27 يونيو، 2025 11:10 ص

الانسحاب الأميركي الغير مشروط من “أفغانستان” .. كيف تراه الصحف العالمية ؟

الانسحاب الأميركي الغير مشروط من “أفغانستان” .. كيف تراه الصحف العالمية ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :    

بعد مرور نحو عقدين من تدخل “الولايات المتحدة”، في “أفغانستان”؛ وإسقاط نظام حكم حركة (طالبان)، قررت “واشنطن” سحب قواتها هناك؛ في موعد أقصاه الذكرى العشرين لهجمات 11 أيلول/سبتمبر .

وأعلن الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، إن الوقت قد حان: “لوضع حد لأطول حرب خاضتها الولايات المتحدة” في تاريخها، قائلاً أن: “القوات الأميركية؛ وكذلك القوات التي ينشرها حلفاؤنا في حلف شمال الأطلسي، (ناتو)، وشركاؤنا في العمليات؛ ستكون خارج أفغانستان قبل أن نُحيي الذكرى العشرين لهذا الهجوم الشنيع، في 11 أيلول/سبتمبر”.

وهي نفس الخطوة التي أعلنتها الدول الأعضاء في حلف الـ (ناتو).

إلا أنه وبحسب ما صرح به مسؤول أميركي؛ سيكون الانسحاب غير مشروط، وقال: “الرئيس يعتبر أن مقاربة مشروطة، كما كانت الحال عليه في العقدين الماضيين، كانت سببًا للبقاء في أفغانستان إلى الأبد”.

“ألمانيا” أيضًا؛ ستسحب قواتها من “أفغانستان”؛ مع انسحاب القوات الأميركية، حسب وزيرة الدفاع الألمانية، “أنغريت كرامب كارنباور”، التي قالت في مقابلة مع القناة الألمانية الأولى (ARD) ، قبيل اجتماع لوزراء الدفاع والخارجية للدول الأعضاء في الحلف الأطلسي: “قلنا دائمًا: ندخل معًا، (مع الأميركيين)، ونخرج معًا”. وأضافت: “أنا مع انسحاب منظم، لذلك أفترض أننا سنقرر ذلك”.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق، “دونالد ترامب”، قد اتفقت مع حركة (طالبان)؛ على الانسحاب حتى الأول من أيار/مايو المقبل، لكن إدارة الرئيس، “بايدن”، أجلت الانسحاب أربعة أشهر.

هذا التأجيل؛ أثار غضب حركة (طالبان). وكتب الناطق باسمها في “قطر”، “محمد نعيم”، في تغريدة: “إلى أن تنسحب كل القوات الأجنبية من بلادنا، لن نشارك في أي مؤتمر قد تتّخذ خلاله قرارات بشأن أفغانستان”.

قرار الانسحاب سيطارد أميركا والعالم..

هذا الانسحاب غير المشروط، تحدث عنه السناتور الجمهوري، “ليندسي غراهام”، والجنرال المتقاعد، “جاك كين”، في مقال بصحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركية، قائلين أن قرار الرئيس، “جو بايدن”، سحب كل القوات الأميركية من “أفغانستان”، خلافًا لنصيحة العسكريين، سيطارد “أميركا” والعالم، كما حصل في “العراق”، عام 2011.

وأضافا أن تكليف (طالبان) بردع (القاعدة) و(داعش)؛ هو مثل من يسأل الثعلب حماية قن الدجاج. إنها مسألة وقت قبل أن تنشب حرب أهلية أخرى، وعلى مسافة أشهر فقط من الذكرى السنوية العشرين لهجمات 11 أيلول/سبتمبر، التي قضى فيها ثلاثة آلاف أميركي على أيدي إرهابيي تنظيم (القاعدة)، الذين دربهم، “أسامة بن لادن”، ووجههم من “أفغانستان”.

ويقول الكاتبان: “يجب أن نكون قد تعلمنا بأن السماح بملاذ للإسلاميين الراديكاليين للتخطيط لهجمات ضد أميركا وحلفائها ليس عملاً حكيمًا. ولو دمرنا الملاذ الأفغاني، عقب الهجمات على السفارتين الأميركيتين في إفريقيا، (1998)، والمدمرة (يو. إس. إس. كول)، (2000)، لما كانت وقعت هجمات 11 أيلول/سبتمبر، على الأرجح”.

والواضح أن القوات المسلحة ومعها مجتمع الاستخبارات؛ يدركان ذلك، ولذلك أوصيا بالإبقاء على قوة لمكافحة الإرهاب في “أفغانستان”.

