18 ديسمبر، 2024 10:16 م

بعيدا عن لغة الأرقام قريبا من لغة الواقع الى أين نمضي بين تقلبات المناخ

بعيدا عن لغة الأرقام قريبا من لغة الواقع الى أين نمضي بين تقلبات المناخ

التغير المناخي المتطرف، يعني اننا أمام طبيعة غاضبة، من سلوكيات خاطئة قام ويقوم بها البشر، فهي تعبر عن غضبها بالأعاصير وموجات الجفاف، والعواصف الترابية وغيرها من التغييرات المناخية، التي يقف أمامها الانسان عاجز، ان استمرار ارتفاع درجة كوكبنا الأرض، يعني اننا نمضي نحو بيئة لا ترحب للوجود البشري عليها!
وإذا استمر العبث الإنساني بالطبيعة، وإذا لم تعيد الحكومات والشعوب حساباتها ازاء البيئة، فربما نمضي نحو الانقراض.
وتكمن خطورة الموضوع من عدة جوانب منها

-التقلبات المناخية وآثرها على الأمن الغذائي
تجريف المناطق الطبيعية، وحرق الغابات والتلاعب بالتوازن البيئي والصيد الجائر وغيرها من أساليب الاعتداء على البيئة، تجعل المناطق الصالحة للإنتاج الزراعي في تناقص مستمر، أضف لذلك الزيادة السكانية السريعة والذي يقابله انخفاض في المساحات الصالحة للمعيشة، والمساحات الزراعية، أي انخفاض حاد بالموارد الطبيعية، سيقابله استهلاك اكبر من حجم الموارد، وهذا سيقودنا الى نزاع عالمي على السلة الغذائية بلا شك

-التقلبات المناخية وآثرها على الجانب الاقتصادي

يقودنا التقلب المناخي الى اندثار بعض الصناعات التي تزيد من نسبة التلوث، أي ان العالم المتقدم سيقود ثورة صناعية جديدة خالية من البواعث الغازية، وعلية فان الدول الأخرى التي ستبقى متمسكة بالأساليب القديمة والموارد التقليدية، ستعاني من العزلة العالمية، والكساد الاقتصادي كونها ستبيع بضاعة لا تنال رواج في العالم، اضافة الى كم التلوث الذي سيتركز في تلك البلدان التي ستبقى تستخرج العناصر الباعثة للغازات السامة كالنفط وغيرها من الصناعات الاستخراجية

-التقلبات المناخية وأثرها على الجانب السياسي

لم تقف حكومات العالم من التلوث البيئي والتقلبات المناخية وقفة جادة، وهذا. ما قاد البعض الى قول عبارة(ان الانبعاثات تعكس الرفاهية) ان الدول التي تبعث اكبر قدر من الملوثات الى الطبيعة، هذا يعني انها دولة تتمتع بالتقدم والتطور الكبير نتيجة الصناعات الكبيرة على أراضيها، لذلك انقسمت الدول المنضوية تحت (اتفاقية تغيير المناخ ) الى دول مسؤولة عن القسم الأكبر من حجم الانبعاثات كونها دول متقدمة في الصناعات ، وعلى الجانب الاخر دول نامية، تكاد تصل نسبة البواعث الغازية من أراضيها الى الصفر، وعليه اصبح الموضوع مادة للتجاهل السياسي بعيدا عن البحث عن اصل المشكلة والبحث فيها وإيجاد حلول حقيقة لها.

(الحلول المقترحة)

مشكلة تقلبات المناخ، والتلوث البيئي مشكلة عامة شاملة المحيط الذي يعيش فيه الانسان وعليه فان الحلول كذلك يجب ان تكون من كل الجوانب المتعلقة فيه.

-الجانب العلمي
ان التفكير بمصادر الطاقة النظيفة، ليست فكرة وليدة اليوم، بل هي مستقبل الصناعات ومفهوم أساسي تعتمده الدول المتقدمة منذ فترة، ليست بالقليلة بسبب ان المصادر الطبيعة النظيفة، هي مصادر صديقة للبيئة وهي بدورها تمتاز بالجدوى اقتصادية عالية لانخفاض التكلفة وتوفرها، ولانها تحرر تلك الدول من عبودية النفط بشكل أساسي وعدم الاعتماد عليه،
وعليه فان البحث واعتماد مصادر وموارد طبيعية جديدة غير المصادر النفطية، حاجة أصبحت ملحة وأساسية لمواكبة التطور العالمي للصناعات من جهة، وللحد من الانبعاثات السامة من جهة أخرى
والجري نحو اللحاق بخطة العالم المستدامة 2050

