في القاهرة الخديوية وفي الشوارع الجانبية في المنطقة التي تقع بين حى عابدين الشهير في القاهرة وبين ميدان العتبة الذي يبرز فيه تمثال إبراهيم باشا فوق حصانه الذي لم يتحرك من فوقه منذ عقود، ينتشر السودانيون في مصر لأغراض مختلفة من بينها التجارة والعلاج ولكن مؤخرا ظهرت طبقة عاملة سوادنية مقيمة في مصر تعمل في المدن الصناعية على أطراف القاهرة مثل السادس من أكتوبر والعاشر من رمضان ولكنها تعود دائما إلى مركز تجمع السودانيون في وسط القاهرة ولكن هؤلاء يحكون عن تعرضهم للاستغلال في المصانع التي تجبرهم على العمل 16 ساعة يوميا بدون راحة مقابل رواتب زهيدة .
وفي مقاهي بسيطة يجلس سودانيون يتحدثون بمرارة عما يتعرض لهم بعضهم من احتيال أو حتي من تدفعه الظروف ليقع ضحية عصابات تجارة الأعضاء، ومع ما يتعرض له السودانيون من تحرش وممارسات عنصرية يومية في الشارع المصري. كان من المثير للانتباه هو تزايد حركة السفر بين البلدين وفي نفس الوقت تزايد العداء بين القطاعات الشابة في الشعبين السوداني والمصري بشكل لم يكون موجودا من قبل. وهو ما ينذر بعداء متصاعد بين الشعبين يمكن أن تستغله أطراف خارجية في غير صالح البلدين.
منصور الصويم الروائي السوداني المعروف يقول تعليقا على هذه الأجواء أن هناك أسبابا سياسية واجتماعية قد تظهر حساسية بين الشعبين في الفترة الأخيرة، وأبرز هذه الأسباب هى النزاع الذي لا يزال معلقا بين البلدين حول مثلث حلايب والشلاتين، ولكن في نفس الوقت يأخذ الصويم على بعض الإعلاميين المصريين هجومهم على الشعب السوداني وسخريتهم منها في بعض الأحيان.
ولكن الصويم يطالب في نفس الوقت بالعمل على تفعيل اتفاقية الحريات الأربع الموقعة عام 2004 بشكل كامل حتى وإن كان تدريجيًا مما يسمح بحرية تنقّل أكبر للمواطنين عبر الحدود. مشيرا إلى أن الأوضاع الراهنة تلزم كل سوداني لم يبلغ الخمسين من عمره على الحصول على تأشيرة دخول لمصر كما تفرض غرامات باهظة في حالات تجاوز مدة التأشيرة والإقامة في مصر بدون تصريح جديد للإقامة . في نفس الوقت فإن الصويم يشير إلى أن طالما أن النزاع حول مثلث حلايب لايزال معلقا بدون حلول،فإن احتمالية نشوب صراعات أكثر خطورة بين مصر والسودان تظل قائمة . كما ستظهر احتمالات جديدة لتصعيد النزاع بين البلدين في حالة اتجاه مصر لاستغلال الموارد الطبيعية في حلايب وشلاتين بشكل أكبر خلال الفترة القادمة.