خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
وصل إلى “طهران”، ظهر الجمعة، “وانغ يي” وزير الخارجية الصيني. ووفق الأوساط الخبرية والسياسية فالهدف الرئيس من الزيارة، التي تستمر يومين، في إطار جولة دبلوماسية للوزير الصيني في الشرق الأوسط، هو التوقيع على اتفاقية التعاون الإستراتيجية.
وينتقد البعض، هذه الاتفاقية، ويشبهها باتفاقية “ترکمنچاي”؛ وفيها تنازلت “الدولة القاجارية”، في “إيران” عن إقليمي “إيروان” و”نججوان” لصالح “روسيا”.
في المقابل؛ يرى آخرون أن الاتفاقية من شأنها ضخ دماء جديدة في العلاقات الخارجية، بجميع المستويات التجارية والدبلوماسية الإيرانية.
والسؤال: إلى أي اتجاه سوف تنحو العلاقات “الإيرانية-الصينية”؛ بالتوقيع على الاتفاقية ؟.. وهل يؤثر هذا الحجم من التعاون المتنوع والشامل والإسترايتجي طويل الأمد نتيجة الاتفاقية، على السياسة والأمن والدبلوماسية الإيرانية ؟..
وفي هذا الصدد؛ أجرى “عبدالرحمن فتح إلهي”، من موقع (الدبلوماسية الإيرانية)، المقرب من “وزارة الخارجية”، الحوار التالي مع؛ “وحيد جلال زاده”، البرلماني وعضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، لإلقاء المزيد من الضوء على أبعاد زيارة “وانغ يي”، لـ”الجمهورية الإيرانية”، وتأثير التوقيع على اتفاقية التعاون الإستراتيجي بين الجانبين على “إيران”…
علاقة لها تاريخ بـ”الثورة الإيرانية”..
“الدبلوماسية الإيرانية” : إلى أي مدى قد يكون التوقيع النهائي على الاتفاقية أحد أهداف وجود وزير الخارجية الصيني في “طهران” ؟.. وهل يمكن أن يكون لـ”إيران” أهداف أخرى من الزيارة، خاصة وأن الزيارة تأتي في إطار جولة دبلوماسية صينية في الشرق الأوسط، بدأت بـ”السعودية وتركيا”؛ تلاها “إيران” ثم “الإمارات والبحرين وعُمان” ؟
“وحيد جلال زاده” : قبل أي شيء يجب الإشارة إلى أن “الصين” كانت من جملة الدول التي حافظت على علاقاتها مع “إيران” بعد الثورة. وبعد انتهاء الحرب “العراقية-الإيرانية”؛ زار وفد إيراني “جمهورية الصين الشعبية” للوصول بالعلاقات الثنائية إلى المستوى المطلوب.
الطرفين في حاجة إلى العلاقات الإستراتيجية..
والمتغير الرئيس في السياسات الخارجية الإيرانية؛ هو المواجهة مع “الولايات المتحدة”. وبعد تحول “الصين” تدريجيًا إلى أشد منافس لـ”الولايات المتحدة”، على نحو يجعل “البيت الأبيض”، يصنف “بكين”، كعدو إستراتيجي.
وقد أدت المواجهات الأميركية المتزامنة، مع “الصين” و”إيران”، في تفكير الجانبين برفع مستوى العلاقات. خاصة وأن المتطلبات الجيوجغرافية والجيوسياسية الإيرانية، في منطقة الشرق الأوسط، تحوز أهمية قصوى بالنسبة لـ”الصين”.
ومما لا شك فيه أن “إيران” تميل بشدة إلى رفع مستوى العلاقات مع “الصين”، التي تحولت إلى واحدة من أهم القوى الاقتصادية، والسياسية، والتجارية، والصناعية في العالم. وبغض النظر عن اتفاقية التعاون الإستراتيجي، فإن مستوى العلاقات يستدعي الإرتقاء إلى المستوى الإستراتيجي، لأن كلا الطرفين بحاجة إلى استمرار وتعميق العلاقات.
خطيئة السياسات الخارجية الإيرانية !
كما أن للطرفين ميول حقيقية، بخصوص الإرتقاء بالعلاقات إلى المستوى الإستراتيجي، لكن للأسف إنحرف مسار السياسة الخارجية الإيرانية، في بعض الفترات، (مثل الحكومات الحادية عشر والثانية عشر)، عن مشروع التوجه للشرق، والإصرار على وضع كل البيض في سلة “الاتفاق النووي”، قضى على مساعي تعميق العلاقات مع دول الجوار وإتباع سياسة التوجه نحو الشرق، وأضحى “جون كيري”، وزير الخارجية الأميركي، والابتسامات الأوروبية، أولوية إيرانية في السياسات الخارجية.
حاجة الصين إلى إيران..
عمومًا؛ للإجابة على سؤالكم يجب القول: الهدف الرئيس من وجود وزير الخارجية الصيني، في “طهران”، هو بالتأكيد التوقيع على اتفاقية التعاون الإستراتيجي، مدة 25 عامًا بين البلدين.
لأنه لو كان الرأى العام العالمي يذكر “بكين” باعتبارها قوة اقتصادية وتجارية وصناعية عالمية، لكن المؤكد في ضوء إستراتيجية السياسات الخارجية الأميركية الجديدة، التي تقوم على المواجهة ضد “الصين” على كافة المستويات، تضع “الصين” في حاجة إلى “إيران”، لاسيما وأن إدارة “جو بايدن” تستشعر على نحو أكبر، حاجة “الصين” إلى “إيران”.
ومراعاة الملاحظات التي تفضلتم بالإشارة إليها في سؤالكم، يؤكد أن جولة وزير الخارجية الصيني الدبلوماسية في الشرق الأوسط؛ تستهدف تعميق النفوذ وتطوير العلاقات مع دول الشرق الأوسط من “تركيا” و”السعودية”، وحتى “إيران وعُمان والبحرين والإمارات”، حتى تتمكن “بكين” من مضاعفة ثقلها السياسي، والدبلوماسي، والأمني، والاقتصادي والتجاري، وبخاصة مع إحتدام المواجهات ضد التحركات الأميركية التخريبية في جنوب شرق آسيا.
أي يسعى الصينيون إلى رفع مستوى النفوذ في منطقة الشرق الأوسط الحساسة والإستراتيجية، كما يفكر الأميركيون في حصار “بكين”؛ من خلال رفع مستويات التواجد بالمنطقة المحيطة بـ”الصين”.