سيكون شرق أفغانستان تحت سيطرة شبكة “حقاني”..

في الأشهر والسنوات المقبلة، ستفقد الحكومة الأفغانية، في “كابول”، تدريجيًا نفوذها في أنحاء البلاد. وسيشرع الإيرانيون في السيطرة على غرب “أفغانستان”، وستبدأ (طالبان) بإدارة المنطقة الجنوبية. وسيُعيد تحالف الشمال تنظيم نفسه. وسيكون شرق “أفغانستان” تحت سيطرة شبكة (حقاني)، وهي كيان مصنف على لائحة “وزارة الخارجية” الأميركية للإرهاب. وستستغل عناصر (داعش) و(القاعدة)، الذين يحومون حول “أفغانستان”، حال الفوضى.

وفي غياب أي وجود عسكري أميركي أو أطلسي، ستعمل كل مجموعة على تدريب نفسها. ويقول الكاتبان: “لنتخيل إننا نسلم شؤون أمننا القومي إلى (طالبان). عملية تكليف (طالبان) بردع (القاعدة) و(داعش)؛ هي مثل من يسأل الثعلب حماية قن الدجاج. إنها مسألة وقت قبل أن تنشب حرب أهلية أخرى”. كل ذلك، كان يمكن تفاديه بإبقاء قوة صغيرة من قوات مكافحة الإرهاب الأميركية والأطلسية لمساعدة الجيش الأفغاني على الضغط على الأطراف من أجل إيجاد حلول سياسية للمشاكل المعقدة في “أفغانستان”.

تحذيرات متكررة..

وأشارا الكاتبان أنه لن يستطيع الرئيس، “بايدن”، القول إنه لم يتم تحذيره. لقد أطلقت القوات المسلحة وأجهزة الإستخبارات مرارًا التحذيرات من المخاطر التي ستنجم عن انسحاب غير مشروط ومن الفوضى التي ستلي ذلك. كان القرار بترك كتيبة صغيرة من القوات الأميركية، في “أفغانستان”، يحظى بإجماع الحزبين، وبقاء ما بين (2500) جندي إلى (5000) آلاف جندي؛ كان موضع نقاش، وهو يمثل خفضًا في القوات؛ يصل إلى 95 في المئة من العدد الذي بلغته في ذروة التدخل الأميركي، عام 2011.

وقال الكاتبان: “كنا حاسمين في دعمنا إبقاء قوة أميركية في نقاط ساخنة؛ مثل: العراق وسوريا وشرق إفريقيا وأفغانستان، بصرف النظر عمن هو الرئيس. وضغطنا على الرئيس السابق، دونالد ترامب، ليتراجع عن اقتراحه بسحب كل القوات من العراق وسوريا، ويحسب له، أنه أعاد حساباته. ونعتقد أنه لو كان ترامب قد انتخب لولاية ثانية، لكان أجرى مراجعة جدية لإبقاء قوات أميركية في أفغانستان. ليس فقط لأن هذا ما يوصي به الجيش منذ سنوات، وإنما لأن شروط الانسحاب ليست متوافرة. أفغانستان مستقرة، تصب في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة وحلفائها”.

الصين وروسيا وإيران مستفيدي الفراغ الأمني..

أتخذ “بايدن”، على ما يبدو؛ قرارًا سياسيًا من شأنه إلحاق الضرر بالأمن القومي الأميركي. وهناك خيارات عدة عندما يتعلق الأمر بـ”أفغانستان”. ولكن لسوء الحظ أختار “بايدن” الأكثر خطورة. وستستفيد “الصين وروسيا وإيران”؛ من الفراغ الأمني الذي سيتركه قرار الانسحاب.

وخلص الكاتبان: “تعب الكثير من الأميركيين من قتال الإسلام الراديكالي، لكن الإسلام الراديكالي لم يتعب من قتالنا. والأرجح إننا سنعود في يوم من الأيام إلى أفغانستان لحماية مصالحنا. لدينا خياران: إما أن نقاتل في أراضيهم أو أن نقاتل في أراضينا”.

إندلاع حرب أهلية..

وفي موقع (ذا ديسباتش)، شدد رئيس تحريره، “جوناه غولدبيرغ”، على ضرورة الفصل بين المشاعر والوقائع عند معالجة الملف الأفغاني.

