18 ديسمبر، 2024 11:23 م

ماقبل حرب المياه ..آأأه من إنتهازيي العراق ومفسديه وكم آآآه !

ماقبل حرب المياه ..آأأه من إنتهازيي العراق ومفسديه وكم آآآه !

نعم لقد أثار استغرابي قبل أيام الاعلامي المصري عمرو اديب ، حين ظهر في برنامجه التلفزيوني ” الحكاية ” المذاع على قناة ام بي سي مصر ، ذاهلا وهو يتحدث عن تعنت الجانب الاثيوبي في مفاوضات سد النهضة ومواصلة الاثيوبيين استفزازاتهم غير المبررة وتصعيدهم المثير للقلق وذلك بدلا من التهدئة الحكيمة التي يتطلبها مثل هكذا موقف متأزم ينذر بتفجير المنطقة برمتها، واقول لماذا الحيرة يا اديب ، فإن ” كتاب العطش والتعطيش باين من عنوانه ” ذاك ان أزمة سد النهضة ونهر النيل الاطول في العالم متقدما على نهر الامازون ، ليست ثلاثية الابعاد محصورة بين اثيوبيا من جهة وكل من مصر والسودان من جهة اخرى كما يتوهم الكثيرون خطأ ، لا حبيبي ، انت واهم تماما ، كل هذه الجعجعة انما تمثل خط شروع أول وبداية لعملية ممنهجة طويلة الأمد مخطط لها سلفا ومنذ عقود طويلة لإطلاق ما يعرف بـ” حروب المياه أو مقايضتها “بين جميع الدول المتشاطئة !
هل ستضرب مصر أو السودان سد نهضة لاسيما بعد مناورات ما يسمى بحماة النيل المشتركة بينهما ؟الجواب وببساطة لن يفعلا ذلك فكل واحدة من الدولتين غارقة بمشاكل داخلية وخارجية لاحصر لها كل مفاتيحها وخيوطها بيد ذات الدول التي تحرض اثيوبيا على التصعيد المتواصل وفي مقدمتها الكيان الصهيوني المسخ وهو اللاعب الرئيس ومايسترو اخضاع كل من مصر والسودان وقتلهما عطشا !
هل ستتوقف اثيوبيا عن التصعيد تارة بملء السد ، واخرى بتوسعته، وثالثة بزيادة مخزوناته دفعا لما هو أعظم ؟ الجواب لن تفعل بل ستزيد من عنادها وتعنتها لأنها مدفوعة بهذا التعنت ومسنودة من قوى خارجية كبرى تريد تمرير الأزمة وتحويلها الى واقع حال دولي واقليمي ضاغط حتى يصير من المسلمات !!
الخلاصة ان ازمة سد النهضة حاليا هي مقدمة لتفجير حروب المياه دوليا، بمعنى ان الدول التي تنبع من اراضيها المياه في كل مكان تجاه دول اخرى تسمى بالدول المتشاطئة ولامنابع مائية للثانية ، الا انها منبع لثروات غير مائية تحتاجها دول المنبع الاولى بقوة = خذ الماء مقابل نسبة من نفطك ..من غازك ..من كبريتك ..من فوسفاتك ..من نحاسك …من منغنيزك ..ذهبك ، فضتك، ماسك ..ارضك ..قرارك السيادي والسياسي ، الخ ، فأزمة سد النهضة التي تسلط عليها الاضواء اليوم دوليا وبقوة مشفوعة بعناد اثيوبي مقيت ومتصاعد ومسنود ، يراد لها ان تكون بوابة مشرعة لحروب المياه في كل ارجاء المعمورة ، ولا ادل على ذلك من خروج ابي احمد مؤخرا ليؤكد ان اثيوبيا ستبني 100 سد جديد على النيل العام المقبل ، وذلك بعد سويعات من اعلانه العمل على توسعة السد ، وبعيد سويعات من اعلانه عن بدء الملء الثاني للسد ، كل ذلك بدلا من تخفيف حدة الازمة المتصاعدة و في تصعيد خطير للغاية تدعمه اميركا والكيان المسخ وذيولهما وبقوة …!
