23 ديسمبر، 2024 8:03 م

السيد وزير الكهرباء المحترم.. مع التحية!!

السيد وزير الكهرباء المحترم.. مع التحية!!

لم تكن الصحافة الملتزمة في يوم من الايام الا من اجل حفظ القيم الانسانية واعادة صياغة الحياة وفق مفهوم يسوده احترام حقوق الانسان والارتقاء به نحو الأفضل ، وان تكون العلاقة بين المسؤول الأعلى في أي مهمة في الدولة وبين معيته ومع الآخرين في أرقى أشكالها، وبهذه الطريقة تتقدم الدول وتزدهر المجتمعات.
لكن في العراق يبدو ان الآية مقلوبة، فمدير عام كهرباء الكرخ أطال الله في عمره، يسخر من رعيته في المديرية التي يعمل فيها ، وبستغرب من عامل يطلق عليه ( حامل درج ) ان يرفع من قيمته في مناشدة من صحفي لأن هذا العامل ( حامل الدرج ) كما وصفه السيد المدير العام لايستحق ان يقدم له كتاب شكر يرفع من معنوياته ، رغم انه يتعاون ضمن منطقته مع أهالي المنطقة ويكون أشبه بخلية نحل تحوم بين أعمدة الكهرباء وأسلاكها الشائكة معرضا حياته الى الموت والهلاك ومضحيا بروحه من أجل ان يقدم خدمة للناس لكي لاتنقطع عنهم الكهرباء ومع هذا يستكثر السيد المدير المدير على هذا العامل ان يقدم له كتاب شكر على جهده المتميز.
ولا يدري ربما سيادة المدير العام ان هذا العامل صاحب الدرج ربما هو أكرم عند الله منا نحن المثقفين ومن كثيرين من هم على شاكلة المدير العام ، لأنه نزيه لم يطلب من أحد ان يقدم له ( مقابل ) حتى ولو كان صغيرا تقديرا لعمله، بل ان راتب حامل الدرج الذي هو موظف ضمن قاطع مسؤولية صيانة منطقة الميكانيك ، والذي لا أعرف غير شكله، وهو يأتي في كل مرة لينقذ أهالي المنطقة في أوقات الشدة عندما يحدث أي خلل في الكهرباء وراتبه ربما لايساوي قيمة حضور حفلة في ناد ليلي ، يحرضها السيد المدير العام في إحدى جولاته في الخارج، ومع هذا يستكثر السيد المدير العام توجيه شكر من خلال مناشدة وجهناها  اليه عبر الموبايل، الذي زودنا به المدير العام نفسه قبل أشهر حين كتبت مقالا عن أزمة الكهرباء وأبدى استعداده في ذلك الوقت للتجاوب مع أي طلب يطلبه اهالي المنطقة ، لكن الاستجابة من السيد المدير العام كانت بعد أكثر من ثلاثة أشهر من نشر الشكوى عبر مقال في إحدى الصحف ، وقد استغربت في حينها من عدم اطلاع السيد المدير العام عما يكتب في الصحف ، الا بعد مرور ثلاثة أشهر، وكيف تذكر هذا المدير العام مقالا نشر عبر أكثر من صحيفة ومكتبه الاعلامي لايزوده بما يكتب عنه من مقالات ورؤى عن عمل مديريته، وربمتا وجدها أحدهم في أكوام القمامة بعد كل هذه الفترة ووقعت عين أحد العاملين في دائرة صيانة الكرخ عليها وإشتاط غيضها.
والغريب انه بعد ثلاثة أشهر فاجأتني زوجتي بأن فريقا كبيرا من السيارات ومعهم كاميرات بدأوا يطرقون الباب عليها ، والمرأة كادت ان يغمى عليها عندما وجدت كل هذا الصخب أمام بيتها ، ولم تعرف سبب كل هذه السيارات والمسؤولين الذين تكدسوا أمام بيتي باحثين عمن كتب المقال في حينها، وكنت انا في الدوام الرسمي، ثم حاولوا طمأنتها بأننا من وزارة الكهرباء وزوجك قد كتب عنا مقالا في الصحف، ونريد منك ان تتحدثين الان لوسائل الاعلام عن انه لا اعطال في الكهرباء حاليا وان الأمور ( بمبي ) ولا توجد مشكلة في الكهرياء، واعطتهم المرأة رقم هاتفي فأتصل بي أحدهم عن المشكلة وقلت له ان الموضوع قبل ثلاثة أشهر حتى انا نسيته فعلا، والان ماذا تريدون فقالوا ان المدير العام يسلم عليك ويريد ان يعرف ما هي المشكلة التي كتبت عنها ومنهم مدير مكتبه،  وفرحت لهذا الاهتمام المتأخر، وبعدها ما ان يحدث أي خلل يأتي صاحب الدرج المرموق في أخلاقه ليصلح الرجل اعطال كهرباء المنطقة ، وشكوانا ليست ضده بل ضد من لايهتم بمناشادات الاف الناس في مناطقه عند أزمات الطواريء وانقطاعات الكهرباء.
