24 نوفمبر، 2024 10:01 م
Search
Close this search box.

ينسون الرؤوس ويفرّقون شعرها!!

ينسون الرؤوس ويفرّقون شعرها!!

عندما يتحدث الشخص عن تفاصيل لا جدوى فيها يُقال له في المجتمعات الغربية : ” لا تفرّق الشَعَر” , وفي واقعنا الذي يهرسنا , ويجرشنا , ويطحننا , ويعجننا , ويخبزنا كما يشتهي ويشاء , وينتجنا أشكالا متوافقة مع مصالحه وأهدافه الخفية والعلنية , تجدنا نمعن بالتيهان في التفاصيل ونبتعد عن الغاية المبيتة لنا.
ولهذا يكون ديدننا الإفساد ونطالب الدهر بإصلاح ما أفسدناه , وإستحضرناه من التداعيات والويلات المريرات.
ترى لماذا ننزلق للتفاصيل , ونغض الطرف عن مُقرِّرات المصير؟
يبدو وكأنه نوع من السلوك الهروبي الذي يشغلنا بصغائر الأمور فنبتعد عن عظائمها , ونتوهم بأننا نفعل ما يجب أن نقوم به , ونترك الحبل على غاربه , حتى تتراكم الملمات وتتأزم المشكلات , وفي صلب ما نمارسه نصب الزيت على النيران المستعرة فينا.
ففي الغوص بالتفاصيل نكران للمشكلة , وتبرير لوجودها وتعزيزها , وإسقاط أسبابها على الآخر , ومحاولة لخداع النفس وتحرير الضمير من الخطيئة والإثم.
كما أنه نوع من الإشباع الذاتي , وإقناع للنفس بأن صاحبها يدري , ولديه معرفة بخفايا الأمور وبواطنها وما يتصل بها , فليس المهم المشكلة وكيف نجد لها حلا , بل الأهم الخوض في تفاصيلها المعوِّقة لأي حل.
فالمنشور في الصحف والمواقع يُظهِر الخوض في التفاصيل المملة , والإبتعاد عن صلب الموضوع وجوهر الحالة التي يدور حولها , ويتحاشى عبابها , فترانا أمام سيل متدفق من الهذيانات المنهمكة بتفاصيل خالية من قدرات الرسو على مرفئ أو الوصول إلى ميناء أمين.
إن الذي يرغب بحل مشكلة عليه أن يمسكها من رأسها , لا أن يفرق شعر رأسها , ذلك يعني أن يتفاعل بدراية وعلمية ومنهجية مع أسبابها الحقيقية , ويشخصها بوضوح , ويضع العلاجات المتوافقة معها في الظرف الزماني والمكاني , لا أن يؤجلها بالتيهان في التفاصيل التي أوجدها رأس المشكلة.
فهذا الوعي للتحدي الذي تواجهه المجتمعات يحفز العقول للوصول إلى حلول ذات قيمة تراعي المصالح المشتركة , وتبعدها عن المنزلقات التي تهدر طاقتها وتبدد قدراتها وتصيبها بخسران كبير.
فهل من قدرة على التعاطي مع صلب الموضوع؟!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات