تجري يوم الثلاثاء الوشيك الثالث والعشرين من آذار انتخابات الكنيست للدورة الرابعة والعشرين، وذلك للمرة الرابعة على التوالي في أقل من عامين.
وتختلف هذه الانتخابات عن سابقاتها، حيث نشهد غزلًا سياسيًا من قبل الاحزاب الصهيونية بكل تشكيلاتها للعرب، وغزوها غير المسبوق للوسط العربي، بهدف تزوير إرادة الناخب العربي واقتناص الأصوات العربية. في حين تخوض جماهيرنا العربية بقائمتين مع نهجين سياسيين مختلفين، هما القائمة المشتركة بمركباتها الثلاثة، والقائمة العربية لوحدها.
لقد قامت القائمة المشتركة وتشكلت في العام 2015 كرد فعل مباشر على نسبة الحسم واضطراريًا، وهذا الأمر التقى مع طموحات وآمال ومطالبات من قبل أوساط واسعة من القطاعات الشعبية بضرورة وحدة العمل البرلماني، وزيادة الوزن الكمي والنوعي والعددي المؤثر لجماهيرنا العربية، لتحقيق المطالب وانجاز الحقوق المشروعة لشعبنا.
وجاء رفع نسبة الحسم حينئذ من منطلقات عنصرية، ولمنع وصول أعضاء عرب للكنيست، ولكن جاء الرد على ذلك وحدويًا ومدويًا، بدعم القائمة المشتركة بمركباتها الاربعة، ونجحت جماهيرنا بإيصال 15 عضو كنيست في الانتخابات الماضية.
وفي حقيقة الأمر أن القائمة المشتركة لم تكن قائمة مثالية ومتكاملة ومتكافئة ومتجانسة، بل كان هناك الكثير من الفوارق الايديولوجية والاختلافات الفكرية والقناعات السياسية والهشاشة التنظيمية وفي الأداء العام بين مركباتها.
ولكن كان من الضروري جدًا أن تواجه انتقادات لقراراتها ومواقعها وسلوكها وادائها، أو حدود مسؤوليتها، وذلك من باب النقد والنقد الذاتي، ولكن لا يمكن انتقادها على ما تستطيع القيام به وتحميلها المسؤولية عن تفشي العنف والجريمة المنظمة، أو عن هدم البيوت العربية مثلًا.
لا شك ان أداء بعض اعضاء المشتركة ضعيف، ولم يرض عنه قسم من أبناء شعبنا، ولكن انقسامها وتفككها، وتمسك الكثير من أعضائها بالكرسي، أدى إلى تصاعد التذمر لدى الناس إلى درجة الاحباط. ونتيجة التراشق الكلامي والمهاترات الفيسبوكية، وعدم ارتقاء الدعاية الانتخابية إلى مستوى عالٍ، كل ذلك ربما سيدفع بالكثيرين إلى عدم التصويت، ما سيؤدي إلى هبوط نسبة المصوتين في المجتمع العربي.
جماهيرنا العربية تعاني وتواجه الكثير من القضايا الحارقة، التي تحتاج إلى طرحها من على منبر الكنيست وتكثيف النضال لأجل تحقيق المطالب اليومية والحقوق المشروعة والعادلة، ولكن ليس على حساب القضايا الوطنية، بل على أساس متكافئ بالدفاع عن شعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة، ورفض استمرار الاحتلال ومواجهة الاستيطان والضم الاحتلالي. وهذا يتطلب إيصال المزيد من أعضاء الكنيست العرب للبرلمان، كي يكون الصوت مؤثرًا. ولذلك من الاهمية القصوى رفع نسبة التصويت في المجتمع العربي للقائمتين المتنافستين المشتركة والعربية الموحدة، وهذا هو الخطاب الذي يجب أن يسود غداة الانتخابات، ووقف خطاب الإقصاء والتكفير والتخوين. وان غدًا لناظره قريب.