وقبل يومين طلبت من السيد المدير العام عبر مناشدة هاتفية ان يكرم هذا الرجل بكتاب شكر ، فأستغرب المدير العام كما كما يبدو من انه كيف يوجه كتاب شكر لعامل أسماه السيد المدير العام في رسالته الهاتفية بـ ( حامل درج ) ، رغم انه كان يفترض به ان يفرح لان لديه موظفا حريصا على عمله، ويحمد الله لان اناسا من أهالي منطقته يودون لو يوجه له المدير العام كتاب شكر يرفع به معنوياته كما قلت، بل والأتعس من هذا أن المدير العام يريد مني عبر الهاتف ان أقدم له قرابين الطاعة والولاء رغم انني ليس موظفا عنده بل صحفيا قضيت أربعين عاما من عمري الصحفي في خدمة صاحبة الجلالة، وأنا لم أطلب منه سوى التماسه بكتاب شكر لهذا الموظف الكفوء، وأجابني عبر رسالة بالموبايل احتفظ بها مع رسالتي بإسلوب يخلو من اللياقة عن سبب طلبي تكريم هذا الموظف الذي أطلق عليه وصف ( عامل درج) .
وواحدة من فضائل هذا العصر الديمقراطي اننا نكتب بحرية دون ان يحاسبنا أحد في يوم ما، حتى انني أوجه جملة مقالات قوية ضد السيد رئيس الوزراء ، ليست انتقادا له ولكن عبر ملاحظات عن سير العملية السياسية ولا يتجرأ أحد على كتابتها، ولم أر أحد من مكتب رئيس الوزراء أن إشتكى يوما أو عاتبني على كتابة هذه المقالات التي هي من النوع الثقيل، لكن مناشدة مني للسيد مدير عام صيانة الكرخ ، لكي يكرم موظفا صغيرا من حيث المكانة الوظيفية،  لكنه كبيرا في أخلاقه وفي تفانيه في عمله ، وهو يقبلني كلما أسدى للمنطقة خدمة تعبيرا عن شكره لي على الاسلوب الراقي الذي اتعامل به معه، ومع معيته من فرق الصيانة ضمن المنطقة وكسبت وده ، ورغم انني حتى كتابة هذه السطور لم أعرف أسمه ولا ملته، سوى انه موظف صيانة يؤدي واجبه بكل اتقان وشعور بالمسؤولية، الا ان إسلوب رد المدير العام تخلو من اي إحترام للصحافة ولا لقدسية الكلمة ولا لمكانتها، وحسب نفسه انه سلطان زمانه لاتدانيه صاحبة الجلالة ، بل ليس بمقدوره ان يرد بكل أدب وأحترام على مناشدة وددت ان يحسبها على مواطن وليس لصحفي ربما يكبره حتى في العمر وفي عدد سنوات خدمته.
رئيس وزراء يتحمل ثقل كتاباتي ومدير عام في وزارة خدمية مثل مدير عام صيانة الكرخ يغيضه  ان اكتب مقالا عن أزمة الكهرباء قبل أشهر فيتحامل على الصحافة وعلى عامله، أو موظفه ، ليعبر عن إستنكافه منه، لانني طلبت منه ان يسدي له تقديرا معنويا،ليس الا.
تحية مني لهذا العامل البسيط وتحية وتقديرا لمسؤول صيانة الكرخ ( أبو أحمد ) لاخلاقه العالية ولاستجابته السريعة لكل نداءات أهالي الميكانيك..وشكرا لكل موظف كفوء يقدم به خدمة لناسه وبلده، ليحظى برضى رب السموات والأرض قبل رضاء البشر..وعسى ان يوعز السيد وزير الكهرباء المحترم وهو المعروف بدماثة خلقه، وشعوره العالي بالمسؤولية بتوجيه كتاب شكر لكل مفرزة صيانة الدورة منطقة الميكانيك، مع خالص امنياتنا بالتوفيق لكل شريف في هذا الوطن يقدر المسؤولية ويرفع من همم الآخرين، لا ان يحط من أقدارهم، رغم انهم أقرب المقربين اليه ضمن ساحة عمله.
غريب أمر هذا البلد الذي نحن فيه، اذا كان التعامل مع صحافة الجلالة على هذه الشاكلة من عدم الشعور بالمسؤولية الاخلاقية أزاء قيم التخاطب مع الآخرين، وكم من إنسان لايقرأ ويكتب لكنه يحمل بين ثنايا شخصيته من يفوق الكثير مما نعرفه عن أسلوب التعامل في عالم اليوم..وختاما لايسعني الا أن أردد قول الشاعر : أذا أنت أكرمت الكريم ملكته…..