-الجانب الإعلامي

يتحمل الإعلام مسؤولية كبرى في اثارة هذا الموضوع تسليط الضوء على مضار التلوث البيئي والممارسات الخاطئة للبشر، مما ادى الى التقلبات المناخية التي تشهدها الارض
ولذلك يحتاج ملف (العناية بالبيئة) مساحةاكبر من على منصات الإعلام على مختلف أنواعه من مقروء ومسموع ومرئي وعلى كل الجهات الإعلامية ونقصد بها المؤسسات الإعلامية بصورة خاصة ، والوجوه الإعلامية من فنانين ورياضين ومشاهير عبر وسائل الإعلام ان ياخذوا دورهم في تحمل مسؤولية تثقيف المجتمع من مخاطر العبث البيئي،

كذلك تحتاج (الثقافة الوبائية)
الى خلق مفاهيم جديدة تهتم وتعي اهمية الحفاظ على البيئة ومخاطر العبث بها وهذا لا يكون الا بإدخال موضوع البيئة ضمن المنهاج الدراسي للطلبة، على ان يرافقهم من الصفوف الاولى ولغاية الصفوف الجامعية، لاهمية الموضوع وخطورته كونه يمثل مستقبل الانسان

-الجانب الاقتصادي

ان الرؤية الاقتصادية العالمية لمستقبل الاقتصاديات، لم تجعل النفط ضمن حساباتها، لانها في بحث دائم عن عناصر طبيعية بديلة، وياتي الكاربون (co 2) في مقدمة العناصر التي ستحتل مكانة كبيرة من الأهمية، كونه العنصر الأكثر تواجد في الطبيعة نتيجة البواعث الغازية السامة، وهذا ما سيجعله عنصر التحدي للعلماء لتحويله من عنصر سام ضار الى عنصر اكثر فاعلية وفائدة (في كيفية علمية خاصة لسنا الان في صدد شرحها)

وعليه فان الدول النفطية عليها ان تعي هذه المسألة، وان تؤمن بفكرة التأقلم والتكيف بدل من التمسك بالأساليب القديمة، فهي أمام ثلاث خيارات
الاول اجراء التعديل اللازم في عملياتها الاستخراجية وجعلتها اكثر ملائمة للبيئة، للحد من الانبعاثات
الثاني/ التفكير في تنويع مصادر الطاقة والجنوح نحو المصادر النظيفة وجعل الأولوية لها
اما الخيار الثالث/ فعلى الدول النفطية استنفار كل جهودها في استخراج واستثمار الخزين النفطي كونه مازال يحتفظ بقيمته الاقتصادية، لانه سيفقد هذه القيمة ويصبح عبئ في القريب العاجل، كونه سيصبح مصدر غير نظيف، والعالم اصبح نظيف بالكامل.

الجانب السياسي
لا يحظى موضوع البيئة، وما تعانيه من تلوثات وتبعاتها من تقلبات مناخية، باهتمام جدي من قبل الجانب الحكومي، والسبب ربما الاعتقاد ان مفهوم الحفاظ على البيىئة هو مفهوم ثانوي، لا ينافس الملفات الرئيسية التي في تماس مباشر مع الانسان، في حين ان الأمن البيئي وهو مصطلح يقصد به الحفاظ على بيئة مناسبة لعيش الانسان، من المواضيع الأساسية والمهمة كونها تهدد الوجود الإنساني وبقائه على الارض، وعدم الاكتراث به يعرض مستقبل الأجيال القادمة الى خطر حقيقي، بل سيرثون بيئة قاسية لا تمتلك مقومات العيش الطبيعية فيها.
ان الجانب الحكومي يتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية الحفاظ على البيئة من خلال سن القوانين التي تصب في خلق بيئة اكثر ملائمة للعيش، وتشريع قوانين صارمة ورادعة للمتسببين في تلوث البيئة و إيلاء هذا الملف الاهتمام الكافي، الذي بدوره سينهض به

ان الجهود الحكومية القادمة، يجب ان تسلط على ملف البيئة، وجعله من الملفات الحساسة خصوصا ونحن نشهد دورة انتخابية جديدة، فهي فرصة للحكومة الجديدة ان تجعل ملف البيئة متضمن أولوياتها و الى (رسم سياسة بيئية جديدة)تتناسب مع المفهوم العالمي للتنمية المستدامة،