عمرو اديب خرج علينا حائرا وهو يرتجف قائلا ” انا قادر على تحليل اي حدث مهما كان ، الا ان ما يقوم به ابي احمد محيرني وعصي عن التحليل ومش مفهوم نهائيا !” لماذا غير مفهوم ياعمرو ، اثيوبيا تريد تحويل ازمة السد الى سلسلة ازمات متلاحقة تنطلق من اثيوبيا لتعم أرجاء العالم كله ،تماما كما انطلق وباء كورونا من الصين ليعم الكرة الارضية لاحقا ، واول الدول التي ستسير على خطا اثيوبيا في تعاملها المائي مع الدول المتشاطئة معها هي ” تركيا ” عبر سد اليسو ومشروع الكاب الكبير ،مع كل من سورية والعراق كونها تمثل منبعا لنهر الفرات المار بسورية والعراق ، مقابل ” كذا وكذا “والا” قلتلها يا حلوة ارويني ، عطشان ميه اسكيني ..قالتلي روح يا مسكيني ، مينا ما يروي العطشان !” ..كذلك ستفعل مع العراق كونها منبعا لنهر دجلة مقابل ان يفعل العراق ويقدم كذا وكذا والا ” عطشان ياصبايا ، دلوني على السبيل “وكذلك ستفعل ايران مع العراق كونها منبع لنهر الكارون والوند والكرخة والطيب وهوشياري وبقية الانهر والروافد التي تنبع من اراضيها وتصب في العراق حيث ستحول مجاريها لتصب في ارض المنبع بدلا من المصب بهذه الذريعة او تلك ، او ان يقدم العراق ” كذا وكذا ” مقابل المياه والا “دكتور الحقني ..العطش والمغص حيموتني !” .
هذه هي القصة بإختصار وعلى الدول المتشاطئة ان تشرع ببناء الأحواض والبحيرات الصناعية وحفر القنوات والابار الارتوازية وتخزين مياه الامطار في مواسمها والعمل على اقامة مشاريع تحلية مياه البحر بأسرع وقت ممكن وابرام اتفاقات وتوقيع مواثيق ومعاهدات رصينة وملزمة للطرفين طويلة الامد ، وان لانتوقف عند البكاء والعويل ، كما يفعل مكادي الباب الشرقي يوميا ، ومعلوم ان الندب لم ولن يحقق شيئا عبر التأريخ للباكين والمتباكين ومن كل مذهب وقومية وطائفة ودين ، بإستثناء استدرار الدموع في المجالس والفضائيات والاذاعات والدواوين لا اكثر، فنحن أمة مأمورة بالعمل والجد والمثابرة والاجتهاد في الطلب لا بالندب والرثاء والبكاء والعويل والنعي كما هو حالنا طيلة القرون الاخيرة ، كل قصائدنا بكاء ،كل اغانينا عويل ، كل مسلسلاتنا نحيب ، كل افلامنا نشيج ، كل مسرحياتنا رثاء، كل تصريحاتنا دموع ،كل مؤتمراتنا نعي ،كل مهرجاتنا لطم ، ماهذا الهراء يا قوم ؟!
الكارثة الاكبر ، أن ” مصر مشغولة حتى الساعة ومنذ ايام بأسباب رقص يسرى في ليلة وفاة سمير غانم ، وانهيار ابنته دنيا من شدة الحزن ، وبقية قصص الممثلين والممثلات ، المطربين والمطربات الاحياء منهم والاموات بما يمكنك تسميته بـ” الملهاة لتغطية المأساة “وأجزم ولا أخمن بأن عديد القصص والفضائح الفنية التي ستتحول الى ترندات سيزداد هذه الايام بوتيرة متصاعدة لإشغال الرأي العام المصري كله عن القضية الاهم والاكبر والاخطر ” الموت عطشا ” برعاية وتوجيه الكيان الصهيوني ، ويكفي ان عودة حرامي توظيف الاموال اشرف السعد شريك الريان ، الى الواجهة مجددا قد حظيت بإهتمام الراي العام المصري ، والسعد هذا لمن لايعرفه من العراقيين هو شبيه “سامكو العراقي ” الذي جمع الاموال ثم اعلن افلاسه ايام الحصار الاميركي الغاشم فتسبب بأزمة مالية كبرى انتهت بأفلاس الاف العراقيين وبوفاة العشرات منهم حزنا على اموالهم التي ضاعت هباء منثورا لسحب العملة المحلية – الطبع – من الاسواق !!
