لا يوجد في هذا العصر إنتصار عسكري بحت , فإن تحاربت القِوى فأنها تبيد بعضها , فهناك خسائر فادحة متبادلة , ولهذا فأن الحروب العسكرية وفقا لمنطق القرن العشرين ما عادت موجودة.
الذي يحصل في الدنيا هو التنافس العلمي , الذي يموجب معطياته تتحدد معايير الإنتصار والهزيمة , ولهذا تجد القِوى الكبرى في ذروة إندفاعاتها التنافسية في المجالات العلمية المتنوعة.
وما تحقق في زمن الوباء الكوروني , يُعد نصرا علميا لقوة على غيرها , فالدول التي صنَّعت اللقاحات الكفوءة , وبكميات هائلة , ووقت قياسي , هي المنتصرة على غيرها من الدول العاجزة عن تلقيح شعوبها.
فهناك دول منهزمة وأخرى منتصرة في هذه المعركة المصيرية , التي لم تستطع فيها بعض الدول أن تصنع لقاحاتها وتحمي مواطنيها من غائلة الفايروس.
إن الشعوب المتفوقة هي التي تتخذ مناهج البحث والتفكير والإبداع العلمي سبلا لرقائها ومواجهتها للتحديات , فتجد مجتمعات تسيّر مركباتها وتحلق بمروحياتها فوق المريخ , وتديرها من الأرض بإتقان فائق , ومجتمعات منشغلة بالضلال والبهتان ونكران قيمة العقل والإنسان.
ولا يمكن المقارنة بين الثرى والثريا , ولا يجوز النظر بعين واحدة للحالتين , فنكران العلم هو الطامة الكبرى التي تلحق ببعض المجتمعات , وتدفع بها إلى مزيد من الهلاك.
ولا بد من وعي حقيقة معاصرة فاعلة في الموجودات خلاصتها العلم , فالعلم أصل الكينونة القوية المقتدرة على التحدي , وما سواه هذيان وغثيان سبّاق لإنهيارات فادحة.
فهل من وعي لأهمية العلم والتفكير العلمي لصناعة الحياة؟
وإن الحياة في العلم والموت فيما عداه!!