المنصور وكذلك دفعت حياتك ثمناً لصدق إيمانك و عمق فهمك للرسالة المحمدية و صدق ولائك لنهج الشيخين و علي بن أبي طالب حتى قيل عنك أنك زيدي المذهب وأنت رحمك الله لم تكن سوى حنيفاً مسلماً على سنة الله و رسوله .
لم يكن الإمام أبو حنيفة النعمان ولا أستاذه جعفر الصادق يتطلعان إلى تأسيس مذهب يفرّقان به دين المسلمين بل كان كلاهما مجتهدان صاحبا مدرسة لها زمانها ومكانها وهما بالقطع لا يتحملان وزر وعاظ السلاطين و المترزقين على أبوابهم ممن تجاوزوا على رسالة الله تعالى والتي نصت بكلمات لا لبس فيها على حرمة تفريق الدين و تشتيته شيع و مذاهب بل وبلغ بهم الإنحطاط إلى حدّ تمزيق المسلمين إلى طوائف يختلق أئمتها خلافات تافهة مموهة بفذلكات و تخرصات متفيقهة وصولا إلى تحريض أتباعهم المتأسلمين على الولوغ في دماء بعضهم بعضاً وهم جميعاً تابعين ومتبوعين قد اشتروا الضلالة بالهدى و الدنيا بالآخرة .

أحدث المقالات

أحدث المقالات