ورأى أن أكثر سيناريو ترجيحًا؛ هو اندلاع حرب أهلية في وقت قريب. ستسقط “كابول”؛ بنفس سرعة ورعب سقوط عاصمة، “فيتنام الجنوبية”، فالرئيس الأميركي، “جو بايدن”، يشعر بأن الوقت قد حان لإنهاء الحرب في “أفغانستان”، وهكذا يفعل معظم الأميركيين. ويعترف الكاتب بأن هذا الشعور يخالجه أيضًا. لكن يجب ألا يصغي الأميركيون للأحاسيس في نهاية المطاف. خلال كلمته المتلفزة التي ألقاها بغرض إعلان قراره، كرر “بايدن” أن الانسحاب الأميركي من “أفغانستان” لا يمكن: “أن يرتبط بالظروف على الأرض”، لأن لا أحد يستطيع قول ما هي الظروف التي يجب أن تتحقق من أجل الرحيل.

مشكلة في الأسئلة..

وفسر مسؤول أميركي بارز، للمراسلين؛ أن قرار الرئيس: “ليس مستندًا إلى شروط. لقد قيّم الرئيس أن مقاربة (الانسحاب) المبني على الشروط، والتي شكلت مقاربةَ العقدين الماضيين، هي وصفة للبقاء في أفغانستان إلى الأبد”. يرد “غولدبيرغ”؛ بأن عبارة: “غير مستند إلى الشروط” هي طريقة أخرى لقول إنه انسحاب: “غير مشروط”. لكنه يتساءل أيضًا عما إذا كانت المشكلة في الأسئلة بدلاً من الأجوبة. يشير إلى أن “الولايات المتحدة” لديها شرطة ورجال إطفاء ومسعفون، ولن يقول أحد: “علينا التخلص منهم لأن لا أحد يستطيع وصف كيف ستبدو الظروف حين لن نكون بحاجة إليهم بعد اليوم”. وأضاف أن سؤال: “كيف ينتهي هذا ؟” هو خاطيء لأنه سيكون هنالك دومًا جرائم وحرائق وطواريء صحية.

ليست شرطي العالم !

ينفي الكاتب أن يكون من معتنقي فكرة تولي “الولايات المتحدة” دور شرطي العالم، فهي ليست كذلك ولا تستطيع أن تكون كذلك. ويذكر العديد من الأماكن التي تدور فيها أحداث فظيعة حول العالم، ومع ذلك، لا ترسل “واشنطن” جنودها لوقفها. لكن الجنود الأميركيين ليسوا موجودين في “أفغانستان” من أجل فرض النظام في العالم؛ ولا حتى في “أفغانستان”. “الولايات المتحدة” هناك لضمان عدم إستيلاء (طالبان) مجددًا على البلاد؛ وجعلها ملاذًا آمنًا للإرهاب مرة أخرى.

ويرى البعض أن لا حاجة للوجود الأميركي هناك. يرد الكاتب بأن هذه الحجة ليست صحيحة، والسبب الجزئي لذلك، هو قول مؤيديها إن الشروط على الأرض غير مهمة. لماذا لا يقولون: “لقد أستوفينا الشروط الضرورية ؟”، يسأل “غولدبيرغ”.

يرى أن الحكومة تستطيع صد “طالبان”..

ويُصر “البيت الأبيض” على أن حكومة “كابول” تستطيع صد (طالبان) بمفردها؛ وأنه سيكون بإمكان “واشنطن” شن عمليات ضد الملاذات الآمنة للإرهابيين عبر طائرات بدون طيار أو عبر أصول أخرى من خارج “أفغانستان”. هذا مشكوك فيه. والأمر نفسه ينطبق على الزعم بأن الإدارة قادرة على استخدام الضغط الدبلوماسي والعقوبات، لمنع (طالبان) من قتل من تصفهم بالمرتدين أو من ممارسة الوحشية ضد النساء. إذا لم تستطع 20 سنة من الحرب؛ أن تفعل ذلك، فمن غير المرجح أن يكون حظر السفر وتجميد الحسابات في البنوك أكثر فاعلية.

ضربة مزدوجة..

إلى ذلك، قالت مجلة (فورين بوليسي) الأميركية؛ إنه مع رحيل “الولايات المتحدة” عن “أفغانستان”، فإن السؤال الذي يتعلق بالقوات الأميركية في الشرق الأوسط، التي تدعم المهمة الأفغانية، يحتل حيزًا كبيرًا.

وأضافت، في تقرير نشرته، مساء الجمعة، على موقعها الإلكتروني: “قرار الرئيس الأميركي، جو بايدن، بانسحاب كل القوات الأميركية من أفغانستان بمثابة ضربة مزدوجة، حيث تقوم بعض القوات الأميركية المنتشرة في الخليج بدعم العمليات الأميركية في أفغانستان، حيث يمكن سحب تلك القوات وإعادة نشرها لعمليات أخرى؛ بعد إنهاء الولايات المتحدة لمهمتها العسكرية في أفغانستان”.

