عملت مع رؤساء لي في الوظائف لسنوات في التعليم و الاعلام و مؤسسات الترجمة و ما الى ذلك ، فرأيت واقعيا ماهو الفرق بين ان يتقلد المنصب رجل (كبير النفس) اصيل الشهامة كريم في طبعه، وبين ان يتقلده رجل صغير النفس و ضيع الخلق دنيء الطبع ، بخيل في اصله .
هذا الاخير يفقد توازنه عندما يصبح مديرا او رئيسا او وزيرا ، اصله الوضيع و نفسه الدنيئة و بخله المتأصل مع صحبه و اهل بيته يظهر جليا في ادارته ، فتراه يوقع للناس الوثيقة الحكومية و كأنما يصرفها من اوراق محفظته ، و يقبل موظفا في دائرته او منتسبا في مجموعته او طالبا في مدرسته ، كمن يقبل خطيبا لابنته ، يعرقل مصالح الناس دون سبب ، و يزعج مراجعاتهم دون أرب ، و لايستحي من لوم او عتب.
يبدأ هذا الرجل بالنباح على كل من يمر من جنب دائرته كالكلب المسعور ، فيجعلها كالبيت المهجور .
لا تدري ماذا يريد و لماذا يحارب الامر المنساب و لايحبذ ان تتخذ الاجراءات طبيعتها، يده تطول على المال العام الذي بعهدته بكل اريحية ، و لكنه يحرص و يبخل في انفاذه لمستحقيه الا بأذى و بعد صراع و (منّية).
فهؤلاء لم تشبع عيونهم و ان امتلات بطونهم .
و ر(ئيس حكومتنا و وزير ماليته) اليوم من نوع هؤلاء ، الرجل (العفن الزفر) (الردي) كما يسميه الرجال الرجال من ابائنا و اجدادنا.
هذان الرجلان ومن معهما لايصلحان ان يديرا اموال دولة ، قادة الدول العظام و منذ القدم الى ازمة كورونا قرأنا عنهم و رايناهم يتمنون ان لو في بيت المال (الميزانية) ، فضل خير فيزعونه على الرعية لان الاموال اموالها بعد كل شيء ، و ماهم الا خازنون مؤتمنون عليها.
لكننا نرى (ابن علاوي و ابن مشتت) يتتبعان كل ردية ليفعلونها ، فيتسابقان على حجب الخير عن مستحقيه ، و يمنعان المال عن محتاجيه، فيقول احدهما:«يعتصر قلبي الما عندما اوقع صرف رواتب الموظفين» و هو الذي صرف لنفسه ملياري دينار تعويض عن دار .
و هذا ليس متأتٍ من فساد كما هو المعتاد ، بل من كون هذين الرجلين لم يتحدرا من اصل كريم جرّب العطاء و استسهل المنح ، و انما من متحدر لئيم تعوّد التقتير و الشح ، حتى مع السعة و الانفراج ،
فالكرم و طيب الاصل و نقاوة المحتد مثل الشجاعة صفات لاتشترى و لا تكتسب بعد تقلد المناصب ، بل تزداد الدناءة و ينكشف عنها الحجاب اكثر و يظهر الصغار جليا :
فتعظم في عين “الصغير” صغارها ،،،،و تصغر في عين العظيم العظائم