واقترح على المصريين اسوة بالعراقيين كذلك السودانيين بتحويل تكاليف مجالس العزاء لحفر الابار واجراء الانهار وسقي الماء ، ولاريب ان مايحدث في محافظة ديالى العراقية من عطش وجفاف خطير يستلزم اطلاق مشاريع”سقيا الماء الخيرية”وفي مقدمتها حفر الآبار الارتوازية و”أفضل الصدقة سقي الماء”، واقترح وبإلحاح صرف تكاليف مجالس العزاء من الان فصاعدا وتوجيهها لحفر الابار وسقيا الماء واجراء الانهار ثوابا على روح الاموات في كل انحاء العراق فهي اجدى وانفع بكثير من وليمة ” يأتيها ويتجمهر حولها المتخمون بينما يصرف عنها الجائعون كل ذلك وجاهة امام الناس ليس الا ” وذلك امتثالا للحديث النبوي الشريف : ” إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ : عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ ” وامتثالا للحديث النبوي الشريف ” سبعٌ يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته : من علَّم عِلْماً ، أو أجرى نهراً ، أو حَفَر بئراً ، أو غرس نخلاً أو بنى مسجداً ، أو ورَّث مصحفاً ، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته ” .
وقد لخص الامام السيوطي رحمه الله مضمون الحديث النبوي الشريف بأبيات من شعر الحكمة الذي نفتقده كثيرا بوجود شعر الغزل ، وشعر الهجاء ، وشعر المديح ، وشعر السفه ، وشعر الكدية ، وشعر التطفيل ، وشعر الرثاء والندب والنحيب والعويل ، ولا ادري لماذا عقمت ارحامنا عن انجاب شعراء – حكمة – يختزلون بـ 10 ابيات ما يكتب بعشرة كتب ،وهذا موضوع مهم جدا سأخصص له موضعا آخر، قائلا :
إذا مَاتَ ابنُ آدم لَيْسَ يجرِي …عَليه مِن فِعَــــالٍ غيرُ عَشْرِ
علوم بثَّها ، ودعــاءُ نَجْلٍ …وغَرْسُ النَّخلِ ، والصدقاتُ تجري
وَوِراثةُ مُصحفٍ ، ورِباطُ ثَغْرٍ….وحَفْرُ البئرِ ، أو إجراءُ نَهـــرِ
وبيتٌ للغريبِ بَنــاهُ يأوي …إليه ، أو بِناءُ مَــــحلِّ ذِكْرِ
فمن مات له شخص عزيز فليعلق لافتة على باب داره مكتوب عليها ” توفي فلان بن فلان بأجله المحتوم بتأريخ كذا وكذا وسيتم تحويل مصاريف مجلس العزاء الى مشاريع سقيا الماء صدقة جارية وثوابا على روحه الطاهرة ” .
وانوه الى ان انتظار الفرج من الوزارات والمؤسسات الزراعية والبيئية والموارد المائية والتخطيط من خلال اعداد الخطط الخمسية والعشرية الرصينة والشروع بتنفيذها على وجه السرعة بظل الفساد الهائل الذي يضرب اطنابه في كل مكان وبوجود الفاسدين والانتهازيين لن يجدي نفعا قط فهذه كحال من ” وذَع البزون شحمة ” ، وعلى الجماهير ان تتحرك بنفسها لإنقاذ ما يمكنها انقاذه من اراضيها وبساتينها ومزارعها وحقولها وعيالها قبل الموت عطشا في حروب مياه باتت وشيكة بعد ازمة سد النهضة المتصاعدة والتي ستُصَدَر الى العالم بأسره وستُقتَبس دوليا واقليميا وربما محليا كذلك في القريب العاجل .اودعناكم اغاتي