لا أريد أن أجعل من نفسي واعظاً ولا مرشداً دينياً ، ولست بأسلامياً بما تعنيه الكلمه ، أي صفه أسلاميةٍ أدعيها لنفسي وقد تشظى المسلمون كانفجارٍ كونيٍ كبير كما يدعي الباحثون في علم الفلك .
ولا أريد أن أخوض في علم الديانات و المذاهب لأنها كلها حقيقتها جاءت من أجل بناء المجتمع وتنظيم حياته ، هذهِ حقيقة لا يختلف عليها الجميع مهما تعددت الرؤى والأفكار .
ولكل ديانة أو طائفةٍ أو مذهبٍ طقوساً معينة ً للعبادة وشعائراً ترتبط بديانتهم بشكلِ مباشر أو غير مباشر يمارسونها بما تقتضيه عليهم ديانتهم ، وهذه الشعائر لها اثر روحي وأخلاقي على من يمارسها من المتدينين شريطة أن تمارس تلك الشعائر بشكل حضاري ، لا يكون فيه ضرر ولا ضرارعلى المجتمع والبيئه في آن واحد كما يفعلون في بعض الديانات القديمه من تقديم نفسٍ بشريةٍ كقرباناً لآلهتهم فيذبحونها على أعتابها .
وتتعدد الشعائر والطقوس في كل الديانات التي سبقت الدين الأسلامي الذي يختلف تماما عن باقي الديانات من ناحية الشعائر والطقوس العباديه لأسباب أهمها هو أن الكتاب المنزل على رسول الله محمد (ص) وهو القران الكريم لم يحرف وهذا أمرٌ مسلم بهِ كقول الله تعالى : ( انا نحن نزلنا الذكر انا له لحافضون ) الأمر الآخر أن الرسول الكريم جاء رحمة ً للعالمين (وما أرسلناك الا رحمة ً للعالمين ) ، (وانك لعلى خلق خلقٍ عظيم ) وقال رسول الله (ص) : ما بعثتُ الا لأتمم مكارم الأخلاق .
وكذلك أئمتنا عليهم أفضل الصلاة والسلام الذين هم مصدر الألهام الفكري والأخلاقي لكل المسلمين وغير المسلمين ولا يقتصر عطائهم على فئةٍ معينةٍ أو طائفتةٍ معينه فهم كالشمس تشعُ أنوارهم على الكافرِ والمؤمن على حدٍ سواء .
فالشعائر الدينية يجب أن تمارس بشكل حضاري ولا تتقاطع مع الدين والأحكام الشرعية ، يجب أن تطبق بأهتمام بالغ بأعتبار ان غالبية الشعائر تمارس بشكل جماهيري ويشاهدها العالم كله من خلال فضائيات العدو والصديق .
بالرغم من ان الزيارات من الشعائر المستحبة والغير واجبة ، ولو سلمنا ان المسير على الأقدام الى مراقد الأئمة في مواسم الزيارات هي شعيرة دينية وبالرغم من القرآن الكريم لم يحثنا عليها ولا السنة النبوية ، ولو تجاوزنا الهدف والغرض منها فيجب علينا أن نكون بمستوى المسؤولية لا أن نرتكب المحرمات والآثام التي تبعدنا عن الهدف من تلك الزيارة وكسب الأجر والثواب .
ظواهر سلبية جداً تمارس في أوقات الزيارات تتقاطع مع ما أمر الله بهِ من الأحكام الشرعية ، ولقد شاهدت هذه الظواهر بأم عيني وكنت اسمع بكل هذه السلبيات ، وبصراحة في حياتي لم اذهب لزيارة أيٍ من الأئمة (ع) سيراً على الأقدام لقناعتي بأن الذي يقربني من الأمام أو يبعدني عنه هو التقوى والسلوك الحسن وان نتبع ما سار عليه أئمتنا (ع) في طريق الله .
ذهبت لزيارة الأمام الحسين (ع) سيراً على الأقدام أنا وبعض الأخوان وكان الهدف منها وجه الله تعالى والوقوف على حقيقة مايجري في هذه المناسبات ، ومن هذه السلبيات ظاهرة قطع الشوارع من قبل القائمين على المواكب بشكل عشوائي وفوضوي وهذا يخالف قول الرسول (ص) : رحم الله من أزال حجراً في طريق المسلمين ، الأسراف والتبذير المبالغ فيه في تقديم المأكولات والمشروبات وكان أولى بهذه الأموال المرضى والفقراء واليتامى والمساكين حيث قال الله تعالى (ولا تسرفوا ان الله لا يحب المسرفين) ، النفايات التي تملأ الشوارع والمختلطة مع بقايا الطعام من رز وخبز وغير ذلك ، أصوات مكبرات الصوت التي تفقأ الآذان وتصمها ليلا ً نهارا ًولا تبتعد الواحدة عن الأخرى الا بضعُ متراتٍ وفي مناطق قد لا يشاركوننا ساكنيها هذا الكرنفال السنوي ، النساء اللاتي يرتدين العباءة الخليجيه التي تبرز معالم أجسادهن – مع جل احترامي لأخواتنا الزائرات – وأختلاطهن بالرجال ونومهن بالحدائق والطرقات العامه بشكل غير لائق ولم يتحلين بقول سيدة العفاف الزهراء(ع): (خيرٌ للمراة أن لا ترى الرجل ولا الرجل يراها) والشباب الذين تزينوا وخرجوا بكامل زينتهم وكأنهم ذاهبين الى حديقةٍ عامةٍ أو متنزهٍ سياحي ويحيطون بالنساء أينما وجدوا تجمعا ً لهنَ ، ثم شاهدت طوابيرا ً يقفون على موائدِ الطعام ولم أشاهد طوابيرا ً يقفون للصلاة ، وكان أحد الشبان واقفا ً أمام حسينية الأنصار وقت صلاة المغرب يصيح بأعلى صوته ” الصلاة الصلاة يا زوار ” ولم يكترث أحدا ً لهُ ، وبعد الحسينية بعدة أمتار يقف صاحب موكب ٍ ويصيح ” كباب يا زوار كباب في سبيل الحسين ” والكل أتجه صوبهُ وهذه ليست نكتة ولي شهودٌ على ذلك .
وبما أننا في شهر محرم الحرام شهر الحسين شهر الشهادة والكرامة والحرية أقول : إن كل عمل أو فعل يتقاطع مع مباديء وخط الأئمة (ع) هو عملٌ ليس له علاقة بالشعائر الدينية مهما كان الهدف منه وكلما ابتعدنا عن هذه التشوهات أعطينا للدين والمذهب صورته الحقيقية وبذلك نكون قد اقتربنا من خط الأئمة (ع) الذي هو خط الله تعالى وحبله الممتد الى السماء( وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) .