من الهوسه أي الإضطراب وعدم الإنتظام.
عقب كل مأزق إنكساري إنتكاسي إنتكابي , تنطلق التهويشات والهوسات , شعرا وخطابا وبصنوف الكتابة المتنوعة , وهي خالية من الفعل وروح العمل , ومؤكدة على أنها الفعل الذي له الأثر.
فنحن نجيد متطلبات أضعف الإيمان , ولا نخبر مهارات التعبير عن الإيمان الكامل.
ووفقا لهذه المنظومة النمطية السلوكية , تكالبت علينا القوى المفترسة وتقدمت نحونا بثقة وقدرة على تحصيل ما تريده وتسعى إليه , وهي متيقنة بقدرتها على توظيفنا لنكون من ألد أعداء وجودنا.
فما أن يتفاقم الوجيع , حتى ننطلق بأنيننا ونستثمر فيه لنحوله إلى أشعار وخطب رنانة ومقالات , وما يتصل بها من وسائل للتعبير عن الحالة السلبية التي نتعايش معها ونستلطفها , ولا نتحداها ونتوقاها , ونؤمِّن مساراتنا البديلة للتحرر منها.
إنها عاهة سلوكية فاعلة في الواقع , ومهيمنة على الوعي الجماعي , ولديها القدرة على تحشيد الناس للتعبير الأوجع عنها , وهذا يميزنا عن غيرنا من شعوب الدنيا , فهم في حالة من التحدي والثبات والإيمان بالذات والموضوع , وعدم التفاعل السلبي , ويستحضرون ما هو إيجابي لتوليد الطاقات , وتثوير العزائم والإرادات للوصول إلى تحقيق مشروعهم المعزز لحريتهم وكرامتهم.
وفيما يحصل ويتكرر في بقاع أمتنا المنكوبة بنا , تجدنا على أهبة الإستعداد للإنطلاق بالرثاء والعويل وجلد الذات , وإطلاق الشعارات الباهتة , وحشد المسيرات الترويحية المؤكدة على أن هذا ما نستطيع فعله , وما بعده خط أحمر , وإنها فذلكات إعلامية وتعبيرات عن مواقف منافقة وتفاعلات جائرة , فنحن ضد الحق بفعلنا ومعه بقولنا وتظاهراتنا , ولهذا ما عاد حق لأهله في ديارنا.
فهل نحن نجيد “الهوسات” , ولا نخبر مهارات الفعل الوطني والإنساني القادر على إحقاق الحق وإقامة العدل والإنصاف؟
فما دام الظلم والنفاق والفساد مهيمنا على وجودنا في دولنا , ونستطيبه ونشارك به , ونتخذه مذهبا وشرعا وصراطا للحياة , فماذا يُرتجى منا؟
إن الإناء ينضح بما فيه , وما فينا يؤسس لمعاناتنا وما نستحضره من ويلات , نعتاش عليها , ونستضيفها بترحيب وإكرام!!