في مثل هذا اليوم، تحديدا في ١٦ آذار من العام ١٩٨٨ تعرضت مدينة حلبجة لهجوم كيماوي من قبل النظام العراقي السابق، أدى الهجوم الوحشي إلى مقتل حوالي خمسة آلاف شخص في ذات اليوم، معظمهم من النساء والأطفال، ناهيك عن الإصابات الخطيرة والمضاعفات التي أدت فيما بعد إلى وفاة آلاف المصابين.
لا شك أنّ هذه الجريمة تعتبر من أبشع الجرائم العرقية التي اُرتكبت في التاريخ البشري الحديث ، ومرتكبو هذه الجريمة ذهبوا إلى مزبلة التاريخ، وأيضا إحياء هذه الفاجعة في كل سنة يعتبر واجبا أخلاقيا وإنسانيا تجاه الضحايا، وأهاليهم الذين عانوا الأمرين .
لكن البكاء على الأطلال وحده لا يعطي لأهالي الضحايا حقوقهم، فهم اليوم بأمس الحاجة إلى ترجمة التعاطف المعنوي والافتراضي إلى تعاطف واقعي ملموس من خلال تطوير البنى التحتية للمدينة، وكذلك تعويضهم ماديا ، ومساعدتهم على طي صفحة الماضي الأسود، وتحويل مدينتهم المفجوعة إلى بستان جميل وأنيق يعمه السلام والمحبة والوئام.
إنّ البيانات التي تخرج من هنا وهناك والشعارات الرنانة والبراقة لم ولن ترد لهم اعتبارهم، فحال المدينة اليوم يرثى له ، إذ لم نرَ أي ترجمة للبيانات الفانتازيا التي تخرج، منذ ٣٣ عاما، من مكاتب الأحزاب السياسية والمنظمات الإنسانية على أرض الواقع، بل على العكس كأنّهم يؤدون واجبا مملا، في كل سنة يتذكرون الفاجعة، ثم سرعان ما ينسونها، ويطون صفحتها، ويهملونها كأنّ شيئا لم يكن. هذه المدينة بحاجة إلى إهتمام أكبر على مختلف الصعد، اهتمام إنساني يوازي حجم الضرر الذي تعرضت له.