اكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ان العراق عربي وامتداده الطبيعي هو الدول العربية، وهذا التأكيد جاء عشية سفره الى المملكة العربية السعودية بناءً على دعوة – قيل إنها مقدمة من الملك سلمان عبر اتصال هاتفي –
لا احد يختلف على عروبة العراق ، كما لا احد ينفي الانتماء العربي للعراق .
لكن ربما يختلف البعض على مصطلح الحاضنة العربية أو الحضن العربي، الذي يشير الى عمق العلاقة العراقية العربية بالظاهر ، لكن الواقع يقول شيئاً اخر .
استقبل الكاظمي استقبالاً كبيراً في السعودية متمثلاً بولي العهد محمد بن سلمان ، رغم ان الدعوة كانت من الملك سلمان ،لكن الكاظمي لم يلتقِ الملك ولم يكن في جدول الزيارة لقاؤه .
هذا الاستقبال الكبير وتوقيع الاتفاقات ومذكرات التفاهم الخمس لم يعكس التوجه الحقيقي للسعودية في تصحيح العلاقة بين البلدين ، فمازال الاعلام السعودي يستفز الشارع العراقي.
كما ان المملكة تريد من العراق ان تكون علاقتها معه على حساب العلاقة مع ايران، كما تريد السعودية ان يلعب الكاظمي دور الشرطي ” بتقليم أظافر مليشيات ايران والحد من نفوذها داخل العراق” .
فالدعم السعودي للعراق مشروط، أي ان كل الاتفاقات والصندوق الاستثماري ذي المليارات الثلاثة الذي اعلن عنه في زيارة السيد الكاظمي لن يتحقق مالم ينفذ الكاظمي الشروط السعودية .
فهذه ليست المرة الاولى التي تعلن المملكة فيها حُزَمَ الدعم الفضائي للعراق ، لكن الواقع لم يشهد أيّاً من هذه الوعود ، فلا ملعب ولا مدينة رياضية ولا ربط كهربائي بالشبكة الخليجية ولا دعم اعلاميين ولا هم يحزنون .
رغم ان الشارع العراقي بالاغلب لم ولن يعارض أي تقارب عربي عراقي ، إلا ان التباطؤ وعدم الثقة بين الطرفين. تجعل الآخر متعثراً .
فبدل ان تربط السعودية دعمها بالوقوف بوجه النفوذ الايراني ،عليها ان تصنع البديل على الارض الذي سيحفز على المقارنة بين دور ايران ودور العرب في الوقوف مع العراقيين وتدعم الكاظمي بشكل فعلي تجعله قادراً ان يتحدى ايران بكل قوة.
فبعض النجاحات في الملف الاقتصادي والاستثماري كفيلة في تغيير الصورة النمطية عن الدور السعودي والعربي بشكل عام .
فالعراق يحتاج الى فرص عمل لشبّانه الذين يعانون من البطالة، والحكومة لديها مشاكل كبيرة في هذا الجانب ، فالسعودية وبقدرتها الجبارة قادرة ان تفتح فروعاً لشركة المراعي العملاقة بدلاً من تصدير منتجاتها الى العراق. لتوفر بالوقت ذاته فرص عمل وتستغل الثروة العراقية في هذا المجال.
السعودية وبتأثيرها السياسي الكبير قادرة ان تحظ دول خليجية وشركات مثل اعمار القابضة الاماراتية ، وقطر القابضة. والمملكة القابضة وغيرها في اعادة اعمار العراق وتقدم استثمارات في الطرق والفنادق والمصانع .
وليس هذا مجاناً او هدايا تقدم للعراق، لا بل هو استثمارات مدفوعة والعراق بلد غني لا يحتاج الى مساعدات مالية، كل ما يحتاجه ان يقف اخوته معه لرفع المعاناة عن شعبه .
ان تمكين الكاظمي لا يكمن في توقيع اتفاقات ومذكرات تفاهم ، تبقى حبراً على ورق ، بل يحتاج الى دعم فعلي على ارض الواقع .
ماذا يستفيد العراق مثلاً من فتح معبر حدودي غير مدخول بسيط لا يغني ولا يسمن من جوع ، ولعل الفائدة الكبرى سيجنيها الجانب السعودي بتسهيل نقل البضائع المصدرة للعراق .
الحضن العربي يجب ان يكون دافئاً كي يشعر العراقيون بـحميميته واخوته الفعلية .
الكاظمي لا يمكن ان يقاتل دون سلاح ولا يمكن ان يقف بوجه ايران كما تريد السعودية وهو اعزل.
فالجولات والاستعراضات في شوارع الرياض والعمرة في مكة لا تغير من الواقع بقدر من سيتغير من خلال خطوات عملية ملموسة.
العراق العربي يريد ان يشعر بانتمائه الحقيقي لهذه الامة ، العراق العربي هو المتفاعل مع محيطه بقوة.
لا ان يستجدي بطولة كروية من هنا ودعماً من هناك ، واذا كان الصديق وقت الضيق فما بالك بالاخ وقت الشدة .
فقد قالت العرب قديماً
اخاك اخاك انَّ مَنْ لا أخاً له
كساعٍ الى الهيجا بغيرِ سلاحِ .