بين الوقت والاخر تتداول مواقع التواصل الاجتماعي قصة المرياع واغلب الظن ان الغالبية يعرفون ما يعنيه ، ومع ذلك سأمر سريعا لتعريفه لمن قد لم يسمع به وباختصار شديد . فالمرياع هو خروف يفصل عند ولادته عن امه ويتم ارضاعه من انثى الحمار فيتربى وهو يحسب ان ( الاتان ) انثى الحمار امه وان الحمار ابيه ويكبر وتتوسع قرونه ويسمن فتعلق في رقبته اجراس ويكلف بقيادة قطيع الاغنام فهو يسير خلف الحمار والاغنام تمشي خلفه عند سماعها الاجراس من دون ان تدرك انها في الحقيقة تساق من قبل حمار .. وبرغم عدم اتفاقي بالكامل مع من يشبه غالبية المواطنين في مجتمعاتنا العربية ومنها العراق بالاغنام حاشاهم لانهم ارتضوا على انفسهم تعطيل عقولهم وسلب ارادتهم فاطاعوا بلا وعي زعماء وقادة فاسدين وشيوخ عشائر غير حقيقيين وتجاردين غير صالحين وكتاب وادعياء ثقافة مضللين ، فان الحقيقة المرة والموجعة تقول اننا بغالبيتنا مغيبو الوعي ونسير احيانا الى حتوفنا لارضاء من لايستحقون .. نهتف ونصفق وندين لهم بالولاء وهم يسخرون منا ويذبحون ابسط احلامنا ويسرقوننا .. يجوعوننا ويقتلون الفرحة في نفوسنا وفي نفوس اطفالنا ويضحكون .. يصدعون رؤوسنا يوميا بالخطب الرنانة والتصريحات النارية بانهم جاؤا لخدمتنا ويضحون من اجل اسعادنا ولا يملون من ممارسة هذه اللاعيب لانهم يجدون من بيننا وبعد كل هذا الخداع والهوان من يسمع لهم ويمشي خلفهم وينتخبهم وينسى ملفات التعيين التي رميت في مكب النفايات حال انتهاء الانتخابات والحرمان من ابسط الخدمات ونهب المال العام والمحاصصة وانواع الفساد .. الصورة قاتمة ولخصها احد شباب تشرين بجملة بسيطة فقال ان شعبنا مع الاسف خذلنا وتجعل كل واحد منا يتساءل لماذا هذه السلبية ؟ وبراي متواضع ومن دون تنظير اقول ان شعبنا مظلوم فهو لم يختار ان تسلب ارادته ويعطل عمل عقله ، فهو قد نشأ على الطاعة العمياء فضعف ما يسمى في العالم بالراي العام وباتت شخصيتنا ضعيفة وغير مستقرة ، وتعودنا ان نطيع القائد الزعيم وهو الصح ونحن الخطأ ويتحمل مسؤولية ذلك الاحزاب الوطنية بمختلف مشاربها وتسمياتها بل شاركت في تغييب العقل والارادة بمفاهيم تلتف على مباديء الديمقراطية والحرية التي جعلتها في اولويات اهدافها وضمن مبادئها ..فلا نلوم الاحزاب ولاغيرها ممن اعتادت استغلال المواطن لان مصلحتها في تغييب وعي المواطنيين لكننا نلقي باللوم على احزاب وطنية مع احترامنا لتاريخها النضالي وتضحياتها لم تحسن توعية المواطنين ، فكانت النتيجة ما وصل اليه حال اوطاننا من تردي وخراب ..
في العراق اليوم وفرت انتفاضة تشرين الشعبية السلمية فرصة لنا جميعا لاعادة وعينا واحترام ارادتنا .. ولم يبق على الانتخابات الا اشهر قليلة فمطلوب منا كمواطنين ان لانضيع الفرصة وان نؤكد للسياسيين الفاسدين باننا لسنا قطيع يساق كما يشاؤون بل نملك ارادتنا .. الانتخابات المقبلة فرصة كل عراقي لكي يختار على وفق الكفاءة والوطنية ورفض تكرار وجوه شخصيات سياسية اسهمت في تدمير وخراب الوطن .. ليراجع كل مواطن نفسه وبفطرته سيختار مصلحة الوطن .. لننتخب العراقي الوطني غير الملوث ولنثبت اننا نرفض ان يقودنا بعد اليوم المرياع .