من الظواهر الفاعلة في مسيرة الأمة , المسميات التي لا تقبل النظر العقلي , وتكون مؤطرة بإنفعالية عالية , ومتمترسة بأغلفة عاطفية تعمي الأبصار.
وهنك ميل منفعل نحو التجني بالتسمي , والإسراع بإطلاق الأحكام المسبقة دون فحص وتمحيص وتقييم وتقدير , فهذا كافر , وذاك زنديق , وغيره مستبد , والآخر طاغية , والتسميات تشمل الأفراد والجماعات , ووفقا لنمطياتها وتشكيلاتها يتم التعامل معها.
فهذا كذا وإنتهى الأمر , ولا توجد أدلة قطعية على أنه كذلك , بل أن ما يقدمه يتنافى مع المُسمى الملصق به أو المأسور فيه , وما أن تسلط أضواء العقل على الموضوع حتى تثور بوجهك عاصفة هوجاء من ردود الأفعال الغريبة المبنية على مفردات إنفعالية , تغذت من روافد الكراهية والبغضاء والشحناء.
وتجد نفسك متحيرا ومتعجبا من الإنقداح المتأجج اللهّاب , المنبثق من أعماق المتحاملين على المسمى المقصود أو المشار إليه , من بعيد أو قريب.
أي أن التسميات مطلقة وراسخة وتمثل الحقيقة , وغيرها مرفوض وعدوان يستحق المواجهة بعنفوان وإمتهان.
وعندما تسأل عن التقييم العقلي لما يُذهَب إليه , تكون أنت معه وضدهم , وهذه هي الأصولية بعينها الفاعلة في دنيانا , والمؤثرة في مواقفنا وتعاملنا مع التحديات.
أنت معي أو أنت عدوي , عليك أن تتبع رؤيتي أو أفرضها عليك بشتى الوسائل!!
هكذا تجري الأمور , ويعاني منها صاحب الحرية في التفكير والنظر , لأن المفروض أن تتجسد التبعية ويتعطل العقل , وتكون الحياة في القطيع , والإجماع هو الخصم والحكم.
وكأن البشر بعقل واحد , ولا يجوز لعقل أن ينظر ويتبصّر ويتفكّر ويتدبّر , ففي الإجماع ما هو مقبول ومُشاع , وغيره مرفوض لأنه بدعة وخُداع.
فلماذا لا نحترم العقل ونرى بعيون النواهي والأذهان؟!!