وأوضحت: “ومع ذلك، فإن إدارة بايدن ستظل تجاهد من أجل تحديد عدد القوات الكافي للبقاء في الخليج، حيث تقدّر أعدادها بالآلاف في إرث خاص بالرئيس السابق، دونالد ترامب، ومن بينها قوات مخصصة لدعم العمليات العسكرية الأميركية في العراق”.

نقاش دائم..

وتابعت: “بالطبع، فإن هذا ليس نقاشًا جديدًا، ولكن خلال السنوات الأخيرة، فإن الأصوات المطالبة بإنهاء الحروب الأميركية التي لا نهاية لها في الشرق الأوسط تلقي الأضواء على قيمة الدور التاريخي للولايات المتحدة في ضمان أمن الخليج. ولكن حتى الآن، فإنه لا يوجد توافق حول هذا الأمر”.

وأردفت: “كما هو الحال بالنسبة للنقاشات السياسية الأميركية، فإن المواقف أصبحت أكثر تشددًا حول نقيضين: إعداد القوات من أجل الانسحاب، أو الاستمرار على نفس النهج، إلا أن الإجابة تكمن بين النقيضين”.

ورأت أنه طالما استمر العالم، ناهيك عن “الولايات المتحدة”، في الاعتماد على صادرات “النفط” و”الغاز” من الخليج، واستمر الصراع بين “الولايات المتحدة” و”إيران”، مع احتمالات قدرة “إيران” على امتلاك السلاح النووي، ومهاجمة “أميركا” وشركائها في المنطقة، فإن “الولايات المتحدة” ستكون بحاجة إلى الحفاظ على وجودها العسكري.

ولكن القرارات المتعلقة بحجم تلك القوات يجب أن يتم بناؤها على الحسابات الصعبة للمصالح الأميركية في الخليج، وفهم التهديدات لتلك المصالح، وتقدير الفوائد والتكاليف والمخاطر، وعواقب كل اختيار سياسي، وفق المجلة.

أسباب الانسحاب العسكري من الخليج..

ورصدت (فورين بوليسي)، آراء الجانبين، المؤيد للانسحاب العسكري الأميركي من الخليج، والمعارض لمثل هذا التوجه.

وقالت: “يملك أنصار فك الإرتباط العسكري الأميركي، مع الخليج، العديد من الأسباب، أولها أن الولايات المتحدة ليس لديها مصالح حيوية في الخليج، حيث تتراجع الأهمية الإستراتيجية للمنطقة نتيجة زيادة إنتاج الطاقة، والتنوع في سوق الطاقة العالمية”.

الأمر الثاني؛ يتمثل في أن التهديدات الرئيسة للأمن والاستقرار الإقليمي هي أشياء داخلية، تعود إلى ضعف الدولة، والخلل الإداري، ولا تزال القوات الأميركية غير قادرة على التعامل مع مصادر هذا الصراع.

الأمر الثالث؛ هو أن المصالح الأميركية الرئيسة ليست الآن عرضة للتهديد، ويمكن الحفاظ عليها بتكلفة ومخاطر أقل، حيث لا تحتاج “الولايات المتحدة” للحفاظ على وجود عسكري مستمر في وقت السلم، لحماية التدفق الحر لـ”النفط”، والدفاع عن أمن “إسرائيل”، ومحاربة التطرف، أو منع ظهور هيمنة إقليمية معادية.

 

 

رابعًا؛ تستطيع “الولايات المتحدة” توفير مبالغ مالية كبيرة؛ إذا تم سحب القوات الأميركية وعودتها إلى الوطن، وخامسًا؛ فإن القدرات العسكرية الأميركية، المنتشرة في الخليج، يمكن أن يتم نشرها بشكل أفضل في “أوروبا” ومنطقة المحيطين: “الهندي والهاديء”، كي تكون هناك منافسة للقوى العظمى، مثل: “روسيا”، و”الصين”.

وفي النهاية، فإن الحد من الانتشار العسكري الأميركي، في الخليج؛ من شأنه أن يقلل خطر تورطها في النزاعات الداخلية للدول الأخرى، وطالما أن “الولايات المتحدة” تدير قواتها في المنطقة، سيكون من المغري للغاية بالنسبة للقادة الأميركيين السعي لحل المشكلات الخاصة بالسياسة الخارجية عبر الوسائل العسكرية.

تحذيرات الفريق المعارض..

من جهة أخرى، فإن أنصار الحفاظ على الوضع القائم عسكريًا؛ يبررون ذلك بأن الفوائد المالية والإستراتيجية لفك الإرتباط مع المنطقة مبالغ فيها بشدة، وتأتي مبرراتهم وفقًا للتالي :

أولًا: معظم القوات الأميركية في الخليج تدعم العمليات العسكرية الأميركية، في “العراق” و”أفغانستان”، ولديها أيضًا أدوار غير قتالية، مثل التدريب والاستشارات، ومساعدة القوات المحلية، وطالما استمرت مهام القوات الأميركية في الدولتين، فإنه لا يوجد ما يدفع نحو خفض عدد القوات.

ثانيًا: انتشار القوات الأميركية في الخليج؛ لم يكن أبدًا الهدف منه ضمان حصول “الولايات المتحدة” على إمدادات “النفط”، في ضوء القدرة على الحصول على “النفط” من مناطق أخرى، ولكن الأمر يتعلق بأصدقاء وشركاء وحلفاء “أميركا” حول العالم. ورغم تراجع الأهمية الإستراتيجية للخليج، بالنسبة لـ”الولايات المتحدة”، فإن “واشنطن” لا تزال لديها مصلحة مهمة في الحفاظ على استقرار أسواق الطاقة العالمية والتصدي للطموحات التوسعية الإيرانية.

ثالثًا: سيؤدي عدم الاستقرار إلى تهديد شركاء “أميركا”، وخلق ملاذات آمنة للجماعات التي تسعى لمهاجمة “الولايات المتحدة”، في الوقت الذي يمكن أن يؤدي فيه إصرار “إيران” وطموحاتها الجيوسياسية، في المنطقة، إلى اندلاع صراع مع “الولايات المتحدة” نفسها.

رابعًا: القوات الأميركية المتمركزة في دول “مجلس التعاون الخليجي” تعاني من أعداد قليلة للغاية من الضحايا، كما أن تكلفة وجودها في المنطقة صغيرة ورخيصة للغاية، في ضوء الميزانية المطلوبة لـ”وزارة الدفاع”، في العام 2021، والتي تصل إلى 740 مليار دولار.

ورأت المجلة في هذا الصدد؛ أن سحب هذه القوات لن يوفر أي أموال، كما أن دول الخليج توفر مرافق تدريب متميزة، وتتحمل معظم تكاليف دعم القوات الأميركية، وبالتالي فإن نقل هذه الأصول سيكلف “وزارة الدفاع” الأميركية، (البنتاغون)، المزيد من الأموال. كما أن الوجود العسكري الأميركي الحالي لا يُثير أي مشكلات سياسية، فهو لا يُولد عداءً محليًا أو يُهدد الاستقرار الداخلي، أو يخلق مشاكل سياسية للبلدان المضيفة، أو يمثل خطرًا جسيمًا لوقوع هجمات إرهابية.

كما أن أنصار الحفاظ على الوجود العسكري الأميركي في الخليج؛ يرون أن عدم استمرار الوضع القائم يهدد بمخاطر يتم التهوين من آثارها، حيث يمكن أن يثير رعب حلفاء “الولايات المتحدة”، وشعورهم بالضعف أمام مخاطر تعرضهم لأي هجوم، كما أن بعضهم يمكن أن يتحرك بشكل أكثر شراسة ضد “إيران”.

تقويض مصداقية أميركا..

وتابعت المجلة الأميركية: “بكلمات أخرى، فإن وجود القوات الأميركية، في المنطقة، ليس فقط لردع إيران، ولكن أيضًا لكبح شركاء الولايات المتحدة”.

وبحسب (فورين بوليسي)، فإن فك الإرتباط يمكن أن يقوض مصداقية الردع التقليدي لـ”الولايات المتحدة”، ويمكن لـ”طهران” أن تقرر التحرك بشكل أكثر عدوانية، لأنها ترى تراجع “الولايات المتحدة” كدليل على أن “واشنطن” لم تُعد مُلتزمة بالدفاع عن دول الخليج.

وحذرت من أن دول الخليج يمكن أن ترى أيضًا، “الولايات المتحدة”، بأنها لم تعُد شريكًا أمنيًا موثوقًا به، وأن تلجأ إلى تطوير برامجها النووية الخاصة بها، ما يدفع المنطقة نحو سباق تسلح”.

وختمت المجلة تقريرها بقولها: “حتى يتوصل الطرفان إلى نوع من التسوية، فإن الخفض الكامل للوجود العسكري الأميركي في الخليج سيكون مقيدًا بالمثل القديم: إذا كنت تريد السلام، فاستعد للحرب”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة